شن الرئيس الايراني احمدي نجاد، هجوما عنيفا على القوى الدولية والغربية واسرائيل واتهمهم بزعزعة الاستقرار في المنطقة وتأليب الدول على بعضها وتشجيع بعضها على شن الحروب ومهاجمة الجيران، وتنفيذ سياسة نهب مقدرات المنطقة والسيطرة عليها والعمل على زيادة مبيعاتها من الاسلحة بعد بث الفتن والأكاذيب وتصوير إيران على أنها "فزاعة المنطقة". وتوقع نجاد، خلال لقاء استغرق نحو الساعتين الليلة الماضية مع رؤساء تحرير الصحف المصرية وبعض الاعلاميين، قرب إزالة أسباب وجود "الكيان الصهيوني" والذي يعمل جاهدا على تغيير الواقع في المنطقة عبر شن الحروب وأخرها توجيه ضرب عسكرية لبعض المنشأت السورية. وقال الرئيس الايراني: إن مصر هى صانعة الحضارة والتاريخ وصاحبة دور هام وبارز في صناعة مستقبل المنطقة، وأن الشعب والقيادة الإيرانية يحملان كل الود والتقدير للشعب المصري، خاصة في ظل اشتراك الرؤي. واشار إلى أن الشعب الايراني محب للسلام ويطالب بإرساء العدالة ويتطلع إلى علاقات صداقة مع كل الشعوب، منوها إلى أن الشعب الإيراني لم يسبق واعتدى على أحد، ولكنه فقط يطالب بحقه في العيش بسلام وعدل. واعرب عن تقديره بأنه إذا التقت مصر وايران، فسوف تميل دفة القوة إلى صالح المنطقة وستتحق مطالبها وطموحاتها. وأوضح أن التعاون المصري – الإيراني من شأنه إنهاء القضية الفلسطينية وفقا للمصالح الفلسطينية، ولهذا يجب فتح الأبواب المغلقة من أجل تنمية العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية. كما أوضح أن إيران بحاجة إلى طاقات وامكانيات مصر، و مصر بحاجة ايضا إلى امكانيات وقدرات ايران، وأن طهران على استعداد لتوجيه امكانياتها نحو تكامل العلاقات مع مصر بدون سقف في كافة المجالات وعلى استعداد ايضا لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية. وقد تركزت معظم اسئلة الصحفيين حول مستقبل العلاقات المصرية – الإيرانية والمواقف الإيرانية من الخليج والاصرار على زعزعة أمن بلدانه والتدخل لصالح النظام السوري ضد مصلحة الشعب الثائر هناك الرئيس بشار الاسد وتدخل ايران في الشئون الداخلية للدول والعمل على زعزعة الاستقرار فيها. وعن العلاقات مع مجموعة دول الخليج، أشار نجاد، في أكثر من موضع أن العلاقات الايرانية – الخليجية تتسم بأنها علاقات ممتازة وطيبة وأنه سبق وشارك في قمة مجلس التعاون الخليجي بالدوحة قبل اربع سنوات واقترح آنذاك 12 مقترحا لدعم وتعزيز العلاقات بين الجانبين. ولم يوضح نجاد في مجمل حديثه مضمون تلك المقترحات وما اذا كانت الدول الخليجية اقتنعت بها أم لا، غير أنه شدد على أن بلاده لم تتسبب في أي أذى لدول المنطقة منذ اندلاع الثورة الإسلامية، وأن كل مبتغاها هو تعزيز أمن المنطقة. وأشار إلى أنه سافر إلى كل دول مجلس التعاون الخليجي بقلب مفتوح، وركز على السعودية التى توجه إليها خمس مرات بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. واتهم التواجد العسكري الأمريكي – البريطاني في منطقة الخليج بأنه سبب ما تعاني منه المنطقة من عدم استقرار. واختص نجاد البحرين بقوله :" يجب أن يتعامل حكامها مع شعبهم بصورة أكثر رقيا وهذا هو حق الشعوب، واننا لا نتدخل في شئون البحرين ولكننا ندافع عن حقوق الشعوب ونوصي حكومتها بان تعترف بهذه الحقوق". واتهم نجاد قادة الدول الخليجية ضمنا ب"إهدار" مقدراتهم الاقتصادية على شراء الأسلحة الأمريكية والأوروبية بمبالغ ضخمة تصل إلى نحو 50 مليار دولار سنويا، وأن الدول الغربية تقوم ببث الشائعات والاكاذيب بهدف إرهاب الدول الخليجية وإرغامها على شراء تلك الأسلحة، التى لو ذهبت قيمتها إلى سبل التنمية لتغير حال المنطقة بالكامل. وتساءل :" هل نتصور وضع دول مثل سوريا ومصر والسودان والأردن واليمن إذا توجهت إليها تلك الاموال الباهظة؟".. نجاد وضع الإجابه بنفسه على سؤاله، حيث حدد بضعة كلمات هى " لن نري فقيرا في تلك الدول إذا تم استغلال أموال