إذا كان الإسلام هو دين الله فإن الله لم يعط لأحد توكيلا حصريا له حتي يتحدث بإسمه حتي ولو في شخص صاحب الدعوة محمد صلي الله عليه وسلم فقد اختار الله سبحانه وتعالي لتبليغ رسالته إلي البشر جميعا في سلسلة متصلة الحلقات بدأت بأدم وانتهت بمحمد صلي الله عليه وسلم. ومعني هذا أنه لا يحق لأحد من المسلمين فردا كان أو جماعة أو طائفة أو قبيلة حق التحدث باسم الإسلام ومن هذا المنطلق نجد أن القرآن الكريم والسنة الصحيحة هما المنطلقان الوحيدان الذي يجب أن يطنلق منهما المسلم ويعاير به نفسه عليهما سواء أكان داعية إلي الإسلام أو متلقي له من عامة الناس وهذا الفهم الصحيح ينصب علي منهج النبوة الذي يقلص من فجوة الخلافات وحدة الاشتباكات بين دعاة الإسلام وعامة الناس مع بعضهم البعض ويسهل من طريقة تقديم الفهم الصحيح لمنهج الإسلام الذي يعتمد علي منهج القرآن ومنهج النبوة. فالمشروع الإسلامي يعتمد بالدرجة الءولي علي وحدة المنهج التي تعتمد علي أصل الرسالة ومصدريها الوحيدين في الكتاب والسنة ولا تعطي الحق لمناهج الاخرين الذين ابتدعوها بعيدا عن روح الإسلام وقيمه حتي ولو ادعوا غير ذلك أن تكون لها مكانة في نفوس المسلمين وبالرغم من ذلك فقد قسمت المسلمين إلي جماعات وشيع وطوائف وجعلت كل واحد منهم يدعي لنفسه الحقيقة لدرجة أنك تعتقد أن الواحد منهم قد أعطي لنفسه توكيلا حصريا للتحدث باسم الإسلام دون أن يراجعه أحد وهذه هي علة المرض الئي أصاب دعاة المسلمين وعامتهم علي حد سواء وهي ظاهرة تستحق الدراسة للخروج من هذا المأزق بنتائج تفصح عن حقيقة العلل وتقدم الحلول التي تعيدنا إلي جادة الصواب وإلي صحيح الإسلام المنبثق عن منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة بعيدا عن الصورة الشكلية أو الهامشية أو الهزلية التي تعطي لبعض الدعاة أو بعض الجماعات الحق في تكييف منهج علي هواها وحتي يكف البعض عن التحدث باسم الإسلام علي غير الحقيقة والواقع. فغاية منهج الإسلام هو تعريف الإنسان بخالقه حتي يتحول إلي إنسان إيجابي يدين بالولاء لله وحده وليس لأحد سواه ومن ثم يدرك أن كل هذه النعم التي يعيش فيها هي من عطاء الله سبحانه وتعالي دون مقابل ولذلك كان علي الإنسان شكر المنعم الذي وهبه هذه الحياة فيشعر بالامتنان إلي ربه وهذا ينعكس بشكل إيجابي علي نفسه وأسرته والمجتمع الذي يعيش فيه فيتحول إلي مصدر لكل خير ينتشر في ربوع المجتمع بل ويتعدها إلي أركان الأرض فيصيب الناس جميعا بالأمن والأمان والسلام والراحة والإطمئنان بل ويتحول هذا الإنسان المسلم إلي خادم لوطنه وأمته وانسانيته دون أن يزكي نفسه أو ينتظر جزاء ولا شكورا من أحد إن كان عنده ذرة من إيمان بوعد الآخرة القادم علي ميعاد. ولذلك نجد أن وجود العقيدة الصافية في نفس المسلم والخالية من الشوائب والتي تشهد بوحدانية الله سبحانه وتعالي والتي تنعكس علي عبادته ومعاملاته في وجود الإخلاص هي التي تحول سلوكه إلي سلوك إيجابي في المجتمع الذي يعيش فيه فبدلا من أن يتحدث هو عن الإسلام ويجهد نفسه في الحديث عنه دون أن ينعكس ذلك علي أرض الواقع نجد أن سلوكه وقيمه وأخلاقه هي التي تتحدث عنه وتعبر عن أعماله فيعرفه الناس بأخلاقه الحسنة وصدقه وأمانته وغيرها من الصفات الإنسانية الراقية المغموسة في الإسلام فيحول كل هذا إلي طاقة منتجة تدر عليه الخير فيحل مشاكله ومشكلات المجتمع الذي يعيش فيه. وبالتالي يصبح المسلم صحيح الإسلام لنفسه وأسرته ومجتمعه الذي يعيش فيه وأمته وجيرانه حول الكرة الأرضية فيصنع النموذج بنفسه فيأتي إليه الناس أفرادا وجماعات يقرون بعظمة الإسلام مما يجعله يسعي بكل ما أوتي من قوة العقيدة وصحة البدن في حل مشكلات مجتمعه ويضع نصب عينه تقدمه من خلال العلم والمعرفة التي أكد عليها الإسلام في منهج القرآن ومنهج النبوة من خلال الأصل والجوهر وبعيدا عن الشكل والمظهر الئي أصبح هو المحرك الأساسي لدعوة إلي الإسلام ولا داعي إلي تقسيم الناس علي أساس ديني أو طائفي لأن غاية الإسلام هي توصيل رسالة الإسلام بإخلاص وشفافية إلي الناس جميعا من أجل إسعادهم في دنياهم وأخرتهم بالحب والمودة والرحمة وليس بالعنف والخوف والإكراه ولسنا بصدد سرد العديد من الآيات القرآنية والكثير من الأحاديث النبوية التي تدعو إلي ذلك وتصب في هذا المعني. ومن ثم يصبح الإنسان فاعلا في مجتمعه حريصا علي أهله وجيرانه وبني وطنه عاملا علي رفعة شأنه مدافعا عن وحدته ولحمته ووجوده بعد أن أدرك عظمة الإسلام النبع الصافي الذي لم تلوثه الأهواء ولا الشهوات ولا حب الدنيا, فيصبح كالثوب الأبيض ناصع البياض فيرفض تلك الأفكار السوداوية التي تسيء إلي دينه وتبث العنف والكراهية باسم الإسلام بالرغم من كثرة الحديث عن الإسلام دون واقع فعلي علي الأرض في حضور المصالح الشخصية وتقديمها علي المصلحة العامة إلا ماندر وفي غياب الإخلاص الشرط الأساسي لقبول الأعمال. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :