اعتقدت أن كابوسا أفزعني من نومي، واستعذت بالله من الشيطان الرجيم، وانقلبت علي جانبي الأيمن وألقيت برأسي علي وسادتي، ومجرد أن أغمضت جفوني إذا بنفس أصوات الأنين والآهات تخترق أذني. استعذت للمرة الثانية، لكن شيئا من الخوف سكن صدري، حتى فارق النوم جفوني، ونظرت حولي فلم أجد زوجي بجواري، واعتقدت أنه في الغرفة المجاورة لأداء صلاة الفجر، لكن أصوات الأنين تعالت، وكانت تشبه صوت خروج الروح الشريرة من بين الضلوع، ناديت علي زوجي بصوت محفوف بالرعب، فلم يرد. تعالت أصوات الآهات التي تنبعث من صالة الشقة، وكانت تشبه صوت زوجي، واعتقدت أن لصا اقتحم بيتنا المتواضع لينال من زوجي لأنه لم يعثر علي مليم واحد، واستجمعت شجاعتي وقوتي وتسلحت بيد "المقشة"، وحاولت الخروج من غرفتي لكشف المستور، إلا أن خطواتي تثاقلت فأنا ضعيفة البنيان وجسدي النحيل لا يحتمل لكمة واحدة من لص، لكن أصوات آهات زوجي تعالت، فلم أجد مفرا من الخروج لإنقاذه، خاصة عندما رنت في أذني أصوات أناس آخرين. تيقنت أن اللصوص اقتحموا بيتي، وهرولت كالمجنونة لأصرخ واستغيث، وذلك كل ما في وسعي. كان المشهد أقسي من أن يوصف، حيث فوجئت بزوجي علي الأرض مثل الجثة وعلي قلبه ترقد سيدة يزيد وزنها علي مائة كيلو وتسدد له اللكمات، بينما الأخرى تقضم بأسنانها في فخذه، وهو مثل طفل عاجز لا يملك حتى المقاومة. صرخت صرخة كادت تفزع الطير المحلق في السماء من هاتين السيدتين، وأين زوجي السوبر مان؟، الذي أباهي به العالم كله؟.. أين ذهبت قوته؟، ولماذا يرقد مستسلما هكذا؟ تساؤلات كثيرة كادت تفتك بقلبي، كل ذلك والسيدتان لا تباليان أي اهتمام حتى لم تلتفتا إلي، ولم تحاولا منعي عندما خرجت من باب الشقة لأخرج واستغيث بالجيران، واستمرتا في ضرب زوجي. وفي لمح البصر تكدس بيتي بعشرات الجيران، وتمكنوا من تخليص زوجي من بين أنياب السيدتين، وعندما حاولوا الاستعانة بقوات الشرطة، فوجئت بزوجي يمنعهم، بينما أصرت السيدتان علي طلب الشرطة، ووقفت بينهما كالخرساء في المولد، حتى فجرت السيدتان المفاجأة التي زلزلت كياني وهزت وجداني. وهي أن زوجي الذي أكد لي أن شمس حياته لم تشرق إلا بعد أن تزوجني، وأن المرأة لم تعرف طريقا لحياته، وأن عينيه لم تقع علي أي امرأة سوى أمه وشقيقاته، فقد اكتشفت أن من ادعي أنه "قطة عمياء" متزوج من هاتين السيدتين، وفي عصمته أخري ثالثة، منعتها آلام الحمل من الحضور لتأديبه، وأنا الزوجة الرابعة في عصمته، ولطمت خدودي ومزقت ملابسي، ولم أجد أمامي سبيلا سوي الاشتراك مع "ضراتى" في تأديبه، وجذبته من ملابسه، وألقيت به خارج الشقة. وأسرعت للمحكمة وأقمت دعوى طلاق للضرر، وأمام عبد الله الباجا رئيس محكمة استئناف القاهرة للأحوال الشخصية، قالت الزوجة البائسة إنها تعرفت علي زوجها "زير النساء " في عيادة طبيب الأسنان، حيث جمعتهما المصادفة أكثر من مرة ونشأت بينهما علاقة ظللها الحب الزائف، وأبدي المغرم" الولهان" رغبته في الزواج منها إلا أن إمكاناته المادية سوف تقف حجر عثرة في طريق زواجهما لفترة قد تصل إلي ثلاثة أعوام. ولأنها كاد يفوتها قطار الزواج وشبح العنوسة يحوم حولها، أمسكت فيه بيديها وأسنانها فهي ورثت عن والديها الراحلين شقة وسيارة وبعض الأموال، بالإضافة إلي راتبها الشهري من عملها في البنك، وقالت "أشتري راجل وظله أفضل من ظل الحائط"، وتزوجته خلال شهرين كان خلالهما كالخاتم في إصبعها، تنهره ويبتسم، وتيقنت أن دعوات والدتها قد استجابت لها السماء وأهدتها ذلك الجوهرة، حتى انكشف المستور علي يد زوجته عندما علمن بأنه ارتكب جريمته الرابعة، وتيقن أنه صائد للفتيات الثريات طمعا في أموالهن، وبعد أن استمعت المحكمة لتلك القصة المأساوية، وقضت بتطليق الزوجة الرابعة للضرر.