إنه واحد من أشهر التعبيرات التي ظهرت في التاريخ, ويتكرر ظهوره من فترة لأخري, يبدو فيها أن هناك إرهابا ثقافيا علي وشك أن يمارس في مكان ما, ففي أوائل عام1950, تحول جوزيف مكارثي, وهو أحد النواب الجمهوريين بالكونجرس الأمريكي, إلي مدعي سياسي وثقافي عام, يكيل الاتهامات لعدد كبير من العاملين في المؤسسة الأمريكية, ولعدد أكبر من المثقفين الأمريكيين, في ظل مناخ الحرب الباردة الذي كان قد بدأ يتصاعد بشدة في هذا الوقت, بأنهم ببساطة' شيوعيون', أو جواسيس للاتحاد السوفيتي, أو متعاطفين مع المعسكر الآخر, وقد انتهي' مكارثي', بالصورة التي يستحقها, لكن بقيت المكارثية. إن درس المكارثية شديد الأهمية, علي الرغم من اختلاف الأزمنة, فهناك عنصر واحد يمكن أن يثير ضجة كبيرة, وهذه الضجة قد لاتكون مستندة علي دلائل ذات قيمة, سوي أن كتابا قد وجد لديك, أو أن صديق لك تصادف أن كان شيوعيا, أو أنك صافحت شخصا في حديقة ظهر بعدها أنه دبلوماسي سوفيتي, أو أنك طرحت فكرة تقترب من الأفكار التي يطرحها المناوئون بصورة ما, أو أنك أخرجت فيلما يبدو عماليا أكثر مما يتصور, أو أن زوجتك شاركت في مظاهرة كانت لها علاقة بمشكلة احتجاجية تتعلق بفكرة يسارية. أنني لم أركز في كيف كان' شكل' الرجل الذي أطلق الموجة, سوي عندما كنت أكتب تلك الكلمات, لكني أتذكر منذ وقت بعيد صورة شهيرة اعتقد أنها كانت للمخرج العبقري شارلي شابلن وهو يبدو مندهشا, ومصابا بالقرف, خلال مغادرته الولاياتالمتحدة, هربا من مطاردة المكارثيين له, قبل أن يطلق عبارة شهيرة تعبر عن حالة الهوس التي أصابت الجميع في تلك الفترة, والتي كانت قد أصابت معه أرثر ميللر, وغيره,. ولم يستغرق الأمر طويلا, حتي بدأ كثيرون يدركون أنهم ذهبوا بعيدا, أو أبعد مما كانوا هم أنفسهم يتمنون, وكان السبب أن الجميع, من اتهموا, ومن اتهموا, ربما لم يقدروا وقتها أن الهواء يحمل شيئا خاطئا. إن هذه الحالة تتكرر في الوقت الحالي أحيانا, ولاأقصد بالمناسبة, تلك الضجة المثارة حول صحيفة الأهرام في الوقت الحالي, لكن ماجري يشير إلي وجود شيء خطأ في الأجواء, يؤدي إلي سيطرة ميول مبالغ فيها في التعامل مع الأشياء, وحالة من الشطط التي تشير إلي شيء خاطي, ولا أريد أن أذكر أمثلة مماثلة قريبة حتي لا أسيء إلي أحد, لكن ماأريد قوله فقط, هو أن هناك حالة تتطلب الاهتمام, فحالة الهيجان تلك قد تتكرر مرارا, قبل أن يتضح أن مكارثي كان مريضا بشدة.