لم يكن خلع المستشار أحمد الزند من منصبه أمرًا سهلًا، فقد جرت خلال الساعات الأخيرة قبل الإقالة محاولات لاستعراض القوة، قادها الزند وقضاة محسوبون عليه، حيث تشبث الرجل بكرسيه حتى الرمق الأخير ودفع بحاشيته وشحذ هممهم، وأبى أن تكون نهايته سريعة ويصبح من المقالين بعد 10 أشهر فقط في الوزارة. راهن وزير العدل المقال أحمد الزند بقوة على تصريحاته العنترية وتوظيفه لمصطلحات رنانة، جعلته يعتقد أنه الوزير الذي لا يقهر، وحامى حمى النظام، وأنه ركن لا يمكن الاستغناء عنه مهما سبب له من حرج بتصريحاته التي تستفز الرأي العام. حاول الوزير المقال إنقاذ الموقف بشتى الطرق وقاتل باستماتة في سبيل خروج آمن، والهروب من شبح الحصول على لقب الوزير المقال، وأن يلحق بسابقه محفوظ صابر في توديع الوزارة بسبب "زلة لسان". "إقالته بسبب الإساءة لنبي الله" هكذا سيظل السبب المرتبط، بالإطاحة بوزير أثارت تصريحاته جدلاً واسعًا، ولم يسلم من لسانه أحد. محكمة الرأي العام هذه المرة من الإعلام إلى مواقع التواصل الاجتماعي، كانت أكثر صرامة، ولم تلتفت لدفوع الزند، واعتذاراته التي قدمها متجولا عبر الفضائيات عقب زلة لسانه الأخيرة في حق النبي صلى الله عليه وسلم". نهاية الوزير المقال بدأت بما أدلى به خلال برنامج "نظرة" على فضائية "صدى البلد" الجمعة الماضي، بتصريحات مستفزة، حيث قال الزند: "إنه لن يتنازل في القضايا المنظورة أمام القضاء بحق الصحفيين، ردًا على سؤال الإعلامي حمدي رزق "هتحبس صحفيين؟!"، فأجاب وزير العدل باندفاع قائلاً: "انشالله يكون النبي صلى الله عليه وسلم.. أستغفر الله.. المخطئ أيًا كانت صفته سيحاسب". وأثارت تصريحات الزند المسيئة للرسول موجة من الغضب، وسط مطالبات بمحاسبة وزير العدل وإقالته، سقط الوزير المقال فى براثن ازدراء الدين والاستهانة بنبي الله. "كيف له أن يبقى في منصبه الذي تركه سابقه المستشار محفوظ صابر نتيجة استهانته بأبناء عامل النظافة"، هكذا عقدت المقارنات على شبكات التواصل الاجتماعي، وتعالت الأصوات المطالبة بالخلاص من الزند. ومن هنا جاء التدخل الحكومي إثر تقارير الجهات السيادية التي وصفتها مصادر مطلعة بأنها أكدت "أن استقالة الزند باتت واجبة نتيجة لحالة الغضب والاحتقان التى تسبب فيها الرجل، وإثارته العاطفة الدينية لدى جموع الرأى العام". وأكدت المصادر، أن إقالة وزير العدل السابق أحمد الزند جاءت كرد فعل قوي من الدولة عقب رفضه تقديم استقالته وتحديه لرأي القيادة السياسية وتمسكه بمنصبه كوزير للعدل. روت المصادر التسلسل الزمني لتفاصيل الساعات الأخيرة لصدور قرار الإقالة "ففي حوالي الساعة الرابعة عصر اليوم، هاتف مسئول حكومي الوزير أحمد الزند وطلب منه تقديم استقالته، نتيجة لحالة الغضب العارمة ضده في الشارع". "أثناء الاتصال الذي استمر نحو دقيقتين فقط حاول الزند الدخول فى جدال وإبراز مواقفه الوطنية، كما برر بأن مهاجميه هم مجموعة قليلة من الإخوان ونشطاء "فيسبوك" حسب المصادر، فى محاولة منه للتمسك بالمنصب ولكن لم يلق الأمر استحسانًا، وطٌلب المسئول الكبير من الزند أن ينهى الأمر بشكل لائق ودون شوشرة". مع إصرار الزند على أنه اعتذر ولا داعي لاستقالته، وأنه يجب انتظار التعديل الوزاري المرتقب، اضطر المسئول الحكومي أن يبلغ الزند، بحصوله على تقارير قدمتها جهات سيادية في الدولة تؤكد وجود حالة احتقان وغضب شعبي، وأن بقاءه في منصبه سيفجر موجة غضب وانتقادات شديدة لا يحمد عقباها". انتهت المكالمة وانتظرت رئاسة الوزراء ورود نص استقالة الزند إلى مكتب رئيس الوزراء مساء أمس الأحد، لكن الوزير المقال لم يفعل وبادر بالاتصال بصحفي تربطه به علاقة صداقة قوية، وعرض عليه الموقف، في محاولة أخيرة من الزند أن يجد مخرجًا آمنًا للخروج من المأزق بأقل الخسائر. كانت بالونة الاختبار الأخيرة التي راهن عليها الزند بقوة هي الإعلان عن موقفه بأخبار وتسريبات تحمل في طياتها تعرضه لضغوط لتركه منصبه، ظنًا منه أن هذا الأمر سيكون مدعاة لحشد مؤيديه والضغط على رئيس الحكومة. أعقب ذلك اتصال الزند بمؤيديه ومريديه من القضاة لمؤازرته والحشد في سبيل تراجع الحكومة عن القرار، وترك مكتبه في وزارة العدل، واتجه إلى منزله في التجمع الخامس، وتبعه عدد من القضاة، وأطلق بعض مؤيديه عددًا من التصريحات الرافضة لإقالته، عبر عدة برامج، في تدخل نادر من السلطة القضائية في أعمال السلطة التنفيذية. بينما اجتمع مجلس إدارة نادي القضاة، بمقر النادي بوسط القاهرة، وأصدر بيانًا، يرفض فيه الضغط، على الزند، وهي الخطوة التي كانت مقروءة لدى جهات سيادية في الدولة، والتي عاجلت الزند بقرار الإقالة، وأفسدت كل محاولاته للاستمرار في منصبه، فقد صدر بيان النادي ليجد أن قرار الإقالة قد أخذ طريقه للنشر في وسائل الإعلام. كتبت النهاية للزند الذي تولى وزارة العدل، في مايو من العام الماضي، واشتهر عنه تصريحاته المثيرة للجدل، ومنها وصف "القضاة بالأسياد ودونهم العبيد، وأن تعيين أبناء القضاة في النيابة العامة كالزحف المقدس لن يتوقف، وأن المواطن المصري يستطيع العيش ب 2 جنيه وآخرها أنه يمكن أن يحبس النبى صلى الله عليه وسلم إذا خالف القانون".