توافد آلاف المواطنين منذ صباح اليوم على ميدان التحرير للمشاركة فيما أطلق عليه ب(جمعة الغضب الثانية)، والتى دعت إليها العديد من القوى والتيارات السياسية المختلفة من أجل تصحيح مسار الثورة. ودعا المتجمعون بالميدان إلى تشكيل مجلس رئاسي مدني لتنفيذ جميع أهداف الثورة، وإجراء نقاش مجتمعى موسع قبل إصدار التشريعات والقوانين، وسرعة محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك وجميع رموز نظامه ومصادرة كل أموالهم لصالح الشعب، وكذلك محاكمة المسئولين عن قتل شهداء الثورة وعلى رأسهم حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، وتطهير جهاز الشرطة مما وصفوه ب(قياداته الفاسدة) وإعادة الأمن والأمان إلى الشارع المصرى. كما طالبوا بتطهير المحليات وانتخاب المحافظين، وتطهير كافة وسائل الإعلام، و الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا سواء قبل 25 يناير أو بعدها، واسترجاع كل أموال الشعب المنهوبة، ومحاكمة كل من شارك أو ساهم أو تواطأ في نهب ثروات البلاد، والإشراف القضائى والحقوقى الكامل على جهاز الأمن الوطنى الذى تم استحداثه بوزارة الداخلية فى مارس الماضى كبديل لجهاز مباحث أمن الدولة المنحل، وإلغاء إحالة المدنيين إلى قضاء عسكرى وإعادة محاكمة كل المحكوم عليهم بأحكام عسكرية وتحويلهم إلى المحاكم المدنية. وقام شباب الثورة بتعليق العديد من اللافتات الكبيرة على حدود الميدان للتعبير عن مطالبهم ومن بينها (الشعب يريد محاكمة علنية وسريعة لرموز الفساد)، و(الشعب يريد إقالة يحيى الجمل والوزراء المحسوبين على النظام السابق)، و(الشعب يريد تحديد اختصاصات جهاز الأمن الوطنى وجعله جهازا للمعلومات فقط ..) . كما قام المتجمعون داخل الميدان بنصب أكثر من إذاعة داخلية لمتابعة (جمعة الغضب الثانية)، حيث تم نصب الإذاعة الرئيسية فى مكانها المعتاد أمام مبنى الجامعة الأمريكية، بينما تم نصب إذاعة أخرى بالمواجهة لمجمع التحرير، فى حين تم نصب الإذاعة الثالثة داخل الميدان بأول شارع قصر النيل، وبدأت الإذاعات الثلاثة فى بث الأغانى الوطنية القديمة والحديثة، والتى ألهبت حماس كل من فى الميدان. وقام المحتشدون بميدان التحرير بوضع حواجز حديدية بأول شارع قصر النيل، وآخر شارع قصر العينى أمام مبنى الجامعة الأمريكية، وأمام مسجد عمر مكرم، وأمام مبنى الجامعة العربية، وأمام مبنى المتحف المصرى، وجميع الشوارع المؤدية للميدان ، للتأكد من عدم تسلل أى عناصر مخربة أو خارجة عن القانون الى الميدان، فيما انتشر الشباب على مداخل الميدان للتأكد من هوية الوافدين للمشاركة فى جمعة اليوم وتفتيشهم للتأكد من عدم حملهم أى أسلحة أو آلات حادة وقد خلا ميدان التحرير تماما من أى وجود عسكرى أو شرطى، وذلك بعد أن أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمس الخميس عدم التواجد نهائيا فى مناطق التظاهرات اليوم، والاعتماد على شباب الثورة فى تولى التنظيم والتأمين إحساسا منه بالمسئولية التاريخية نحو مصالح البلاد ،حيث سيقتصر دور القوات المسلحة على تأمين المنشآت المهمة والحيوية للتصدي لأى محاولات للعبث بأمن مصر. وطالب المجلس الأعلى بمراعاة الحيطة والحذر، خاصة مع ما يتردد من احتمالات قيام عناصر مشبوهة بمحاولة تنفيذ أعمال تهدف إلى الوقيعة بين أبناء الشعب المصري وقواته المسلحة، كما قرر المجلس عدم استخدام القوات المسلحة العنف ضد المتظاهرين أو إطلاق الرصاص تجاه أبناء الوطن الغالي، موضحا فى رسالة بصفحته على " فيس بوك " أن حق التظاهر السلمى مكفول لأبناء هذا الشعب العظيم الذى أعاد كتابة تاريخ مصر الحديثة من خلال ثورته السلمية التى أبهرت العالم أجمع، وأن القوات المسلحة المصرية من الشعب وله، وحمايتها للثورة منذ انطلاقها كان إيمانا منها بهذا المبدأ.