قال شهود: إن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وصل إلى قطاع غزة اليوم الجمعة بعد أن قضى 45 عامًا في المنفى خارج الأراضي الفلسطينية في زيارة تبرز الثقة المتزايدة التي اكتسبتها الحركة. وقد وطأت قدما مشعل الأرض الفلسطينية في "مهرجان الانتصار" في قطاع غزة في استعراض للثقة الوليدة بعد الحرب مع إسرائيل الشهر الماضي. وخرج الزعيم السياسي لحماس أكثر جرأة من الحرب التي استمرت ثمانية أيام والتي انتهت بوقف لإطلاق النار تفاوض عليه برعاية مصرية. ولم يزر مشعل الأراضي الفلسطينية منذ أن غادر الضفة الغربية وعمره 11 عاما. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس إن زيارة مشعل لغزة هي ثمرة للنصر الذي حققته المقاومة على الاحتلال. وكان أبو زهري يتحدث قبل ساعات من موعد وصول مشعل إلى قطاع غزة عبر الحدود المصرية. وجرى نشر مئات من الشرطة وقوات الأمن عند معبر رفح بعضهم كانوا يضعون على وجوههم أقنعة سوداء ويستقلون شاحنات عليها مدافع رشاشة. وترفض إسرائيل التي أقدمت من قبل على محاولة فاشلة لاغتيال مشعل تأكيد حماس أنها انتصرت في الحرب التي أسفرت من مقتل نحو 170 فلسطينيا وستة إسرائيليين. ولم تبرز الصحف الإسرائيلية زيارة مشعل للقطاع. وسيقضي مشعل أقل من 48 ساعة في القطاع الساحلي الصغير الذي تدير حماس شئونه منذ عام 2007 إثر حرب أهلية ضد حركة فتح المنافسة التي تدير الضفة الغربية المجاورة. وغادر مشعل (56 عاما) الضفة الغربية مع عائلته بعد حرب عام 1967 التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. ولم يطأ مشعل قط أرض قطاع غزة الذي يعيش فيه 1.7 مليون فلسطيني. وتعتزم حماس تنظيم مهرجان مفتوح غدا السبت للاحتفال بانتصارها في الحرب مع إسرائيل الشهر الماضي وكذلك بمناسبة ذكرى مرور 25 عاما على تأسيس الحركة. ورغم مزاعم إسرائيل بإن هجماتها الجوية لم تؤد فقط إلى قتل أحمد الجعبري القائد العسكري لحماس وإنما استنزفت أيضا مخزون الأسلحة لدى الحركة. لكن من الواضح أن الحرب عززت مكانة حماس في المنطقة بحصولها على تأييد دول عربية مجاورة بينما أدت إلى تهميش حركة فتح. وزاد دور مشعل في التفاوض على الهدنة مكانته الشخصية داخل حماس رغم أنه يقول إنه يعتزم التنحي عن زعامة الحركة قريبا. وعززت انتفاضات الربيع العربي في العامين الماضيين من قوة حماس في المنطقة خاصة في ظل تولي الرئيس محمد مرسي رئاسة مصر و تعد جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها وكانت محظورة لفترة طويلة الزعامة الروحية لحركة حماس. ولا يعقد مهرجان السبت في ذات اليوم الذي تأسست فيه الحركة وإنما في يوم الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لإنطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد إسرائيل. وينظر إلى ذلك المهرجان باعتباره انفتاحا على الفصائل الأخرى وتلميحا لاستعداد جديد للسعي للمصالحة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تدير حكومته شئون الضفة الغربية. وقال مشعل في مقابلة مع رويترز في قطر يوم الجمعة الماضي: إن هناك أجواء تسمح بإنجاز المصالحة. ويعيش مشعل في قطر منذ أن غادر سوريا في وقت سابق هذا العام. وقال زعماء لحماس في السنوات القليلة الماضية: إن الحركة يمكنها أن تتعايش سلميا إلى جانب إسرائيل إذا حصلت على دولة على كل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967 رغم أن الميثاق التأسيسي للحركة في عام 1988 يدعو إلى القضاء على إسرائيل واستعادة أرض فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني بالكامل. وأشار زعماء مختلفون من حماس إلى استعداد للتفاوض على هدنة مع إسرائيل قد تستمر لعقود. لكن حماس لا تزال تقول: إنها لن تعترف رسميا بالدولة اليهودية بينما تنظر إسرائيل ومعظم الدول الغربية إلى حماس باعتبارها جماعة إرهابية. وزين قطاع غزة بعلم حماس الأخضر قبل وصول مشعل قادما من مصر. وأقيمت منصة ضخمة في مدينة غزة يكملها نموذج ضخم للصاروخ إم 75 الذي أطلق على كل من تل أبيب والقدس في الحرب التي اندلعت الشهر الماضي. وأول شيء سيراه مشعل عندما يدخل غزة هو حطام السيارة التي كان يستقلها أحمد الجعبري القائد العسكري لحماس في الرابع عشر من نوفمبر عندما أصابها صاروخ.. ووضع عمال من حماس بعناية الحطام المعدني للسيارة إحياء لذكرى مقتله. وأدار مشعل حركة حماس من دمشق من عام 2004 إلى يناير الماضي عندما غادر العاصمة السورية بسبب المعارك الدائرة بين قوات الرئيس بشار الأسد ومعارضيه. وهو يتنقل الآن بين الدوحة والقاهرة. وأضعف رحيله المفاجئ من دمشق مكانته داخل حماس ومنحته العلاقات مع دمشق وطهران أهمية ولكن بعد أن انهارت تلك الصلات بدأ منافسوه المقيمون في غزة تأكيد سلطتهم. ولكن الزعيم المقيم في المنفى استعاد المبادرة في الحرب التي اندلعت في نوفمبر الماضي بالتعاون الوثيق مع مصر لتأمين الهدنة.