بترحيب حذر استقبلت الأوساط السياسية والشعبية المصرية دعوة المصالحة التى أطلقها العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز داعيا فيها القيادة المصرية للتجاوب معها لغلق ملفات الخلاف القطرى المصرى معتبرين أن هذه المبادرة ثمرة جهود ماراثونية شارك فيها قادة الإمارات والكويت والبحرين مستهدفين لم الشمل العربى لمواجهة الأخطار المحدقة بدوله دون استثناء. الدعوة التى وجهها خادم الحرمين الشريفين وتجاوبت معها القيادة السياسية المصرية يتضح من سطورها أنها تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات العربية - العربية، فهى رسالة واضحة باتجاه الرغبة فى تحقيق وحدة الأمة العربية لا تفريقها، كما أنها تعطى مثلا لقدرة القادة العرب على توحيد كلمتهم وجهدهم عند اللحظات الفارقة. الترحيب المصرى يستند إلى التقدير المستحق لجهود الأشقاء المخلصين وضرورة التفاعل معها وإعطائها الفرصة لإصلاح ما فسد خاصة أن مصر لم ترغب أبدا أو تحاول على مدى التاريخ زرع بذور الخلاف مع أى دولة عربية كما أن لدى النخبة والمثقفين فى مصر إحساسا كبيرا بأن العاهل السعودى ما كان ليطلق هذه المبادرة إلا بعد التأكد من أن قطر ستفى بتعهداتها بوقف الحملات العدائية ضد مصر وكذلك إيقاف الدعم للإخوان المسلمين وخططهم لضرب الاستقرار بمصر منذ ثورة 30 يونيو. إن تتبع الأحداث التى شهدها المحيط العربى خلال الأيام الماضية يظهر أن الجهود كانت متواصلة وعلى مدى شهور مضت لحمل قطر على تغيير مواقفها وتجعلنا نستعيد بعض الإشارات الايجابية التى كانت تتوه وسط أمواج الخلافات والتلاسن الإعلامى ومنها الموقف القطرى فى اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة الشهر الماضى لمراجعة ملف حقوق الإنسان فى مصر، حيث دافع المندوب القطرى عن الملف المصري، الأمر الذى مثل إشارة إيجابية يمكن البناء عليها غير أن حذر المصريين تجاه اتفاق الطائف التكميلى يأتى انعكاسا لحالة الشك التى ترسخت لدى المصريين سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى تجاه ما تصرح به القيادة القطرية وبين ما تشهده أرض الواقع من أحداث مغايرة لتلك التصريحات ومن ثم فإن الشعب المصرى على اختلاف طوائفه يميل حقيقة إلى انتظار ما سوف تشهده الأيام القليلة المقبلة من أفعال تنفى أو تؤكد صدق نوايا القيادة. اتفاق الطائف التكميلى يحتاج فعلا من جميع الأطراف إلى الصبر وتقديم المصلحة العليا لوحدة الصف العربى فوق أى اعتبارات أخرى ويخطئ من يظن أن الاتفاق سوف يذيب الجليد الذى اعترى العلاقات المصرية - القطرية خلال أيام، فالموقف يستدعى خطوات مهمة يجب أن تقوم بها القيادة السياسية بدول الخليج ومصر وكذلك خطوات أخرى يجب على رجال السياسة والإعلام إنجازها سريعا وفيما يتعلق بما هو مأمول من القيادة السياسية فيمكن إيجازه بأهمية تخلى الحكومة القطرية عن منح الملاذ الآمن لكوادر جماعة الإخوان وإن كانت هناك معوقات تحول دون إخراجهم من قطر فيجب أن يكون متلازما مع ذلك عدم السماح لهم بتدبير المؤامرات ضد دول العالم العربى وأن يكون ذلك نابعا من قناعة لدى المسئولين القطريين بأنه لا يوجد مبرر لاحتضان من يحاولون تمزيق روابط الأخوة خاصة أن الشهور الماضية حملت معها من الأحداث ما يؤكد أن استمرار هذا الوضع لا يخدم سوى مصالح المتربصين بأمتنا العربية يضاف إلى ذلك أهمية العمل على ترتيب لقاء يضم قادة دول مجلس التعاون الخليجى ومصر يتم خلاله تصفية الأجواء والنفوس. أما فيما يتعلق بدور رجال السياسة والإعلام فيجب عليهم جميعا الابتعاد عن كل ما يذكى الخلاف أو يشحن النفوس والعمل على تغيير لغة الخطاب الاعلامى السائد منذ فترة ليست بالقليلة من اللغة التحريضية والتشويهية إلى لغة التسامح مع التركيز على كل ما يوحد والابتعاد عما يفرق. وهنا يجب أن نتسم جميعا بهدوء رصين يستوعب بعض الأصوات النشاز أو الذين يحاولون أن يغردوا خارج السرب بحيث لا تتاح لهم الفرصة لإذكاء روح العداء مرة أخرى لأنه من غير المنطقى التعاطى مع هذا التطور الايجابى من منظور أن الجميع سوف يؤيده ويصفق له لان هناك من لهم مصالح كبيرة فى استمرار موجة الخلاف بين دول العالم العربى.