صدر حديثا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية مدار كتاب تحت عنوان ما بعد الحرب علي غزة: قراءة في التصورات الإسرائيلية, للباحثين عاطف أبو سيف ومهند مصطفي, ويقع في100 صفحة. يقرأ الكتاب آثار العدوان الأخير علي غزة عليالعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية, وموقف إسرائيل من حركة حماس, والموقف من الرئيس محمود عباس كممثل لمنظمة التحرير الفلسطينية, ومن السلطة الفلسطينية, إضافة إلي القراءات الإسرائيلية لتبعات الحرب علي العملية السياسية. ويتتبع الكتاب تداعيات العدوان من خلال تفكيك العلاقات المركبة التي ظهرت خلال العدوان والمواقف الرسمية والعامة والفكرية التي وقفت وراء أو سعت إلي تفسير ما جري. ويخلص الكتاب إلي ان غالبية التصورات الموجودة حاليا في المشهد السياسي الإسرائيلي هي تصورات أحادية, إذ يريد نيفتالي بينيت ضم مناطق ج بشكل أحادي الجانب, ويريد يائير لبيد ترسيم الحدود بشكل مستقل, فيما يريد ليبرمانمبادرة إقليمية تتجاوز الرئيس أبو مازن والسلطة الفلسطينية, ويبقي نتنياهو الوحيد في السلطة الذي يريد إدارة الصراع مرة أخري مع السلطة الفلسطينية. وبين الكتاب ان رؤية نتنياهو اتضحت أكثر فأكثر خلال السنوات الماضية, فهو يريد إبقاء الانقسام والتعامل مع غزة تحت حكم حماس ضعيفة, أو صراع فلسطيني علي السيطرة علي غزة بين حماس والسلطة الفلسطينية, لن تكون مشكلة من وجهة نظر نتنياهو إذا نشأ تقسيم وظائفي ثابت في غزة بناء علي معادلةالسلطة في الأطراف( أي المعابر) وحماس في الوسط( السلطة في غزة), ذلك يضمن إبقاء الوضع القائم بأقل الخسائر السياسية والأمنية لإسرائيل, لهذا عندما أعلن نتنياهو أنه ليست لديه مشكلة في عودة السلطة إلي غزة, فهو يقصد عودتها أمنيا علي المعابر, بينما يريد إبقاء حماس ضعيفة في غزة. وتوقع الكتاب ان يحاول نتنياهو العودة إلي نقطة البداية, أي عشية تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية, ويحاول أن يعيد العالم معه إلي هذه النقطة والانطلاق من هناك, مع متغير جديد: تحميل السلطة الفلسطينية مسئولية مباشرة عن قطاع غزة دون حكومة وحدة فلسطينية, لذلك ردد بعد الحرب مقولة علي الرئيس الفلسطيني الاختيار بين حماس أو إسرائيل. كما اتضح وفق الكتاب أن نتنياهو ضعيف في تجيير أحداث تكتيكية أو لحظوية لتصوراته الاستراتيجية, فالحرب علي غزة كانت بدأت صيرورتها مع خطف المستوطنين الثلاثة, وأراد نتنياهو استغلال هذا الحدث ليعود إلي نتنياهو القديم قبل بار إيلان, إلا أنه تورط في الحرب, ويبحث عن المعادلة المناسبة للخروج بأقل الخسائر السياسية منها داخليا ودبلوماسيا, ونعتقد أن معادلة السلطة في الأطراف وحماس في الوسط هي المعادلة. ويتضح من محتويات الكتاب ان نتنياهو يتحرك ضمن دوائر كثيرة ضاغطة يحاول إدارتها كما يعرف أن يدير الأمور السياسية, الدائرة المحيطة به وهو حزب الليكود الذي لا يعترف أصلا باستراتيجية نتنياهو في إدارة الصراع, لأن الليكود يرفض حتي الآن فكرة إقامة دولة فلسطينية, وهذه مقولة يرددها غالبية الوزراء وأعضاء الكنيست, وهنالك دائرة اليمين, وما تمثله من قواعد اجتماعية لنتنياهو وهي غير راضية عن نتائج الحرب علي غزة لا عسكريا ولا سياسيا, والدائرة الإقليمية التي يري فيها نتنياهو ووزير الدفاع وحتي الخارجية أفقا سياسيا علي إسرائيل استغلاله, والدائرة الدولية التي باتت تري أن الصراع لم يعد محتملا, وأن الحل يكمن في التفاوض المباشر مع الرئيس أبو مازن والسلطة الفلسطينية.