لم يجلب التدخل العسكري الأمريكي في العراق إلا مزيدا من إراقة الدماء وتصاعد الصراع إلي حد الحرب الأهلية وليس هناك أي مؤشر يدل علي إنهاء ما بدأته الولاياتالمتحدة في بغداد منذ غزوها. ولا في منطقة الشرق الأوسط منذ ولاية جورج بوش وباراك أوباما, وربما يصنف العام الحالي علي أنه من بين الأعوام الأكثر دموية, فقد أسفر عن مقتل7 آلاف عراقي هذا العام وحده. وقد أثرت الاستراتيجية الأمريكية علي نفوذ واشنطن في المنطقة وبدأت مصالح أمريكا في التباعد حتي عن مصالح حلفائها. ورأت صحيفة يو أس توداي أنه منذ وصول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الي واشنطن الأربعاء الماضي للقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما, فقد ضاعف من لقاءاته مع السلطة التنفيذية بما في ذلك مسئولي وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون واعضاء الكونجرس بما فيهم نائب الرئيس جو بايدن ووزير الدفاع تشاك هيجل ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي, حيث اثار المالكي قضايا عديدة أبرزها تجدد هجمات القاعدة في العراق بسبب الاضطرابات في المنطقة التي نتجت عن ثورات الربيع العربي التي ادت إلي استغلال التنظيمات الارهابية للفراغ الأمني والتفكك في مؤسسات الدول المجاورة. والمثير للدهشة هو موقف المشرعين الأمريكيين لمحاولة تغيير واقع ما تسببوا فيه من فوضي في العراق, حيث أرجعوا العنف في العراق لسياسات المالكي نفسه والقوا باللوم علي تصرفاته والتي تتمثل في استحواذه علي السلطة وتوثيق علاقاته بإيران ونظام بشار الأسد في سوريا وعدم إعطائه الأقليتين السنية والكردية دورا أكبر في الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة علي حد قولهم بل بعثوا برسالة لأوباما للضغط علي المالكي لوضع استراتيجية لتحقيق الاستقرار في البلاد حيث يرون ان طهران تستخدم المجال الجوي العراقي لنقل معدات عسكرية الي قوات الأسد في دمشق التي تشهد حربا مدمرة تهدد بالانتقال الي غرب العراق المجاورة. واللافت للنظر أنهم لم يعزوا سلسلة العنف المتتالية التي تعصف ببغداد منذ رحيل الرئيس السابق صدام حسين لما قام به بوش من دمار وتدخل في شئون الدولة العربية. من جانبها قالت صحيفة واشنطن بوست أن الرئيس أوباما اجتمع أمس بالمالكي الذي يسعي للحصول علي مساعدة الولاياتالمتحدة لمواجهة موجة العنف بعد سنتين من رحيل آخر جندي أمريكي ولم يكن توجه أوباما أحسن حالا من باقي المسئولين في أمريكا حيث اصر هو الآخر علي إلقاء اللوم علي المالكي في التدهور والانحلال الاجتماعي الذي آل إليه العراق. واضافت الصحيفة أن المالكي كان يريد بزيارته لواشنطن إضفاء الشرعية علي حملة إعادة انتخابه في عام2014 وهي انتخابات حاسمة ومطالبة وسائل الإعلام الأمريكية لتلميعه من أجل ولاية ثالثة موضحة تفاخر المالكي أمام اتباعه بأنه الرئيس الشيعي المفضل لدي واشنطن, مشيرة إلي أن اجتماعه في البيت الابيض كان يتضمن طلب مجموعة من الأسلحة المتطورة بما في ذلك مروحيات من طراز بلاك هوك وأباتشي وطائرات أف16 المقاتلة وطائرات بدون طيار وبغض النظر عن ما حدث في المكتب البيضاوي فالعراق بحاجة ماسة للعودة إلي المصالحة والبعد عن الطائفية وأن تعود مرة أخري علي المسار الديمقراطي ووفقا لشبكة فوكس نيوز الأمريكية, يتزامن اللقاء بين أوباما والمالكي مع سلسلة جديدة من أحداث العنف في العراق وأشار ريان كروكر السفير الأمريكي السابق لدي العراق أن واشنطن وبغداد في حاجة الي استراتيجية مشتركة لمواجهة تهديد تنظيم القاعدة وتجديد الاتفاقات القائمة لتعزيز التعاون لمكافحة الإرهاب وربما يتراجع المالكي عن قراره بعدم الموافقة علي منح الحصانة داخل القانون العراقي للجنود الأمريكيين المتمركزين هناك. رابط دائم :