نعود إلي تشخيص المرض الذي انتشر بين المسلمين كالنار في الهشيم ليس فقط بين عامة الناس ولكن أيضا بين الدعاة المكلفين بتبليغ رسالة الإسلام بعد أن أخذ بعدا أخر بعيدا عن المنبع الحقيقي لإسلام. والذي ينبثق عن منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة فأدي إلي اتساع دائرة الخلاف والاختلاف بعد أن إختلط كل هذا بالمصالح الشخصية للأفراد والجماعات ومحاولة إلباسها لباس الإسلام. هذا الاسلوب أدخلنا في حيرة بالغة لأن المعيار واضح وصريح فإذا أراد المسلم أن يتلمس الطريق السوي من الطريق المعوج فعليه أن يعاير نفسه علي منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة فإذا وجد خللا في عبادته ومعاملاته فعليه مراجعة نفسه سريعا والعودة من جديد إلي الإطار الذي رسمه الإسلام المنبثق من هذا المعيار وإذا لم يفعل فقد خرج عن الإطار الذي رسمه الإسلام لأتباعه. ولكن الإصرار علي الخطأ وعدم المراجعة في غياب النقض البناء لدعاة الإسلام وأتباعه يجعلنا نعتقد أن هذا الإنسان أو تلك الجماعة قد أصيبت بمرض الأنا والذي يعتبر نفسه الإسلام وأننه قد أخذ توكيلا حصريا باسم الإسلام ويحق له التحدث باسمه فتتحول الأخطاء التراكمية إلي معاصي ومنها ينفذ الشرك الخفي إلي نفوسهم فبدلا من الحديث عن التقوي والإيمان بدخل في دائرة الشرك الخفي ومن ثم يتحول هذا المرض بمرور الوقت إلي عقيدة يتقرب بها إلي الله. ومع تراكم الأخطاء تتحول بمرور الوقت إلي خطايا تخرج صاحبها من دائرة الايمان ويصبح الكبر والخيلاء والاستعلاء علي الناس ومعها الكذب والخيانة والسرقة وإفساد الحياة بعباداتها ومعاملاتها مع أنه يعتقد أنه علي صواب دائما وغيره علي خطأ فيصبح معصوما مما يدخله في دائرة أخري من الشرك بالله ومع ذلك يعتقد أن المشروع الإسلامي قائم عليه وبه مع إن تصرفاته وأقواله وأفعاله بعيدة كل العبد عن حقيقة الإسلام ولا يقرها عقل ولا قلب ولا إنسانية ولا دين فكيف يمكن استعادة هذا الانسان من نفسه وحمايته من الغواية والهاوية التي سقط فيها وذهب إليها بمحض إرادته أو رغما عنه فإذا به يأخذ معه المجتمع الذي يعيش فيه وحتي الإسلام الذي يؤمن به. وهذا الاعتقاد السائد عند البعض والذي يعطي فيه الفرد لنفسه الحق أو جماعته في أن يملك هذا التوكيل الحصري للحديث باسم الإسلام يؤدي إلي شر مستطير وفساد عارم وكبير ينتشر في كل جنبات المجتمع فيصيب الفرد بالقلق والإضطرابات والمجتمع بالخوف والرعب ويؤدي إلي ضعف في أركان الأمة ووجود الرنقسام الذي يعتبره الإسلام أصل النزاع والفشل وضياع أسباب القوة التي هي من دعائم الإسلام. ومن هنا نجد أن معرفة الأسباب التي أدت إلي الإصابة بهذا المرض المزمن وتقديم رشتة لعلاج يكمن بالدرجة الزولي في وعي المريض بخطر مرضه وعليه سرعة طلب العلاج الضروري واللازم للشفاء من هذا المرض وعدم إدراك المريض بمرضه يحوله إلي مرض مزمن ميئوس من علاجه خاصة إذا كنت تتحدث عن العقيدة والإيمان بل إن الأخطر من ذلك أن يتحول المرض إلي عقيدة يتقرب بها الإنسان المريض إلي الله ظنا منه أنه دائما وأبدا علي صواب وغيره علي خطأ. وهذه آفة ومرض من أمراض العقول التي سرعان ما تتحول إلي مرض عضال في القلب فينعقد عليه ثم يصبح عقيدة راسخة فلا يمكن فك المرض من الاعتقاد أو الاعتقاد من المرض وهذا أسوأ أنواع الأمراض التي قد لا يوجد لها علاج إلا إذا عاد صاحبه إلي المعيار فقدمت منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة علي سائر المناهج البشرية التي كانت سببا أساسيا في خلط الأوراق وضلال وإضلال هؤلاء الناس. ولكن الخطر الداهم علي المجتمع في أن يظل المريض علي مرضه دون طلب للعلاج وفي نفس الوقت يتحول إلي مرض ينقله لباقي أفراد المجتمع خاصة إذا علمنا أن عدم فهم الإسلام عند الدعاة سيفعل مفعول المعد الذي يحتاج إلي رعاية خاصة حتي نمنع انتشار خطأ الفهم الصحيح للإسلام من خلال موصل رديء يتمثل في الدعاة النصابين بالعديد من الأمراض التي من أجلها جاء الإسلام لتخليص الناس منها. ومن هنا نجد إن أخطر الظواهر المرضية التي في هذه الجماعات وتلك التيارات المختلفة إلا مار رحم اله هي في اعتقادهم أنهم يمثلون الإسلام وأهله مما يؤدي إلي ارتكابهم العنف وهذا يعود إلي عدم فهم لمنهج القرآن ومنهج النبوة في التعاطي مع هذه الظاهرة المرضية التي حولت البعض منهم إلي دعاة للفتنة وازدراء لناس واحتقارهم باسم الإسلام ما نفر منهم عامة الناس وكأنهم يوزعون صكوك الغفران بل وتحول البعض منهم إلي التحريض علي العنف والكراهية والقتل والذي حول البعض منهم إلي قتلة ومأجورين يعتدون علي الأوطان والأموال والأنفس والأعراض ومن يعارضهم يتهمونه بالكفر والإلحاد في غياب المعيار وكل هذا نقيض للمشروع الإسلامي الذي يدعو إليه الإسلام وفي القلب منه السلام. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :