وصل مبعوث الرئاسة الفرنسية جان كلود كوسران إلي دمشق وتباحث مع الرئيس بشار الأسد بشأن إحياء المفاوضات السورية الإسرائيلية. أخذت فرنسا علي عاتقها مهمة مد الجسور بين دمشق والغرب وهي السياسة التي اتبعها الرئيس ساركوزي منذ وصولة لقصر الإليزيه في.2007 فرنسا ما قبل ساركوزي كانت جزءا لا يتجزأ من سياسة الضغط علي دمشق في لبنان كما في سوريا نفسها, لكن الرئيس الفرنسي الجديد تحول عن هذه السياسة منذ أول أيامه في الحكم. لقاء الأسد وساركوزي أثناء قمة' الاتحاد من أجل المتوسط' في باريس في صيف العام2008 كانت بمثابة التدشين للسياسة الفرنسية الجديدة, ومن يومها والحبل لم ينقطع بين البلدين. فرنسا في عهد ساركوزي تدير سياستها الخارجية بمحاذاة الخط الأمريكي وبالتوازي معه في أغلب مناطق العالم. انتهي عهد الشك الفرنسي في الأمريكيين ومناطحتهم الذي ميز السياسة الفرنسية منذ عهد الرئيس ديجول, والسياسة الفرنسية الراهنة تجاه دمشق ليست استثناء من هذا. انفتح الأمريكيون علي دمشق لكن بحساب وحذر مطمئنين لقيام باريس نيابة عنهم بمد الجسور معها. الأمريكيون المتشككون في النوايا السورية والمتخوفون من مبادرات سلمية فاشلة مع دمشق قرروا ترك الأمر للوسيط الفرنسي الذي رحب بالقيام بالمهمة. السوريون يدركون أن حوارهم الراهن مع باريس ليس إلا حوارا غير مباشر مع واشنطن, ويدركون أيضا أن بلدهم قد أصبح مفتاحا لسلام المنطقة واستقرارها. فسوريا هي المعبر الذي تمشي فوقه إيران نحو قلب الشرق الأوسط الملتهب في لبنان وفلسطين وإسرائيل, وهي أيضا بوابة الحياة لحزب ا لله في لبنان وحماس في فلسطين. دمشق عاجزة عن تحقيق السلام الإقليمي, لكنها تستطيع تخريب محاولات الآخرين من أجل سلام يتجاهلها أو لا يحقق مصالحها, ومن مركز القوة هذا يتفاوض السوريون. سوريا ليست في عجلة من أمرها وكل خطوة تخطوها لها حساب دقيق. نسجت دمشق علاقات تحالف قوي مع جارتيها إيران المتشددة وتركيا المعتدلة ولكل منهما دوره. تدرك دمشق أن علاقاتها بطهران ستكون هي الثمن الذي عليها دفعه لفتح صفحة جديدة مع واشنطن, ولاستعادة الأمل في استعادة الجولان المحتل. تمسك دمشق بعلاقاتها مع أنقرة, في المقابل, هو طريقها للحفاظ علي حليف إقليمي تستند إليه عند إبحارها في مياه الشرق الأوسط الخطرة. لهذا اشترطت دمشق علي المبعوث الفرنسي ربط الوساطة الفرنسية بسابقتها التركية, وهذه هي الخطوة المرتقبة في الماراثون السياسي بالشرق الأوسط.