تعتبر ضريبة الأغنياء من الضرائب المثيرة للجدل عالميًا، فطالما تتعرض للهجوم من قبل كبار المستثمرين والدخول المرتفعة رغم أنهم يدفعون للدولة نسبة أقل مما يدفعه ذوي الدخول المتوسطة، في العالم كله. كان مجلس الوزراء، قد وافق خلال اجتماعه أمس الأربعاء، على التعديل المقترح من وزارة المالية لقانون الضريبة على الدخل بخصوص فرض ضريبة إضافية مؤقتة بنسبة 5% على الدخول أكثر من مليون جنيه (سنوياً)، ومع السماح للممول باستخدام مبلغ الضريبة في تمويل مشروع خدمي أو أكثر من بين المشروعات العامة وتعد مصر من الدول المتأخرة في فرض ذلك النمط من الضرائب، حيث أقرته العديد من الدول الأوروبية خصوصًا بعد الأزمة المالية العالمية لمواجهة زيادة عجز الموازنة أو مواجهة أزمات الديون السيادية أو حتى خطط التحفيز الاقتصادي. وقال هاني قدري، وزير المالية، في تصريحات صحفية مساء أمس الأربعاء، إن تطبيق ضريبة 5 بالمائة على الدخل سوف تعيد على خزانة الدولة بمبالغ تتراوح بين 2 و3 مليار جنيه تساهم في سد عجز الموازنة. يتراوح العجز الكلي في الموازنة الجديدة بين 340 و350 مليار جنيه، بنسبة 11 أو 12% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن وزارة المالية، تسعى حاليًا لتخفيض نسبته لتبلغ 10% فقط، أي بتقليله بقيمة تتراوح بين 120 و130 مليار جنيه، ليقدر بمبلغ 220 و230 مليارًا. وتعتبر مصر من أقل دول العالم في الضرائب، ففى السويد تصل معدلات الضريبة الى 80% والولايات المتحدة تصل الى 40%، كما فرض الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى فرض ضريبة 75 بالمئة على شريحة الدخل التي تتجاوز مليون يورو، رغم أن حصيلتها لن تتجاوز 300 مليون يورو سنويًا. ومع سعي أوباما لخفض العجز في موازنته بأكثر من 3 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة، لجأ إلى ما يسمى بضريبة "بافيت" على الاشخاص الذين يكسبون أكثر من مليون دولار سنويًا بجانب ضريبة أخرى على الأسر التي يزيد دخلها السنوي علي 250 الف دولار، لتحصيل 800 مليار دولار. واسم"بافيت" يرجع إلي الملياردير الامريكي وارن بافيت الذي طالب بدفع الأغنياء ضرائب أكثر قائلاً إن إجمالي مايدفعه أقل من سكرتيرته، قائلاً إن الأثرياء الأمريكيين يدفعون ضرائب أقل، مما يدفعه أصحاب الدخل المتوسط، لأن الضرائب المفروضة على الأرباح التي يحققونها من الاستثمار أقل من المفروضة على الأجور. الأمر ذاته تكرر في أسبانيا، والتي رفعت الضرائب علي الاغنياء مع فرض ضريبة علي اساس الاصول الجديدة التي تستهدف الاكثر ثراء في البلاد الذين تتجاوز اصولهم مليون دولار، لزيادة الحصيلة الضريبية بما قد يصل الي 1.3 مليار دولار، موضحة أن تلك الضريبة تحقق مبادئ العدالة بحيث يساهم الأغنياء في جهود الخروج من الأزمة المالية بها. وفي ألمانيا يساهم الأغنياء بحوالي 31% وفي ايطاليا 44%، وفي بريطانيا 39% وفي أمريكا بحوالي45%، وفي السوي يصل معدل الضريبة على الدخل إلى 56.5% لمن يزيد دخله السنوي عن 64 ألف دولار و50% على كل من يزيد دخله السنوي عن 50 ألف دولار، كما تفرض اليابان ضريبة بنسبة50% على كل من يزيد دخله السنوي عن 52 ألف دولار. ويرى البعض أن فرض ذلك النمط من الضرائب قد يؤثر بالسلب على الاستثمار، إذ هاجم اتحاد الصناعات المصرية، فرض الضريبة ال5% قائلاً إنها غير عادلة وتوقستها غير مناسب، مشيرا إلى أن هناك العديد من المتهربين من دفع الضرائب كما أن مصر ليست دولة تتمتع بمميزات اقتصادية تستطيع أن تفرض بها ضرائب مثل الدول الاقتصادية المتقدمة. إلا أن أحمد الوكيل، رئيس إتحاد عام الغرف التجارية، اكتفى بالتأكيد، في تصريحات صحفية اليوم الخميس، بالتأكيد على أن المستثمرين مصريين مرحبين الضريبة، إلا أنه طالب بأن تكون اختيارية على المستثمرين الأجانب والعرب. في المقابل، تقول الحكومة إن تلك الضريبة تحقق العدالة، موضحة أنه تم السماح للممول باستخدام مبلغ الضريبة في تمويل مشروع خدمي أو أكثر من بين المشروعات العامة في مجالات التعليم والصحة والزراعة والإسكان والبنية التحتية الموزعة على مختلف محافظات ومدن ومراكز وقرى الجمهورية وسوف يتم تحديد هذه المشروعات بقرار من وزير المالية بالتنسيق مع وزير التخطيط والتعاون الدولي. ويرى خبراء الاقتصاد ومن بينهم الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن ما يقوله الصناع في المؤتمرات الرسمية من سعيهم لدعم الدولة والاقتصاد منافي تمامًا مع ما يقولونه لوسائل الإعلام، مؤيدًا فرض تلك الضريبة التي يقول إنها حق للمجتمع على رجال الأعمال الذين حققوا ثرواتهم منه. وطالب الحكومة بنشر ما يسمى بالقوائم السودء لرجال الأعمال والمستثمرين غير المتعاونين حتى يعرفهم الرأي العام، مضيفة أن أي دولة بعد الثورات أو الأزمات تعاني من نقص الإيرادات للانفلات الأمني وغياب الاستثمار ويتم تعويضها عبر 3 وسائل إما بتخفيض الرواتب أو فرض ضرائب على الأغنياء أو تخفيض جزء من الدعم خصوصا الطاقة. ومن المقرر استخدام تلك الضريبة، في تمويل مجالات التعليم والصحة والزراعة والاسكان والبنية التحتية الموزعة على مختلف محافظات ومدن ومراكز وقرى الجمهورية وسوف يتم تحديد هذه المشروعات بقرار من وزير المالية بالتنسيق مع وزير التخطيط والتعاون الدولى.