سؤال طرح نفسه ويحتاج إلي اجابة: لماذا لم تنتقل عدوي بيل جيتس أووارين بافيت وهم من الأمريكان إلي رجال الأعمال المصريين خاصة في ظل الظروف التي تمر بها مصر؟! ولماذا كما أصابتنا عدوي آليات السوق الحر ودافعنا عنها بشراسة خلال السنوات القادمة لم نستقدم معها آليات العدالة الاجتماعية؟! بافيت الأمريكي ولمن لا يعرف "وارين بافيت" فهو ثاني أكبر ملياردير في أمريكا بعد "بيل جيتس" وتبلغ ثروته 39 مليار دولار ورأي أنه ليس أقل من بيل جيتس الذي ترك شركته في عز الأزمة المالية العالمية وتفرغ للعمل الخيري وقام بافيت بالتبرع بحوالي 37 مليار دولار تمثل 85% من إجمالي ثروته للأعمال الخيرية ولم يكتف بذلك بل قال: "إن الأغنياء لا يساهمون بالقدر الكافي في خدمة المجتمع وليس معقولا أن أدفع ضرائب عن دخلي أقل مما تدفعه سكرتيرتي" وهذا ما أثار حفيظة الأثرياء الأمريكان.. وإذا قارنا هذا الرجل ومواقفه بما طالب به رجال الأعمال بعدم زيادة سعر الضريبة علي الدخول وعدم تطبيق الضريبة التصاعدية علي دخولهم وأرباح شركاتهم وتقبلوا علي مضض" فرض ضريبة اضافية بنسبة 5% علي ما يزيد علي 15 مليون جنيه من دخولهم السنوية.. كما رفضوا أي اقتراح بفرض ضريبة علي توزيعات أرباح الشركات وكان البعض يتوقع بعد الثورة أن يبادر كبار رجال الأعمال باقتراح بنود للايرادات العامة خفف من عجز الموازنة والتي تتجاوز من ال170 مليار جنيه لتفادي اللجوء إلي الخارج للاقتراض. وما تمر به مصر خلال الفترة الحالية هو اقتصاد أزمة بكل ما تعني الكلمة ورغم ذلك فمصر تسير عكس الاتجاه العالمي فالمطالب الفئوية تتزايد والانفاق الحكومي يتزايد وفي ظل ذلك حدث عكس ما كنا نتوقعه من مجتمع رجال الأعمال حيث اختفوا من علي الساحة الاعلامية بعد أن سقط عدد منهم في قضايا فساد وزواج غير شرعي مع النظام السابق ولم يظهر لدينا كما حدث في أمريكا علي قمة أغنيائها مثل بيل جيس فيتبرع بالجزء الأكبر من ثروته البالغة 54 مليار دولار للمشروعات الخيرية دعما للفقراء أو مثل "وارين بافيت" الذي يدعو إلي زيادة الضرائب علي الاغنياء بخلاف تبرعه ب85% من ثروته للأعمال الخيرية فهل يمكن أن نري نموذجا مصريا بطعم جيتس أو بافيت؟! تفسير تاريخي وكما جاء في ملف الأهرام الاستراتيجي أنه يمكن فهم وتفسير القصور في دور رجال الأعمال في وقت الأزمات بأكثر من عامل في مقدمتها طبيعة نشأة شريحة رجال الأعمال فبعد أن ارتبطت في أوائل القرن العشرين برجال أمثال طلعت حرب حاولوا تأسيس صناعة وطنية في مواجهة المستعمر البريطاني عادت مرة أخري للظهور في السبعينيات من هذا القرن علي يد سياسة الانفتاح الرأسمالي التي اتبعتها الحكومة المصرية في ذلك الوقت والتي خلفت رجال أعمال كل همهم الربح ولذا ركزوا علي تجارة الوكالات الأجنبية وارتبطوا بالرأسمالية العالمية أكثر من تعبيرهم من مصالح المجتمع.. مضيفا بأنه لا يمكن وصف رجال الأعمال المصريين بأنهم جماعة أو نخبة أو شريحة متجانسة نظرا للعديد من الاعتبارات التي تحول دون اعتبارهم جماعة متماسكة متحدة المواقف فهناك اختلاف من حيث أصولهم الاجتماعية وذلك علي الصعيد الفكري والعقائدي وهناك كذلك تنوع في مجالات النشاط وتفاوت هائل في حجم النشاط وهناك أيضا تباين واضح في موقف رجال الأعمال من القضايا الاقتصادية والسياسية.