"تمرد" و"تجرد".. هكذا يتصارع معارضو ومؤيدو الرئيس محمد مرسي، بعد نحو 10أشهر فقط من توليه مسئولية الحكم في البلاد، حيث تحول الصراع بين الطرفين من التظاهر بالمليونيات وقطع الطرق، إلى التوقيع على ورقة تحمل عبارة واحدة، إما ضد الرئيس، أو مؤيدة له، وكأن كرسي الحكم في مصر، بات مرهونا ب"توقيع" على بياض. كانت المفارقة أن مؤسسي حركة "تمرد" التي تطوف المحافظات لجمع توقيعات ضد شرعية الرئيس، كانوا من بين الذين منحوا صوتهم ل"مرسي" في الانتخابات الرئاسية الماضية. ومع تنامي أعداد المنضمين ل"اتمرد لتعيش حرًا.. اتمرد لتعيش كريمًا"، أعلن عاصم عبدالماجد، القيادي البارز بالجماعة الإسلامية، عن حملة "تجرد" التي تسعى لجمع توقيعات مؤيدة لبقاء مرسي في الحكم لحين انتهاء فترة رئاسته الحالية. "تمرد" بدأت أعمالها دون أن يسمع عنها أحد، لكنها اشتهرت مع تركيز وسائل الإعلام المعارضة للرئيس مرسي، مما دفع عددا من الأحزاب والحركات الثورية إلى إعلان الانضمام إليها، ومن بينهم التيار الشعبي وحزب الدستور وحملة "حنحررهم"، فضلا عن حركة 6 إبريل. وفيما يخص حركة "تمرد" فإن التوقيع عليها يكون على عبارة تتضمن: ""أعلن أنا الموقع أدناه بكامل إرادتي، وبصفتي عضوا في الجمعية الوطنية للشعب المصري، سحب الثقة من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي عيسى العياط، وأدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وأتعهد بالتمسك بأهداف الثورة والعمل على تحقيقها ونشر حملة تمرد بين صفوف الجماهير حتى نستطيع معا تحقيق مجتمع الكرامة والعدل والحرية". أما استمارة حملة "تجرد" فتنص على: "نحن الموقعين على هذا سواء كنا متفقين أو مختلفين مع الدكتور محمد مرسى.. الرئيس المنتخب للجمهورية، فإننا نصر على أن يكمل مدة ولايته ما لم نر منه كفرًا بواحًا عندنا فيه من الله برهان، عافاه الله من ذلك وسدد خطاه". كان البعض يعتقد أن "تجرد" ستلقي قبولا أو تأييدا -على الأقل من الجماعة الإسلامية- لكن كانت المفاجأة أنها تبرأت من "تجرد"، وقالت إنها جهود شخصية يقوم بها الشيخ عاصم عبد الماجد وليس لحزب البناء والتنمية أو الجماعة علاقة بها. وكالعادة.. قلل عدد من قيادات حزب الحرية والعدالة، من قوة حركة "تمرد"، بل إن الحزب لم يتناولها في أي من بياناته الصحفية، في إشارة إلى تجاهل الجملة تماما، بينما اعتبر البعض أنها ستفشل مثلما فشلت حملة جميع التوقيعات لتكليف الجيش بإدارة شئون البلاد، بدلا من الرئيس مرسي. ويرى محللون أن جمع حركة "تمرد" لمليوني توقيع، يحمل دلالات خطيرة، تعنى وجود حالة غضب مكبوتة لدى فئة ليست بالقليلة، من الشعب المصري، بمعني أن مليون مواطن يرفضون استمرار الرئيس محمد مرسي في الحكم. المليونا مواطن الذين وقعوا على سحب الثقة من الرئيس، من المؤكد أن لديهم مبررات ودوافع ودلائل دامغة دفتهم لاتخاذ مثل هذا القرار، بينما يتعامل النظام الحالي على طريقة الكلمة الشهيرة للرئيس السابق: "خليهم يسلوا". لم يظهر الإخوان أو حزب الحرية والعدالة في المشهد تماما، ولم يصدر منهم أي تعليق على إنشاء حركة "تجرد" التي تؤيد الرئيس مرسي. وعلى طريقة "مباراة كرة قدم" قال خالد سعيد، المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية، إن الجبهة ستشارك في حملة "تجرد"، وستجمع "عشرات الملايين من التوقيعات" لمساندة شرعية الرئيس مرسي. "تمرد" و"تجرد" يتنافسان بالأرقام، كل منهما يسعي لزيادة عدد الأهداف، ليظهر أمام منافسه بأنه الأقوى والفائز الحقيقي في "مباراة الشرعية"، رغم أن الخاسر الحقيقي هو الوطن بأكمله. أقيمت "مباراة الشرعية" في استاد يحوى 90 مليون مشاهد.. "تمرد" أحرزت مليوني هدف، و"تجرد" مازالت في مرحلة "التسخين"، لكن غاب "الحَكَم" الذي يُدوّن الأهداف ب"دقة" بعيدا عن تزييف الحقائق عبر الصحف والفضائيات، وغاب عن الفريقين أن المباراة لن يكن لها فائز، ولن يرفع أي منهما "كأس البطولة"، وغالبا ستنتهي المباراة بحصول كلا الفريقين على "الكارت الأحمر" من المشاهدين.