تلك الأسلحة في إقامة مشروعات تنموية". ودعا نجاد الدول الخليجية والعربية للتعاون والمشاركة وعدم ترك مساحة للغرب للتدخل في إدارة شئون المنطقة " لماذا نشجع الغرب على إدارة علاقاتنا.. فهم الذين شجعوا صدام حسين على مهاجمة إيران.. ثم شجعوه على مهاجمة الكويت وجعلوا من هذا الهجوم الحجة للقدوم بجيوشهم لاحتلال العراق وافغانستان". أما عن الموقف من العراق، فإتسم الحديث بالشجن، خاصة عندما تطرق إلى أسباب حرب الخليج الأولى، متهما الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بأنه كان البادئ بشن الحرب على بلاده، وأن أطرافا غربية وصفها بالشياطين هى التى ورطته في تلك الحرب وأغرته بشنها . وقال نجاد :" كلما جاء الأجانب للمنطقة جاءوا معهم بالقلق والتوتر بهدفة زعزعة استقرارها".. وأشار إلى قدوم البرتغاليين والبريطانيين للمنطقة قبل 400 عام تقريبا لنهب مقدرات بلدانها. وعن الادعاءات الإسرائيلية المتكررة بتوجيه ضربة عسكرية لإيران.. قلل أحمدي نجاد من أهمية ما تعلنه اسرائيل " لا نعير لاسرائيل التى خلقت من أجل العدوان أهمية في حساباتنا ولا نراهم ذوي قيمة جادة ". وقال " يتمنى الاسرائيليون الاعتداء علينا وضرب إيران ولكنهن يخشون من ردة الفعل الايرانية، فقوتنا الدفاعية تستطيع ردع أي معتدي وجعله يندم على ما فعل". وأشار نجاد إلى أن القوى التى خلقت "الكيان الصهيوني" فشلت في تحقيق مبتغاها وهو تغيير بعض الايقونات في المنطقة بهدف تبديل الظروف والواقع ، وأن هذا يعني أن " الفكرة الصهيونية " بدأت تزول، وهذا يدفع الاسرائيليون لشن بعض الهجمات والقيام بمغامرات بهدف تغيير الواقع، وأن الضربة الإسرائيلية الاخيرة لمواقع سورية تدخل في هذا الإطار. وعن الموقف في سوريا.. أوضح الرئيس الايراني أن السبيل الوحيد للخروج من المأزق السوري هو العمل عبر الوفاق الوطني ثم التوجه نحو انتخابات حرة مع نبذ فكرة الحرب " خاصة وأن الحرب قد تأتي بحل قريب ولكنه لن يكون نهائيا أو انسانيا أو مستقرا. وقال :" القضايا الإنسانية ليس لها حلولا عسكرية، وأنه من حسن الحظ في سوريا حاليا أن الأمور تتجه بين الطرفين – المعارضة والحكومة – إلى تكريس فكرة الحوار والحديث سويا". وقد عقب الكاتب الصحفي فهمي هويدي، على مجمل اللقاء الذي استغرق نحو الساعتين بأن التحالف بين مصر وإيران ضرورة استراتيجية وأن منطقة الشرق الأوسط بدون التعاون بين مصر وإيران وتركيا لن تتقدم، ولهذا تعمل القوى الدولية وتصر على اضعاف العلاقات بين الدول الثلاث التى توصف بأنها " مثلث القوى في المنطقة". وأشار قائلا :" هناك حرص شديد من جانب أطراف دولية على ألا تكون هناك علاقات ايجابية بين مصر وإيران، لانها ترفض قيام مثل تلك العلاقات". واستطرد :" ينبغي توسيع نطاق التعاون الثقافي والاقتصادي بين البلدين وتطهير الذاكرة لأن هناك يحاول تعبئة تلك الذاكرة في أوساط النخبة والإعلام ضد إيران". غير أن فهمي هويدي، استدرك قائلا :" اعتقد أن في مصر قطاعات عريضة تحمل مشاعر ود وتقدير لإيران وشعبها والثورة الإيرانية، وأن الموقف بعد الثورة اصبح أكثر دفئا مقارنة بالسابق، وأن المشاعر اختلفت لنتمنى معها أن تترجم تلك المشاعر إلى تبادل المصالح في وقت قريب". ولم تكن تلك الامنية لفهمي هويدي أمرا مسلما به، لأنه عاد وقال: "إن امامنا رحلة طويلة ليست قريبة". واختتم هويدي تعقيبه بنبوءة ارتأي فيها زعما " ازعم أن عودة العلاقات الدبلوماسية المصرية – الايرانية ستكون البداية الحقيقية لاستقلال القرار السياسي المصري". وكان الرئيس الإيراني قد استهل الحوار بإلقاء كلمة ركز فيها على دور الإنسان في تطور الحياة، وأن الإنسان هو المخلوق الأهم في العالم وأن الله لا يرضى بالظلم والتباغض والتمايز للانسان، وان سر سعادة البشر في الارض هى ان يقيموا العدل كي تنعم البشرية بالسعادة. وأشار إلى أن كل الانبياء دعوا إلى إرساء العدل، وان مشكلات الانسانية هى نتاج الظلم.