مصر العرب إفريقيا كلمات سطرها تاريخ مصر العظيم الحافل بالعلاقات القوية بينها وبين أشقائها في إفريقيا والدول العربية, وفي ظل مراحل تاريخية سابقة أهملت فيها القارة السمراء ومرت سنوات من البعد والجفاء انتهت إلي تهديد مصر في أمنها المائي والقومي, ولكن بعد ثورة30 يونيو بدأت الدولة المصرية تستعيد دورها العربي والإقليمي, خاصة القارة السمراء. الأهرام المسائي حاور السفير محمود راشد رئيس المجلس العربي لحقوق الإنسان والخبير في الشئون الإفريقية ليكشف كيف فقدت مصر دورها الريادي سابقا, وكيف كانت إفريفيا تنظر لمصر في عهد الإخوان, وما هي نظرة القارة السمراء لما يقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي كيف تري خطوات عودة العلاقات المتميزة لمصر مع دول إفريقيا؟ الرئيس السيسي اتخذ خطوات مهمة في اتجاه رجوع مصر إلي القارة الافريقية, وبالفعل بدأت الأمور تتحسن والعلاقات المتعددة بالدول الإفريقية تعود إلي مسارها الطبيعي, ونأمل المزيد من الرئيس السيسي نحو الخطوات الإيجابية خاصة ان الرئيس المصري لديه رغبة أكيدة في أن تعود مصر إلي إفريقيا وأن تأخذ مكانتها وتعود إلي ريادتها في أفريقيا. بالنسبة للمشاكل الرئيسية لدول حوض النيل خاصة علاقة مصر بإثيوبيا والسودان ما هي سبل حل هذه المشكلات؟ أري أن هناك حكمة اتبعها الرئيس السيسي في معالجة هذا الموضوع المهم والخطير, فالرئيس اتجه إلي الحوار والتقارب والبعد عن الخلاف, والنقاط التي تؤدي إلي أي توتر, لديه رغبة أكيدة في تحسين ومعالجة هذا الملف المهم, وأنا في الحقيقة أسجل تقديري للمقارنة التي يقوم بها في ملف دول حوض النيل والعلاقة مع إثيوبيا, فالأمر اختلف اختلافا كبيرا عن المعالجات القديمة التي كانت تتسم بالتسرع وعدم الفهم وفقدان الحنكة السياسية, وأري أن الأمور مع السودان ستعود كما كانت قديما قوية وراسخة بين الأشقاء. ولا ننسي أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يحاول الآن أن يصحح الأوضاع التي تكاد أن تكون مغفلة منذ أربعين عاما, فمصر تركت إفريقيا ليس منذ10 سنوات أو30 عاما ولكنها تركتها منذ حولي40 سنة وتحديدا كما أري أن مصر بعد وفاة جمال عبد الناصر رحمه الله انغلقت علي نفسها وتركت القارة السمراء ومحيطها الطبيعي علي الرغم من أن عبد الناصر كان يرتكز علي المحيط الإفريقي والعربي ويستجمع قوة مصر من زعامتها الإفريقية والعربية وعبد الناصر كان قارئا جيدا للتاريخ والطبيعة والجغرافيا, ولكن للأسف السياسات التي أتت من بعده ضيعت ما فعله. كيف تري الزيارة الأخيرة للرئيس السوداني ومدي تأثيرها علي مشكلة سد النهضة الإثيوبي؟ هذه الخطوات ستؤدي بلا شك إلي انفراجة كبيرة في هذا الملف, والعلاقات ستكون أفضل بكثير خلال الفترة القادمة, كما أن زيارة وزير الري المصري لإثيوبيا في الفترات الأخيرة المتتالية وتفقد موقع السد, وكذلك عقد العديد من المباحثات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان من خلال الحلول العالقة التي لا تضر بمصالح الدول وشعوبها, وكذلك التقارب الكبير الذي حدث بين أعضاء اللجنة المسئولة عن ملف المياه سيكون له آثار إيجابية, وهذا ما لاحظناه في الفترة الأخيرة من تصريحات الإثيوبيين التي تتسم بالايجابية والتجاوب الكبير مع التوجه المصري الجديد بقيادة الرئيس السيسي بعكس الفترات الماضية خاصة أثناء حكم مرسي الذي اتسم بالعشوائية الدبلوماسية في قارة أفريقيا, وأعتقد أن الأمر نفسه مع السودان فالخطوات التي تمت واللقاء الأخير بين البشير والسيسي يوحي بأن مصر ستعود في علاقتها مع السودان وخاصة في ظل ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي من تجاوز نقاط الخلاف وبناء العلاقات المشتركة بين الدولتين علي ما يخدم المصالح والعلاقات المشتركة, ولا شك أن عودة علاقة مصر مع السودان ستنعكس إيجابيا مع إثيوبيا لأنها في النهاية كلها دول حوض النيل التي يربطها تاريخ وعلاقات مشتركة بين شعوبها, وإذا كانت مصر قد أهملت ملف إفريقيا في السنوات الماضية إلا أن هناك بشائر بعودة العلاقات القوية الراسخة والأخوة التي بدأها الرئيس جمال عبدالناصر, خاصة أن العلاقات التاريخية قوية جدا بين مصر ودول المصب وأي تطور في العلاقة يدعم الخطوات الإيجابية للرئيس السيسي. ما هي الفرص المتاحة لمصر؟ إفريقيا هي السوق الأهم والأنسب لمصر, واتساءل لماذا تركت مصر هذه السوق بالرغم من أنها الدولة الأكثر تأثيرا في إفريفيا, الصين وتركيا وأمريكا ودول غربية كثيرة موجودة بقوة في السوق الأفريقية والأولي أن تكون مصر حاضرة هناك لأن السوق الأوروبية لا تستطيع المنافسة في السوق الإفريقية وتحقق مكاسب كبيرة. باب المندب وقرب الحوثيين منه.. هل له تأثير علي الملاحة المصرية؟ القيادة المصرية منتبهة لهذا الموضوع وتراقب الموقف وهذا ما أكده قائد القوات البحرية المصرية, وهذا أمر جيد ومطمئن لكن دعني أقول لك الأمور لم تنته بعد, والدول العربية الشقيقة الجمهورية اليمنية لا تزال غير مستقرة خاصة في حالة الحرب المستعرة مع تدخل بعض الأطراف الخارجية لتفتيت الدولة وتقسيمها, وموضوع الحوثيين ربما ينتهي قريبا خاصة مع المقارنة ضد التمدد الحوثي. ما تقييمك لانسحاب بعض المنظمات الحقوقية الأجنبية من مصر؟ هذه المنظمات تعمل وفق أجندات سياسية للدول التي تمولها وهي تستخدم حقوق الإنسان كذريعة لتحقيق أهدافها وهذا الأمر واضح في الملف الفلسطيني الإسرائيلي حيث توجد ازدواجية في المعايير, وهذا يؤكد أن مصر تسير في الطريق الصحيح, وتحقق طموحات وتطلعات الشعب المصري دون أن تبالي بتلك المنظمات. هل من حق الدولة المصرية مراقبة الدعم الذي يصل للجمعيات الحقوقية؟ بالطبع من حق مصر أن تراقب الأموال التي تصل لتلك المنظمات, وأمريكا نفسها تفعل ذلك وهي لا تسمح لأحد أن يرسل أموالا لمنظمات تعمل لتحقيق أجندات أجنبية, حتي الجمعيات الخيرية في أمريكا تحت المراقبة الشديدة لأنها تعتبر ذلك تدخلا في شئونها, وإذا كانت أمريكا تدعم بعض المنظمات فهي لا تقدم ذلك لوجه الله وانما لتحقيق أجندات خاصة, وما فعله مركز كارتر من تركه لمصر وتعليقه علي الوضع الراهن فهذا غير مقبول واعتقد أن المركز سبق الأحداث ورحل لعدم التزامه بالقوانين علي الأراضي المصرية, وأري بصفة عامة أن المراكز الحقوقية خاصة الأجنبية منها لم تلتزم بقواعد الدولة وقوانينها وخرجت عن الإطار العام, بل وصل الأمر إلي أن تدخلت في السياسات الداخلية وتدعيم أطراف معينة دون وجود الحيادية مما أفقدها المصداقية. إلي أي مدي وصلت العلاقة بين مصر والاتحاد الإفريقي؟ هناك تحسن مطرد ينمو بسرعة وأعتقد أن النظام الآن بقيادة السيسي يشهد حضورا قويا, والفترة المقبلة ستكون أكثر فاعلية وأكثر تطورا في العلاقات خاصة بعد الوجود المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمر الأخير للاتحاد الأفريقي, واللقاءات الرئاسية التي كانت علي هامش المؤتمر وكان لها تأثيرها القوي لرجوع مصر إلي قارتها السمراء, وتذويب الخلافات التي كانت قائمة لسنوات عديدة, وكذلك شرح وتوضيح حقيقة ما حدث في مصر. وماذا بالنسبة لموقف الدول العربية التي منحت الرئيس السيسي الكلمة نيابة عنها في مؤتمر المناخ؟ هذا شيء طبيعي وهذا قدر مصر دائما فهي الرائدة وهي بلد كبير والكبير لابد أن يتحدث باسم الدول الأخري خاصة في ظل التنسيق العربي القوي مع السعودية والإمارات والكويت والأردن وغيرها من الدول التي تعلم أن مصر هي القوة الحقيقية للعرب جميعا, والسيسي يعلم جيدا أنه رئيس لأهم دول عربية. العلاقة بين مصر والإمارات والسعودية هل تمثل محورا لمواجهة قطر وتركيا؟ الإطار المصري السعودي الإماراتي يسعي إلي إعادة الاستقرار في مصر والدول العربية ويبعدها عن الإضرابات والقلاقل, وهو ما يصب في تحقيق التنمية وتوفير حياة كريمة للمواطن. لكن الطرف الثاني: قطر وتركيا يصر علي إثارة البلبلة والنزاعات ودعم الإرهاب وهذا طريق فاشل وسينتهي قريبا خاصة في ظل كشف المؤامرة علي الدولة المصرية وما كان يحاك لها وللدول العربية الأخري, ومصر بدورها وموقعها وقوتها مع أشقائها العرب سوف تفرض نفسها علي الوضع العربي والدولي, رغم أطماع الدولة التركية لفرض نفوذها علي المنطقة العربية.