عن مركز الأهرام للنشر صدرت رواية قيس ونيللي للروائي الراحل محمد ناجي, وهي أول إصدار في سلسلة جديدة هي روايات الأهرام. يرصد ناجي حالة المجتمع المصري والعربي في فترة حرب الخليج الثانية وسقوط بغداد وخاصة سقوط صدام حسين وحادثة سقوط تمثاله في مشهد مريع. تدور الرواية حول شخصية نيللي الفتاة التي تترك بلدتها لتكمل تعليمها ولكن تتخلي عن حلمها وتترك الجامعة لتعمل سكرتيرة وخادمة مقيمة عند فنان تشكيلي محبط أعزب وتعدي الستين هو بكري أو بيكو كما تحب أن تطلق عليه نيللي وأحيانا تنعته بألفاظ أخري. الرواية ايضا تتحدث عن قصة حب معقدة بين نيللي وشاب آخر هو قيس ليس أكثر من خادم لبكري واصدقائه, وتتشابك وتتصادم طموحات قيس ونيللي, كل منهما حول الآخر ولكن الرواية تصل لنهاية مأساوية. وتغرق جلسات السمر في شقة بكري الفنان التشكيلي في الحديث عن الفساد والسياسة, وليس أصدقاء بكري وخادمه وسكرتيرته سوي شخصيات محبطة وصولية تبحث عن فرصة للخروج في ظل أنسداد الافق وتحت ظل وضع سياسي وأجتماعي محبط وفاسد. قيس يبحث عن ابيه الذي سافر للعراق و لن يعود حتي الحوالة التي كان يرسلها له لم تعد تصل, وهو ليس أكثر من عامل سويتش في صحيفة كبري يستغله رئيس الجريدة ليكتب له مقالات بدلا منه. أما نيللي فهي تبحث عن فرصة لان تكون ممثلة ولكنها سرعان ما تفقد شرفها بشكل عبثي وتدخل في مرض يعجزها وتفقد معه كل احلامها. ويزداد التعقيد في شخصية بكري كونه فنانا ماركسيا عدميا هرب منه الابداع ولا يحييه غير الجنس العابر بينما يحلم بعودة أبنه الذي أختطفته زوجته الالمانية. الرواية مليئة بالشخصيات المهشمة مثل شخصية جمهور السيدة التي تتحكم في حركة الجمهور في حفلات التوك شو فهي تمثل الحكمة الكاذبة والتقوي المزيفة, وتنتهز فرصة مرض نيللي للتسلل بخبث والزواج من بكري لترث شقته وماله. الرواية هي حلم و كابوس في نفس الوقت, حلم بالتحقق في الحياة وكابوس النهاية المفجعة لأبطالها, وتكاد الرواية تكون معالجة حديثة لقصة الحب البائسة لقيس وليلي ولكن في عصر الماديات والحروب. ولغة الحكي والسرد في الرواية شاعرية وراقية وتتضمن مقاطع تصل إلي الغنائية الشعرية وخاصة في الاحلام التي تحلمها نيللي المتعلقة بفقدها لشرفها أو لتنبئها بموتها. قيس ونيللي عمل جاد في مضمونه ومكتوب بحرفية عالية, والرواية يمتزج فيها الرومانسي بالكباريه السياسي حيث السخرية الفلسفية من الواقع والكون.