تكشف الحلقة الأولي من الوثائق التي ننشرها اليوم( مقالات الطيار حسني مبارك) عددا من الحقائق المهمة, يمكن اجمالها فيما يلي: 1- ان الدولة المصرية العتيدة لم تدخل معركة ضد الاحتلال الإسرائيلي لمجرد إحراز نصر عسكري فقط, وانما لفتح الطريق واسعا أمام بناء القدرات الذاتية للبلد وتحديثها ولحاقها بركب الحضارة, وأن هذه الرؤية المتقدمة مستقرة وثابتة في عقل ووجدان القيادات والمسئولين والأفراد علي حد سواء, فالنصر العسكري ليس إلا عبورا من أجل عبور أكبر للمستقبل. وعلي حد قول الطيار حسني مبارك: لنعبر من عصر الصواريخ والطائرات الأسرع من الصوت إلي عصر الفضاء حتي لا نكون في وقفة المتفرج ازاء احداث تهز العالم وتحول في التكنولوجيا. 2- ان التخطيط للمستقبل والبناء علي النصر العسكري يحتاج دائما إلي الاعتماد علي العلم والالمام بمبتكراته وإتقان مستحدثاته, وأن هذه عملية لا تقف عند حد يوم أو مرحلة فهي مستمرة ومتواصلة بلا حدود. لقد كتب حسني مبارك موجها حديثه إلي أفراد القوات الجوية بعد الانتصار: أمامنا كثير من العمل, وبدون علم فسيأتي العمل روتينيا وباهتا ضعيف التأثير.. لذلك امامكم كثير من التحصيل قبل وبعد التطوير. 3- العبور للمستقبل لا يأتي دفعة واحدة, كما أن التطور والتحديث عملية دائمة وتتطلب مراكمة القوة والقدرات مرحلة تلو مرحلة, ومن ثم تحتاج إلي حكمة وصبر وتحمل صعاب واجتياز تحديات وعوائق. يقول الطيار حسني مبارك: مع الحقيقة التي يجب الا تغرب عن البال, فلابد أن نقف أمام الواقع.. بأن ما كان ليس إلا مرحلة في طريق شاق وطويل.. وما هو آت ربما يكون أشق مما مضي, وما نصرنا إلا وثبة, وعلينا أن نظل دائما علي استعداد لوثبات تالية. 4- أن التطوير والتحديث ليس عملية علمية فقط بل روحية واخلاقية أيضا فإذا كان النصر العسكري عبورا للبناء الحضاري, فإن اساسه هو صناع النصر من شهداء واحياء. يقول مبارك: لابد أن نشيد بأعمالهم لنورثها أجيالا صاعدة, ليتعلموا منها معاني التضحية والفداء. 5- أن مصر وهي تخوض معركة المستقبل والبناء والتعمير ومسايرة ركب الحضارة, تعي جيدا أن صراعا معقدا وتاريخيا كالصراع العربي الإسرائيلي لن ينتهي بضربة واحدة, ولا يمكن أن يتم حله في شهور, وبالتالي فإن استمرار مثل هذا الصراع لا يجب أن ينال من مسيرة العبور للمستقبل, كما أن مهمة البناء والتطوير, لا تغفل حقيقة الاستعداد والتيقظ الدائم. يقول مبارك: إن صراعا أخذ طابع المواجهة أربع مرات لا يمكن أن نوسده الثري في قفزة واحدة. 6- ان الانتصار والبناء والتعمير انما يقوم علي مبادئ راسخة في الوجدان الوطني تنطلق من الايمان الثابت بقيم وأسس التحرر والاستقلال والتواصل والوفاء بين القيادات. وبين المراحل التاريخية, أو كما أشار مبارك في وصفه لمسيرة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بإنها مبادئ لا تموت. الشاهد ان مقالات مبارك تؤكد أن الدولة المصرية تمضي من عبور إلي عبور بمنهاج ثابت, تتواصل فيه المراحل وتتكامل فيه الرؤي وتتوحد فيه الارادات والقيادات.