يوافق اليوم 23 فبراير ذكرى الاحتفال بالعيد القومى لدولة اليابان الصديقة، ويسعدنى بهذه المناسبة الهامة أن اتقدم بأصدق وأخلص التهانى القلبية لجلالة الإمبراطور "ناروهيتو" ولحكومة ولشعب اليابان العريق، تهانى مصحوبة بأطيب التمنيات بالأمن والأمان والازدهار لهذا البلد الصديق. لقد سبق أن أنعم علي جلالة الإمبراطور فى بداية عهده بأرفع الأوسمة اليابانية، وذلك تقديرا لخدمتى العامة ومساهماتى العديدة عبر مسيرتى السياسية، وهو تقدير سأظل اعتز به كثيراً. ولقد كان لى شرف تمثيل بلادى سفيرا لدى اليابان من 1997-1999 خلال عهد جلالة الإمبراطور الأب أكيهيتو، والذى تشرفت بلقاء جلالته فى مناسبات رسمية عديدة. وقد كان مصدر سعادة غامرة لى مشاركتى فى عدة احتفالات ومناسبات قومية يابانية اتسمت بمراسم وفعاليات غاية فى الرقى والاتقان، تتسق مع تاريخ هذا البلد الشامخ والطويل وثقافتها الثرية وتقاليدها المعبرة، وشهدت مدى تعاون وحسن ضيافة من كبار المسئولين السياسيين والبرلمانيين ورؤساء الشركات اليابانية الكبيرة، وبشكل خاص من جانب الشعب اليابانى الصديق، وبما يعكس ما حققه هذا البلد الصديق من توازن دقيق بين الاعتزاز بالنفس والتواضع واحترام الغير ويقين راسخ بأننا نعيش جميعا فى بوتقة عالمية يساهم فى رسم ملامحها الجميع دون اقصاء أو استثناء. ولقد لمست بنفسى خلال تواجدى فى هذا البلد العظيم، تقديرا يابانيا خاصا لمصر وتاريخها العريق وولع بحضارتها العظيمة وتجاربها التنموية، خاصة خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، والتى استلهمت منها اليابان ووظفتها فى تجربتها التنموية الحديثة. كما وجدت تقديراً واحتراماً يابانياً بالغاً لدور مصر الاقليمى على المستوى العربى والإفريقى والدولى لبناء السلام والأمن والاستقرار، وما أسهمت به إيجابيا فى تطوير النظام الدولى المعاصر، وفى مجال الحد من التسلح والأمن الدولى. ومما لفت نظرى بشكل خاص، بل أبهرنى حقا، خلال معايشتى للشعب اليابانى، نجاحاته فى البناء والتشييد على أعلى وأحدث المستويات التقنية والعلمية، اعتمادا ليس على خيرات طبيعية أنعم الله عليهم بها، وإنما استنادا إلى اجتهاد والتزام شعبها العريق، أمام ظروف مليئة بالتحديات والصعاب، ونجح فى تحقيق هذا التقدم المادى العظيم، مع الاحتفاظ بالتقدير الانسانى الرفيع والحساس للفن والثقافة والجمال والإبداع، من خلال المزج بين قيم الأصالة ومتطلبات المعاصرة، فضلاً عن احترامه البالغ لثقافته الوطنية ولثقافات الشعوب الأخرى. وقد شهدنا الكثير من هذه الصفات تحكم سياسات وتترجم إلى مواقف يابانية فى علاقاتها الدولية، من الاهتمام البالغ بمساندة القارة الإفريقية اقتصاديا وتنمويا، ودعم مركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، ومساهماتها فى عملية التحديث وبرامج البناء والتنمية المصرية، من خلال دعم مشروعات البنية الأساسية الكبرى، مثل بناء كوبرى السلام الذى يربط بين إفريقيا وآسيا، ودعم قطاعى الصحة و التعليم من خلال الإسهام فى تطوير الإمكانيات الصحية وتمويل مشروع المدارس اليابانية النموذجية، وبناء المركز الثقافى والتعليمى اليابانى، وإرساء الجامعة اليابانية التقنية فى برج العرب، والإسهام فى إنشاء المتحف المصرى الجديد بالجيزة. كل هذه مجرد أمثلة مهمة ومميزة لإسهامات يابانية إيجابية وتعاون مثمر ومتعدد، ونتوقع تواصل التعاون المفيد للبلدين. وختاماً، أكرر التهانى القلبية لدولة اليابان وشعبها الدؤوب الخلاق فى أرض الشمس المشرقة بمناسبة العيد القومى، وخالص التمنيات بمزيد من التقدم والازدهار والنجاح الباهر، فى مختلف المجالات، وفى تنظيم دورة الألعاب الأوليمبية القادمة فى طوكيو، رغم الظروف والصعبة التى يواجهها العالم.