بخلاف المعتاد منهم، بسبب مواقفهم الراديكالية، انتقدت القوى الثورية على نحو غير متوقع قرار المحكمة الدستورية بالسماح لرجال الجيش والشرطة التصويت في الانتخابات ضمن تعديلاتها على قانون مباشرة الحقوق السياسية. إذ رأت فيه محاولة لإقحام المؤسسات الأمنية وتحديدًا الجيش في العملية السياسية. فمن جانبه، قال خالد المصري المتحدث باسم حركة شباب 6 أبريل إن إرسال قانوني الانتخابات وممارسة الحقوق السياسية أكثر من مرة إلى المحكمة الدستورية ورده، يثبت ما نادينا به مرارًاً وتكرارًاً بأن مجلس الشورى بتشكيله وهيئته الحالية غير مؤهل نهائياً للتشريع. وفي نفس الوقت أكد رفض الحركة القاطع لعملية إقحام أفراد الجيش والشرطة في خِضم حالة الاستقطاب السياسي الدائرة حالياً بالبلاد، بمنحهم حق التصويت في الانتخابات العامة، أرجع ذلك للأسباب التالية: أولا: أن الجيش والشرطة هما الهيئة المنوط بها حماية الصناديق والناخبين خلال عمليات الاقتراع، وإقرار حقهم الطبيعي بالتصويت، يجعل لهم مآرب بعملية الانتخابات، ما يدفع المواطنين التشكيك في نتائجها ومخرجاتها، الأمر الذي لا يصلح خلال إدارة هذه الفترة العصيبة التي تكتظ بالأزمات من كل جهة. ثانياً: أن دستور مصر على مر العصور لم ينص صراحة على منع أفراد الجيش والشرطة من التصويت بالانتخابات، ولكن منعتهم القوانين الناظمة لعمل هاتين المؤسستين لمنع عمليات التسييس والحفاظ على الحيادية والمهنية داخلهما. ولم يحدث أن محكمة دستورية رفضت هذا المنع ومنحتهم حق التصويت من قبل. حتى هيئة المحكمة الدستورية الحالية في زمن قريب لم تقم بإعطائهم هذا الحق بالتصويت. ثالثاً: القانون في العام لا يسلب أي مواطن حق التصويت في الانتخابات، إلا في فترات محددة، بالإضافة لكون القانون يكفل الحق لأي فرد داخل الجيش والشرطة التصويت بعد خروجه من الخدمة سواء كان هذا الخروج برغبته أو بانتهاء خدمته ببلوغه سن التقاعد. رابعاً: يستند البعض لواقع قائم بالدول الديمقراطية التي يتم فيها السماح لرجال الجيش والشرطة بالإدلاء بأصواتهم بالانتخابات العامة. السؤال هنا هل تخطينا داخل مصر المرحلة الانتقالية الصعبة التي نمر بها ووصلنا للديمقراطية الكاملة.. حتى يمكن القياس؟! هل وصلت حرية الرأي والنشر والتعبير للحدود المأمولة؟!. هل حققت طفرة مقارنة بما كان عليه الحال إبان النظام السابق أصلاً..؟! هل انتهت حالة الاستقطاب البغيضة التي تقسم المصريين وتجعل من كل القضايا موضع انقسام وخلاف سياسي..؟!. وخلص في النهاية، للقول: بربكم لا تُقحموا المؤسسة الشرطية والعسكرية في وسط هذا العبث والاحتقان والاستقطاب الذي تشهده مصر حاليًا. وأن كان هناك إصرار على ذلك فليس قبل الوصول للحالة الديمقراطية المقبولة على أية حال والاستقرار السياسي. كما طالب جميع الأطراف المعنية بتحمل المسئولية كاملة، فعلى مجلس الشورى مراعاة التركيز وإجراء التعديلات التي طلبتها المحكمة الدستورية، وعلى تلك المحكمة أن تعدل عن قرارها السماح لأفراد الجيش والشرطة بالتصويت في الانتخابات أثناء فترة الخدمة استناداً للأعراف القانونية المصرية في هذا الشأن. كما اتفق معه تلك النظرة عمرو حامد، المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة، من كون الفترة الحالية لا تسمح بإطلاق هذا الحق على إطلاقه، بل توقع حدوث صراع سياسي بين الجيش والدستورية بسبب القانون العسكري الذي يمنح رجال الجيش بالعمل في السياسية. وفي نفس الوقت انتقد أداء مجلس الشورى، وقال: أن الغاية من إصدار قوانين مرفوضة دستوريًا وهي: المماطلة وعدم إجراء انتخابات مجلس النواب في توقيها المحدد نهاية العام الحالي، حني تبقي سلطة التشريع لدي مجلس الشورى الذي يهيمن عليه التيار الإسلامي. ومن جانبه دعم هذا الرفض مصطفى النجمي المتحدث باسم الاتحاد العام لشباب الثورة، مؤكدًا على رفضه دخول المؤسسات العسكرية في العملية السياسة، موضحا أن الشعب المصري تعارف منذ القدم على كون تلك المؤسسات العسكرية بمثابة جهات أمنيه محايدة، لا ينبغي أن يكون لها تصويت أو مشاركة بالعمليات الانتخابية حتى لا نشكك في وطنيتهم. وأكد على رفضه التقليل من شأن رجال مؤسستي الجيش والشرطة بعدم منحهم هذا الحق كما يشاع، وطالب قياداتهما أن يجتهدوا وينأوا بأنفسهما عن أي اتهامات من شأنها أن تمس كرامتهما بسبب التحيز لأحد المرشحين والقوى السياسية خلال فترة الخدمة، أما بعد الخروج إلى المعاش، فحقهم الطبيعي كمدنيين يكون في تلك الحالة أصيل في المشاركة بالانتخابات كمرشحين ومقترعين، دون أي شبهات سياسية. فيما قال محمد عبد العزيز منسق حمله تمرد أن ما حدث بمثابة خطأ لابد آن يتحمله من قام بصيغه القانون، ما يدل على تحيز القانون لتيار بعينه، موضحا آن دخول الشرطة والجيش في السياسة يعنى دخولهما في آلية الصراع السياسي الحالي التي لا ترحم، كما يؤدى ذلك إلى انشقاق داخل الشرطة والجيش بسبب هذا الصراع. فيما نوه محمد عطية عضو التكتل الثوري، إلى أن قرار تصويت الجيش والشرطة في الانتخابات البرلمانية يقف ضد إرادة الجيش نفسه. إننا نرفض تسييس المؤسسة العسكرية، والجيش حريص على ذلك، متوقعا أن يؤدى هذا الحكم إلى وقوع صدام بين المحكمة الدستورية والمجتمع من جهة والجيش من جهة أخرى وتساءل من يرضى بأخونة الجيش أو سلفنته. وحول علاقة الدستور بهذا الحكم، قال: لا علاقة بين مادة المساواة والمواطنة وبين هذا الحكم وما حدث ابتكار لتعطيل الانتخابات البرلمانية.