قال الدكتور صلاح سلام عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن المجلس خرج اليوم من خلال مؤتمر "المشكلة السكانية والحلول غير التقليدية" بعدة بنود ستكون خارطة طريق لمستقبل مصر فى حل الأزمة السكانية. وأضاف سلام فى تصريح ل"بوابة الأهرام" أن البنود التى خلص إليها المجلس فى مؤتمره ستجمع فى وثيقة وتعرض على المختصين والمسؤلين لتنفيذ ما جاء بها من حلول على أرض الواقع. وأرجع أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادى ورئيس مجلس مؤسسة الأهرام سبب زيادة السكان بمصر فى النصف القرن الماضى، إلى التيار الإسلامى. وأضاف النجار فى كلمته خلال المؤتمر أن مصر مرت بعدد من المراحل فى معدلات المواليد، ففى البداية كان هناك زيادة إنجاب مقابل زيادة وفيات بسبب تدنى المستوى العلمى والصحى وانتقل بعد ذلك إلى مرحلة الاضطرابات الحادة، حيث يحدث انهيار سكانى والذى مرت به بسبب الجفاف والمجاعات والحروب والاحتلال والذى مع انتهائها انتقل المجتمع إلى مرحلة الانفجارات السكانية. وأكد أنه حتى عام 1965 كنا فى أقل مستويات المواليد، حيث كان المجتمع يتمتع بتطور ثقافى وتنويرى كبير، وهو ما أدى إلى وصول مصر لأعلى معدلات النمو التى وصلت إلى 6.8 والتى كانت تقارب الدول الصناعية الكبرى، استمر الوضع حتى السبعينيات الذى واجهت خلاله مصر ارتدادًا كبيرًا سببه الأول فتح باب الهجرة إلى دول الخليج ليكتسب المصريون ثقافة الوهابية التى لا تدعم خفض المواليد أو تحديدها وأدت إلى عودة المهاجرين بأفكار تحمل رفض عمل المرأة وزيادة الإنجاب، ما زاد المعدلات من 1.9 حتى 2.52. وأوضح النجار أن الذى ساعد على ذلك إطلاق السادات للتيارات الإسلامية خصوصًا السلفية التى ساهمت فى ترسيخ هذه الأفكار فى المجتمع عبر الجمعيات الشرعية التى لم تكن عليها أى رقابة، وأدت إلى إعادة عقارب الزمن مرة أخرى إلى الوراء وعودة معدلات الإنجاب مرة أخرى، وبعدما كانت مصر تسبق دول الخليج بقرن من الزمن استلهمت مرة أخرى كل الأفكار الرجعية. وتابع الخبير الاقتصادى أن هذه التيارات أدت إلى زياد2011 جديدة بعد وصول الإخوان والتيار السلفى للحكم، حيث عادوا من جديد لفرض ثقافتهم الرجعية الخاصة بالمواليد لتعود المعدلات إلى زيادة رهيبة فى أقل من 50 سنة. وقال "النجار"إن تأثير هذه الزيادة السكانية فى تلك الفترة على معدلات النمو التى أصبحت بطيئة بدرجة لا تحقق أى تقدم اقتصادى وكنا فى الستينيات على سبيل المثال إنتاجنا المحلى يصل إلى 5 مليارات مقابل 2.3 تقريبًا للسعودية و3 مليارات لكوريا، حاليًا تصل إنتاجنا 257 مليار دولار بينما تصل كوريا إلى 1300 مليار والسعودية 750 مليارًا، وهذا يعنى أن كل الدول بلا استثناء عملت فرقًا كبيرًا وإحنا تراجعنا بشكل رهيب". واختتم رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام حديثة قائلا "رغم كل ذلك فالتكوين السكانى يعتبر مثالى، حيث تصل معدلات إعداد المواطنين أقل من 60 عامًا أى سن الإنتاج لما يزيد على 60% وهو ما يعنى أنه فى حالة وضع الدولة خطة محكمة لاستغلال هذه الطاقة البشرية ستحدث مصر اختراق اقتصادى كبير، لكن فى ظل السياسات التى لا تنظر إلى هذه الأعداد على أنهم ثورة سيتحولون إلى بلاء". ومن جانبه، قال محمد فائق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن المشكلة السكانية ترتبط ارتباطا وثيقا بقضية التنمية ، فسكان أى مجتمع هم هدف التنمية، وهم أيضا وسيلتها لتحقيق الأهداف الأساسية لهذه التنمية فالمجتمع الذى تعانى فئة منه من الجوع أو الفقر المدقع أو الأمية أو عدم القدرة على العلاج أو الحرمان من التعليم الجيد، يكون مجتمعاً مأزوماً سكانيا. وأضاف إذا كانت هذه المشاكل تتفاقم بمعنى استمرار إتساع دائرة الجوع أو الفقر أو الأمية أو تتسع فيه دائرة المحرومين من التعليم الجيد أو الغير قادرين على العلاج تصبح المشكلة السكانية أكثر تعقيدا، وتتفاقم عندما يزيد معدل النمو السكانى عن معدل الزيادة فى النمو الإقتصادى، وتعجز معدلات التنمية الإقتصادية والإجتماعية عن ملاحقة الزيادة فى معدلات النمو السكانى، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة معدلات الفقر