الزعفراني: وجود الجماعة «مسألة مؤقتة».. نوح: نصحتهم لكن لاحياة لمن تنادي.. واللاوندي: علينا الانتظار لمدة شهر لطالما عرفت السياسة بأنها لغة المصالح، إذ "لاصداقة دائمة، كما أنه لاعداوة فيها دائمة"، بين الدول وبعضها، وخاصة في تلك المنطقة من العالم التي تضج بالتقلبات والمتغيرات، والتي كانت سببًا رئيسًا في زيادة حدة الاستقطاب، وتقسيم الدول إلى معسكرات. والمثال الأوضح هنا، قطر التي كانت الحليف الرئيسي لمصر عقب ثورة 25يناير 2011، وكانت الداعم الأكبر لها وقت تولي محمد مرسي رئاسة البلاد، وتنوعت المساعدات بين ودائع ومنح وشحنات غاز طبيعي مجانية، ليتبدل الوضع بعد أحداث الثالث من يوليو الماضي، إذ خيم التوتر على العلاقات بين القاهرةوالدوحة، بعد أن وصفت الأخيرة ما جرى في مصر ب "الانقلاب"، وردت مصر عبر وسائل الإعلام بقصف لم يستثن أحدًا من قيادات الدولة الخليجية، وتجاوز كل الخطوط الحمراء المتعارف عليها. إلا أن تحركات قادتها دول خليجية على رأسها السعودية سعت إلى إخراج العلاقات المصرية القطرية من نفق الجمود والتوتر، وبدا في هذا الإطار القرار القطري الصادر في سبتمبر الماضي باستبعاد 7من قيادات جماعة "الإخوان المسلمين" والشخصيات المقربة منها مغادرة البلاد خلال أسبوع، كبادرة على تجاوب من الدوحة مع وساطات تسعى إلى إنهاء الخلاف. إلا أنه لم يتبلور إلى تطبيع كامل بين البلدين، حتى مع قيام الشيخ تميم بن حمد بمصافحة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال مشاركتهما في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سبتمبر الماضي، وطلب الأخير من الإعلاميين المصريين التوقف عن مهاجمة الشيخة موزة, والدة أميرة قطر. غير إن مياه جرت في النهر خلال الأسبوع الماضي، مع صدور بيان من الديوان الملكي السعودي الأربعاء الماضي يدعو مصر إلى التجاوب مع التحركات الخليجية، على ضوء اتفاق الرياض التكميلي، الذي تم التوصل إليه الأحد الماضي، وأكد فيه قادة السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت، وقوفهم جميعًا إلى جانب مصر، وتطلعهم إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء. وقال العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز "ارتباطًا للدور الكبير الذي تقوم به جمهورية مصر العربية الشقيقة، فلقد حرصنا في هذا الاتفاق وأكدنا على وقوفنا جميعاً إلى جانبها، وتطلعنا إلى بدء مرحلة جديدة من الإجماع والتوافق بين الأشقاء". وأضاف: "ومن هذا المنطلق فإنني أناشد مصر شعبًا وقيادة للسعي معنا في إنجاح هذه الخطوة في مسيرة التضامن العربي – كما عهدناها دائمًا عونًا وداعمةً لجهود العمل العربي المشترك". من جانبها، سارعت الرئاسة المصرية إلى إصدار بيان عبرت فيه عن ترحيب كبير البيان الصادر من الديوان الملكي السعودي، معربة "عن ثقتها الكاملة في حكمة الرأي وصواب الرؤية لخادم الحرمين الشريفين، وتثمن غاليًا جهوده الدؤوبة والمُقدرة التي يبذلها لصالح الأمتين العربية والإسلامية، ومواقفه الداعمة والمشرفة إزاء مصر وشعبها". واعتبر محللون أن هذه التصريحات تعكس سعي مصر إلى التجاوب مع الوساطات الخليجية لإنهاء الأزمة مع قطر، ليطرح الأمر تساؤلات حول مصير العلاقة بين جماعة "الإخوان" وقطر، ومصير قياداتها الحالية المتواجدة بالدولة الخليجية، خاصة أن هناك مؤشرات قوية بقبول واستجابة قطرية لتلك المبادرة. وقال خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إن "وجود الإخوان في قطر مسألة مؤقتة وليست دائمة، بالإضافة إلى أن تعاملات السلطة القطرية والحكومة مع القيادات الإخوانية معاملة مؤقتة أيضًا"، مشيرًا إلى أن "المبادرة السعودية تعد أول خطوة لترحيل قيادات الإخوان جميعهم من قطر". وأضاف الزعفراني ل"المصريون": "ليس شرطًا أن يلجأ الإخوان إلى تركيا بعد ترحيلهم من قطر، لأن الدولة التركية لن تكون قادرة على استيعاب جميع قيادات الإخوان خوفًا على مصالحها الدولية"، مؤكدًا أن اللجوء الأكبر للإخوان سيكون إلى الدول الأوروبية، وبالأخص بريطانيا، لوجود حرية في التعبير والرأي بشكل أكبر، بمايمنحهم القدرة على الاتصال بالعالم الخارجي". من جانبه، قال مختار نوح، القيادي الإخواني السابق، إنه نصح الإخوان المتواجدين في قطر بأن "العلاقة بين مصر وقطر لن تظل على هذا الحال، وكان ذلك منذ أكثر من 3 أشهر، ولكن لا حياة لمن تنادى". ورأى أن "الإخوان وصلوا إلى مأزق خطير في مصر" متوقعًا "التضييق على الإخوان داخل قطر أو بطريقة أخرى لدفع قيادات وأعضاء الجماعة إلى مغادرة الدولة الخليجية إلى دول أخرى". فى ذات السياق، أكد الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية، أن المصالحة بين مصر وقطر، "هي استكمال للجهود السعودية للتقريب في وجهات النظر بين الدولتين، موضحًا أن "الأسباب الرئيسية التي دفعت السعودية لإطلاق المبادرة، شعورها بأن التضامن العربى قد يتمزق ويكون وجه استفادة حقيقية لدى الغرب." وأضاف اللاوندى "العاهل السعودى استغل العلاقة الطيبة بين مصر والسعودية، للضغط على القوة الناعمة المصرية، وهو ما استجابت له الدولة المصرية، بناء على الرغبة بالعيش فى سلام وعودة وتوحيد الصف العربي مجددًا". وتوقع أن "تستجب قطر لهذه المصالحة بشكل سريع وتكف عن الانتقادات والهجوم اللاذع الذي تشنه على الدولة المصرية، خوفًا من تجميد عضويتها داخل مجلس التعاون الخليجي من ناحية، وأيضًا بالجامعة العربية في ظل الضغوطات التي تمارسها ضدها الدول العربية بشأن العلاقات مع مصر". مع ذلك، قال "علينا الانتظار لمدة شهر لرؤية كيف سترد قطر على تلك المبادرة، لأن التغيير لن يأتي شفهيًا أو كتابيًا إنما سلوكيًا من خلال الأفعال والتصرفات، وستكون الدولة المصرية على استعداد كامل لاستكمال هذه المصالحة وبناء العلاقات بين البلدين من جديد".