استيقظت السيدة ليلي من نومها علي رنين الهاتف المتواصل بلا انقطاع.. استعاذت بالله من الشيطان وهي تنظر إلي عقارب ساعة الحائط تشير إلي الثالثة فجرا.. لا أحد يتصل بها في هذا الوقت المتأخر.. تلاحقت دقات قلبها وهي تقرب الهاتف من أذنيها.. لكن الرنين توقف فجأة.. همست لنفسها: «لعل المتصل اكتشف ان الرقم خطأ.. أو ربما زهق من طول الرنين.. أو شعر بالحرج لتأخر الوقت!».. عادت تستلقي علي فراشها وهي مضطربة تنتابها شكوكاً في ان يكون لصا يتأكد من أنها نائمة أو غير موجودة ليقتحم الشقة، خاصة وان الجميع في العمارة بمن فيهم البواب يعلمون أنها تعيش بمفردها منذ ستة شهور ومثل هذا الخبر سرعان ما يصل إلي لصوص المساكن!.. ارتجفت وهز الرعب اعماقها.. لكن فجأة.. عاد رنين التليفون يقطع الصمت ويعيد الرهبة إلي تلك اللحظات المثيرة في حياة ليلي.. اسرعت ترد.. لم تصدق نفسها.. انه صوت حمدي.. زوجها الذي هجر عش الزوجية بعد خلاف وشجار ونقار بسبب شكوك ليلي في علاقته بإحدي الحسناوات اللاتي يعملن معه في شركة السياحة!.. دق قلب ليلي حنوا وشوقا هذه المرة.. نست خلافها معه وسألته عن أحواله فطلب منها ان تستقبله لانه اقترب من البيت ويرجو لقاءها في أمر غاية في الخطورة؟.. دون تردد همست ليلي له بأنها تقف من الآن علي باب شقتها في انتظاره.. لم تضيع ليلي لحظة واحدة.. تزينت في زمن قياسي بعد ان غيرت ملابسها بنفس السرعة وامام المرآة تخيرت عطرها وهذبت شعرها ثم اسرعت تفتح الباب! للوهلة الأولي اكتشفت ليلي ان حمدي عاد مهزوما، منكرا، يحبس بين جفنيه دموعا ملتهبة.. بادرها هامسا بأنه اخطأ حينما كذب عليها وانكر علاقته بزميلته الحسناء.. واخطأ حينما تزوج الحسناء سرا.. وأخطأ حينما هجر عش الزوجية!.. كان حمدي يترنح بغير خمر وهو يواصل اعترافه فاستطرد هامسا.. كنت الليلة امام خيار من اثنين إما ان أقتل الخائنة أو اطلقها وأعود إليك طالبا الصفح.. تماسكت وتحاملت علي نفسي واخترت الحل الثاني وهرولت إليك ياليلي لأحكي لك حتي الصباح كيف تلقيت من الخائنة طعنة الغدر! قاطعته ليلي: ليس لدينا وقت للحديث عن الغدر والخيانة.. أنت طلقتها وانقشع الغبار وتبدد الكابوس.. دعنا نجعلها ليلة حب نعوض بها ما فاتك وفاتني.. أريد ان أرتمي بين ذراعيك فقد وحشتني ياحمدي! طال العناق واشتبكت الشفاه واشتعلت الاشواق.. وتردد صدي الآهات بين الجدران حتي بزغ نور الصباح!.. أبتسم كلاهما وهو ينظر للآخر هامسا: انها ليلة الدخلة الثانية والاكثر جدلا في وصلة الحب الناري؟.. لحظات واغمض كلاهما عينه مستسلما لنوم عميق! التاسعة صباحا.. استيقظت ليلي منتعشة فلا زالت لليلة الحب توابعها.. أرادت أن توقظ حمدي بقبلة هادئة ثم قبلات متتابعة.. لكن حمدي لم يستجب.. لحظات تكتشف ليلي بعدها ان حمدي فارق الحياة!.. صرخت.. جرت في الشقة كالمجنونة.. اتصلت بجيرانها.. تجمعوا.. اكدوا ان حمدي مات.. لحظات أخري وكانت ليلي في ملابس الحداد السوداء تقاوم انهيارها وهي تتلقي العزاء! الآن.. وبعد عشرين عاما.. لازالت ليلي بملابس الحداد التي لم تخلعها منذ صباح تلك الليلة الغريبة!! تأملات وهل يضير القمح نباح الكلاب؟! اليوم يومان.. يوم لك.. ويوم عليك! كلمتان خفيفتان علي اللسان.. حبيبتان للرحمن.. ثقيلتان في الميزان.. سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم (حديث النبي صلي الله عليه وسلم) وعزتي وجلالي لأرزقن من لا حيلة له حتي يتعجب أصحاب الخيل! (حديث قدسي) كان النبي صلي الله عليه وسلم من شدة تواضعه لا يصف نفسه بالكرم وإنما يخص بهذه الصفة سيدنا يوسف عليه السلام، فيقول عنه إنه الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم.. يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم عليهم جميعاً السلام والرحمة