والحرمان الذى تكلمنا عنها من قبل. وأكد أن التوازن بين النمو السكانى والنمو الاقتصادى وحدة لم يعد كافيا لحل المشاكل السكانية فى مجتمع يفتقد العدالة الاجتماعية، فقد أصبح من الممكن أن ينمو الاقتصاد الكلى فى البلاد نموا كبيرا فى الوقت الذى تزيد فيه دائرة الفقر، وذلك لأن المشاكل السكانية لم تعد تحل تلقائيا مع مجرد النمو الاقتصادى، وذلك بسبب ثورة التكنولوجيا وعملية الأتوميشن التى جعلت المصنع الذى كان يدار بألف شخص يمكن اليوم أن يدار بمائة فقط أو ربما أقل، وقلت بذلك الأعداد التى تستفيد من المشروعات الاقتصادية. ولخص فائق المشكلة السكانية فى أربع نقاط هى أولا : أن أخطر المشاكل السكانية التى تواجهنا فى الوقت الحالى هى الزيادة العالية فى النمو السكانى، وأصبح من الضرورى العمل بكل جدية لخفض معدل النمو السكانى فى مصر، واعتبار هذا هدفا له أولوية متقدمة فى خطة التنمية و العودة إلى خطط تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية الجادة. ثانيا :إننا ندرك جيدا أن الموارد البشرية هى أهم عناصر قوة الأمم وأن البشر هم قوة العمل المنتجة وهم الجنود الذين يدافعون عن بلادهم، فالزيادة السكانية يمكن أن تكون مصدر قوة، وذلك صحيح إذا أمكن توفير العلم الجيد لكل طفل يولد والرعاية الصحية التى تتكفل به، هنا فقط يمكن أن نعتبر كل طفل يولد هو إضافة جديدة. ثالثا : لقد تأخرنا كثيرا فى مجال التنمية البشرية حتى أصبح هناك فجوة كبيرة بيننا وبين الأمم الناهضة، علينا أن نسد هذه الفجوة بمزيد من العمل والتصميم ففى مؤتمر الألفية الذى عقد فى الأممالمتحدة فى بداية هذا القرن وحضره 186 رئيس دولة وحكومة، اتفق على خطة التنمية للخمسة عشر سنة التالية تنتهى عام 2015 سميت " الأهداف الإنمائية للألفية" كان من بينها خفض عدد الفقراء فى العالم إلى النصف، وحققت أغلبية دول العالم هذا الهدف إلا منطقتنا العربية التى لم تحقق هذه الأهداف خلال الخمسة عشر سنة الماضية ، و جاءت القمة الجديدة المنعقدة الآن فى نيويورك والتى حضرها السيد رئيس الجمهورية لتضع خطة للتنمية المستدامة على مستوى العالم. رابعا : رغم الاهتمام العالمى بعملية التنمية والتى تظهر فى المؤتمرات الدولية، مثل المؤتمر الدولى للسكان 1974، والمؤتمر الدولى المعنى بالسكان 1984 ، ثم المؤتمر الدولى للسكان والتنمية 1994 الذى عقد فى القاهرة، وأخيرا مؤتمر القمة الحالى المنعقد فى الأممالمتحدة فى نيويورك ورغم كل البرامج الرائعة التى تصدر عن هذه المؤتمرات وصلاحيتها لأن تكون دليلا مهما فى سياستنا السكانية وخطط التنمية، إلا أن الأمر يعتمد فى الأساس على ثلاثة أشياء هى إرادة حقيقية للتغيير، والاعتماد على إمكانياتنا الذاتية فى إيجاد تنمية يستفيد منها كل أفراد الشعب وأيضا غطاء عربى وإفريقى، فنحن فى عالم لم يعد فيه مكانًا للكيانات الصغيرة. خامسا : إن الإرهاب هو أكبر عقبة تقف أمام التنمية، كما أنه يهدد السلم والأمن الدوليين، والإرهاب خطر على جميع شعوب العالم، يجب استئصاله بجميع أشكاله وصوره، ولن يتم ذلك إلا باتفاق دولى تشارك فيه كل دول العالم. وأخيرا : فإن منطقتنا العربية المشتعلة بالحروب بالوكالة هى أحوج مناطق العالم إلى السلام الذى ينهى أقدم إحتلال فى العالم ويعطى الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، فالسلام القائم على العدل هو السلام الذى يدوم ويحقق الإستقرار فى المنطقة. أما أبو بكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فقال إن الزيادة السكانية فى مصر خراب ونقمة يجب مواجهتها والحد منها. وأضاف أن عدد المواليد فى مصر سنويًا تساوى مواليد 4 دول بالكامل وهى فرنسا وإيطاليا وإنجلترا وإسبانيا، فالمشكلة السكانية أخطر من الإرهاب و الحديث عن اعتبار السكان كأداة للتنمية أمر غير مطروح خلال اللحظة الراهنة لأنه لا يتناسب مع إمكانياتنا ولا الموارد التى تحول السكان إلى منتجين. وأكد أن مصر تحتاج إلى نمو اقتصادى لا يقل عن 8% لاستيعاب الزيادة السكانية وهو أمر شبه مستحيل حاليا لذك الحل الوحيد هو العمل على تقليل الزيادة، لاننا لك ا نمتل عصا سحرية ونتجه لمنحدر خطير خصوصًا أن المجتمع غير مدرك بوطأة هذه المشكلة.