يبدو أن مصائب قوم عند قوم فوائد, بيد أن كثيرين خصوصا هؤلاء المناوئين للعدالة والتنمية الحاكم, لم يخفوا غبطتهم من تلك التقييمات والتحليلات التي تضمنتها وثائق الدبلوماسية الامريكية وطالت بالسلب أسماء النخبة الحاكمة, فأخيرا وجدوا من يشاطرهم الرأي في الحكام الذين يتظاهرون بالديمقراطية في حين هم عكس ذلك, غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستترك تداعيات موقع ويكيليكس الالكتروني هذه آثارها علي مستقبل قضيتي الانقلابيين علي حكومة رجب طيب اردوغان والمعروفة باسم أرجينكون والمطرقة ؟ المراقبون يؤكدون أن فرق الدفاع عن المتهمين بالضلوع في إعداد تخطيط يعود إلي الفترة من5 إلي7 مارس قبل سبع سنوات بهدف الإطاحة بالحكم الإسلامي المناوئ للعلمانية ومبادئ الجمهورية سيتخذون من تلك التسريبات تأكيدات علي أن التهم الموجهة لموكليهم لا تستند إلي حقائق وانها مجرد تلفيقات. إلي هنا يستعد المدعي العام الجمهوري المسئول عن الملف الانقلابي باستدعاء رئيس الاركان السابق الجنرال إليكار باشبوج, لتوجيه45 سؤالا له تتعلق بملفات عدد من الضباط والجنرالات المتورطين في هذين الانقلابين الطريف في هذا الصدد أن العميد المتقاعد يالتشن بهليوان اوغلو المتورط في قضية المطرقة انضم الي صفوف حزب صوت الشعب الجديد ذي الخلفية الدينية. يذكر أن زعيم هذا الحزب وهو الدكتور نعمان توركلموش المنافس القوي لرجب طيب اردوغان, سبق وانشق من حزب سعادات مكونا صوت الشعب وتشير المعلومات الواردة إلي ان عددا من الضباط المتقاعدين الذين وجهت لهم اتهامات انقلابية سينضمون إلي صفوف هذا الحزب خلال الفترة المقبلة. علي جانب آخر, تجنب رئيس الحكومة أردوغان التعليق مباشرة علي وثائق ويكيليكس التي وصفته بأنه أصولي معاد بدون مبرر لإسرائيل, مشيرا إلي أن مساعديه يدرسون ماجاء بها من آراء تمهيدا لاتخاذ موقف بشأنها. وكانت العاصمة أنقرة قد سادها هدوء حذر مشوبا بالتوتر, ففي تصريحات قبل مغادرته مطار العاصمة إسينبوا أمس متوجها إلي كازاخستان, اكتفي الرئيس التركي عبد الله جول بالقول بأن ما حملته وثائق ويكيليكس بعضها صحيح, وبعضها الآخر غير صحيح, مؤكدا في الوقت نفسه ان بلاده ستستمر في طريقها وأنه لا يوجد عائق يقف أمام تقدمها, من جانب آخر اشار دولت بهتشلي إلي أن الشعب التركي ليس بحاجة كي يعرف رئيس الوزراء اردوغان من الأجانب, مشددا علي ان حزبه لن يستغل الأمر علي الصعيد الداخلي. في السياق ذاته, ذكرت مصادر مطلعة أن تراجع مؤشر البورصة التركية مقابل ارتفاع الدولار أمام الليرة المحلية يعود سببهما الي قلق الاوساط الاقتصادية العالمية جراء تفاقم أزمة الديون الاسبانية والبرتغالية وليس إلي الوثائق السرية وعبر وزير الدفاع وجدي جونول عن عدم ارتياحه للوثائق السرية المنشورة والتي تعرضت إلي اسمه, مؤكدا ان كل المعلومات المتعلقة به غير صحيحة ولا اساس لها من الصحة. وأشار محللون سياسيون إلي أن الوثائق لا تحمل مفاجآت, فالعالم يعرف جيدا سياسة حزب العدالة المعارضة لاسرائيل والموالية في الوقت ذاته لايران, وليس سرا الشكوك المتزايدة في الاوساط الامريكية والاوروبية بشأن اقتراب تركيا من العالم الاسلامي وابتعادها عن امريكا والعالم الغربي, مؤكدين أن الشارع التركي يدعم شخصية اردوغان وأن حزب العدالة سيفوز مجددا بالانتخابات البرلمانية المقبلة, ومن الصعب أن يغير اردوغان وحزبه الحاكم منهجهم السياسي بسبب تلك الوثائق. يأتي ذلك في الوقت الذي نقلت فيه وسائل الاعلام تصريحات لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الموجود حاليا في واشنطن والذي وصفته الوثائق بالخطير المجنون, وفيها أشار إلي أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قدمت اعتذارا رسميا لتركيا ولحكومتها ولشخصه, ولشخصيات تركية مسئولة كل باسمه عما ورد من إساءات وانتقادات لاذعة في وثائق الدبلوماسيين الأمريكيين التي تسربت عبر ويكيليكس. وقال داود أوغلو إن كلينتون أكدت عمق العلاقات التركية الأمريكية, وقالت إن انطباعات وتحليلات الدبلوماسيين لا تحدد وترسم النهج السياسي للدولة. وكان منسق شئون مكافحة الارهاب بوزارة الخارجية الامريكية السفيرDanielBenjamin قد وصل في وقت سابق أمس الأول الي انقرة علي رأس ضم ممثلين من وزارتي الدفاع والخزانة بالاضافة إلي المؤسسات المعنية بمكافحة الارهاب وذكر بيان السفارة الامريكية في انقرة أن مباحثات الوفد ستتركز حول التعاون في مكافحة التطرف والارهاب في المنطقة.