تتسم "الموائد الملكية" بمحافظة بورسعيد بتاريخ عريق منذ إصدار الملك فاروق أوامره للمحافظين ومديري المديريات علي مستوي محافظات مصر للإعداد لإحياء ليالي رمضان، والاهتمام بعمل الموائد الملكية لفقراء المدينة خلال الشهر المعظم. ويقول المؤرخ البورسعيدي ضياء الدين القاضي، عضو لجنة التاريخ والتراث ببورسعيد، إن محافظ القنال علي عهد الملك فاروق كان يرأس لجنة تضم أعيان المدينة ورجال الإدارة مهمتها حصر الفقراء بها من واقع كشوف يقوم بإعدادها مندوب الشياخات التابعين لأقسام المدينة الأربعة وهي "الأفرنج " و"الميناء" و"العرب" و"المناخ"، بجانب ممثلي الطوائف والحرف التي ترسل كشوف بأسماء الفقراء إلي رئيس اللجنة بالمحافظة محمد لطفي ومعاونيه محمد أيوب وطه رحمو وحسني حسني سليمان وحسن محمود حسين شقيق العالم مصطفي محمود وعلي الزند. كانت مهة تلك اللجنة إعداد بونات مختومة توزع علي فقراء المدينة داخل أرض النادي المصري أرض جمعية الشبان المسلمين حالًيا وهو المكان المخصص لتلك الموائد والوجبات التي تقدم للفقراء عبارة عن طبق أرز وطبق آخر للخضار به قطعتان كبيرتان من اللحم وقطعتان من القطايف وقطعة كبيرة من الكنافة بالإضافة إلي التمر الهندي أو العرقسوس أو الخشاف كل حسب طلبه. كانت اللجنة التي يرأسها المحافظ تشرف علي طهو الطعام واذا حل موعد الافطار يقوم المحافظ بنفسه مع أعضاء اللجنة بتوزيع الطعام علي الفقراء ويفطرون معهم يومًا كل أسبوع بسبب انشغالهم بحفلات الاستقبال بقية الأسبوع، ولما كان هناك بعض الفقراء من كبار السن والعاجزين عن الحركة وبعض الذين لايسألون الناس إلحافا فقد تطوع بورسعيدي يدعي محمود أبو النجا والذي أطلق عليه البورسعيدية لقب ملك الفقراء بتجميع البونات التي يحصل عليها من رجال الادارة ويقوم بصرف مخصصاتهم من الوجبات ليوزعها عليهم بنفسه حرصًا علي مشاعرهم وتقديرًا لعجزهم. الموائد لم تقتصر علي الملكية فقط بل امتدت الي أغنياء وكبار المدينة ففي يونيو 1950 أقام علي البلاسي من كبار تجار الأسماك ببورسعيد أكبر الموائد داخل أكبر الأصونة التي عرفتها بورسعيد مددت فيه موائد الافطار لفقراء المدينة وزوارها حضرة اليوزباشي محمود الدخاخني مأمور قسم ثالث ومعه جنود القسم ليشاركوا فقراء المدينة افطارهم وفي نهاية الافطار قام البلاسي بتوزيع الأقمشة علي الفقراء وجنود القسم. كما تعددت حفلات إفطار شهر رمضان ببورسعيد زمان حيث أقام نائب بورسعيد عبد الرحيم مكاوي مأدبة افطار دعا اليها محافظ القنال عبد الهادي غزالي وأحمد بك شكري وكيل المحافظة واللواء الصاوي الظاهر حكمدار البوليس ونواب وأعيان المدينة، بينما أعد محافظ بورسعيد مأدبة افطار لرجال الصحافة بالمدينة دعا إليها علي أفندي محرر الأهرام ومحمد أحمد شردي محرر بجريدة المصري وعبدالهادي الحديدي عن صوت الأمة وحسن الغلبان مراسل الزمان كما دعا غالب بك الترك قنصل لبنان في بورسعيد ليشارك الصحفيين إفطارهم. وكان من عادة أعيان بورسعيد إحياء شهر رمضان وبالأخص ليلة القدر في قراءة القرآن في شكل مقرأة وهي حلقة تضم مجموعة من القراء يتلون المصحف الشريف وفي نهاية القراءة يستمعون الي التواشيح ولتفاسير، وكانت أشهر مقرأة في بورسعيد مقرأة الشاعر علي الألفي.