من المحتمل أن يأخذ عبد الباسط المقراحي، الليبي المدان في تفجير لوكيربي عام 1988، اللغز المحيط بأسوأ هجوم إرهابي في بريطانيا معه في قبره. كانت السلطات الاستكلندية قد أطلقت سراح المقراحي الذي توفي عن عمر يناهز ال 60 عامًا في طرابلس اليوم الأحد، لاعتبارات صحية في عام 2009، وقالت السلطات آنذاك إنه بسبب إصابته بسرطان البروستاتا فإنه قد لا يعيش أكثر من ثلاثة أشهر، وكتب المقراحي في بيان تزامن مع عملية إطلاق سراحه المثيرة للجدل من سجن جرينوك في اسكتلندا عام 2009: "ربما يكون التحرر الوحيد بالنسبة لي هو الموت". لكن كما اقتضى الأمر الواقع، ظل الرجل الذي قيل إنه عميل ليبي سابق والذي تلقى ترحيبًا حماسيًا من جانب الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي لدى عودته إلى بلاده، على قيد الحياة لأكثر من عامين ليشهد الثورة التي اجتاحت بلاده. وبينما يرى البعض أنه بوفاة المقراحي ستطوى صفحة الخلاف بشأن تفجير لوكيربي، يأمل آخرون في أن تتجدد المحاولة للوقوف على ألغاز ذلك التفجير. وسعى المقراحي، الذي صدر بحقه حكمًا بالسجن مدى الحياة من جانب محكمة اسكتلندية خاصة في هولندا عام 2001، دائما نحو إثبات براءته. لكن بإطلاق سراحه قبل الموعد المقرر لذلك، فإنه تنازل أيضا عن الحق في السعي نحو الدفع باستئناف آخر ضد إدانته. وكتب في عام 2009 يقول: "أعيش الأيام المتبقية في حياتي في ظل خطيئة إدانتي". وكان التفجير الذي تم تحميله المسئولية عنه، وهو تفجير طائرة كانت في طريقها من فرانكفورت عبر لندن إلى نيويورك، فوق مدينة لوكيربي الاسكتلندية في 21 ديسمبر 1988، قد أسفر عن مقتل 270 شخصًا في الجو وبعد سقوط الطائرة على الأرض، وكان هناك 189 مواطنًا أمريكيًا بين القتلى. وبينما شكك بعض أقارب الضحايا وعلى رأسهم الطبيب البريطاني جيم سواير في يكون أن المقراحي وراء ذلك الهجوم، طالب الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بفتح تحقيق في ملابسات إطلاق سراح المقراحي. ويعتقد سواير أن أسر الضحايا تم إقناعهم بسيناريو سياسي لا علاقة له بالحقيقة، ويقول إن السلطات الاسكتلندية عمدت إلى عرقلة محاولات تقديم القتلى الحقيقيين إلى المحاكمة. وأكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، رغم قوله إنه يعتقد أن الحكومة العمالية السابقة "ارتكبت خطأ" بالإفراج عن المقراحي، أن أي خطوات إضافية في هذه القضية القضية ترجع إلى الحكومة الليبية الجديدة. وبرزت وثائق مؤخرا في مبنى السفارة البريطانية المهجور في طرابلس أظهرت أن نظام القذافي هدد بريطانيا ب "عواقب وخيمة" حال وفاة المقراحي في اسكتلندا. وترددت شائعات حول وجود علاقة ما بين إطلاق سراح المقراحي وصفقة التنقيب عن النفط الكبيرة لصالح شركة "بريتيش بتروليوم" البريطانية، غير أن ذلك لم يتأكد مطلقا. وأدين المقراحي في 31 يناير 2001 بالقتل فيما وصفه القضاة ب "جريمة مروعة" وصدر بحقه حكما بالسجن مدى الحياة، وقال القضاة إن ذلك معناة أن يقضي ما لا يقل عن 27 عامًا في السجن. وتمت تبرئة ساحة شخص اتهم معه، وهو الأمين خليفة فهيمة، وأعيد إلى ليبيا. وفي الوقت الذي قدم فيه المقراحي أول استئناف من جانبه ضد إدانته، أبرم محامو أسر ضحايا التفجير صفقة غير مسبوقة مع مسئولين ليبيين تم بمقتضاها دفع 7ر2 مليار دولار في شكل تعويض لأسر الضحايا في بريطانيا والولاياتالمتحدة. وفي العام التالي للاتفاق الذي أبرم في أغسطس 2003 قام رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بزيارة حملت دلالات رمزية عالية إلى ليبيا حيث حصل على ضمانة من القذافي بأن ليبيا سوف تندد بالإرهاب وتتخلى عن البحث في مجال الأسلحة النووية. وأعقب ذلك تخفيفا لحدة التوتر مع الولاياتالمتحدة ودول غربية أخرى. وفي تقييم حاسم لإدانة عام 2001، أثبتت لجنة مراجعة القضايا الجنائية الاسكتلندية في 2007 أن المقراحي ربما يكون تعرض لخطأ قضائي ومن ثم فإن إدانته "ربما تكون غير سليمة". وفي تطور منفصل، كشف فيلم وثائقي على قناة تلفزيونية هولندية أن ثمة دليل رئيسي يتعلق بجهاز التوقيت في ذلك الانفجار لم يتم تقديمه إلى المحكمة. وقال تام دالييل، السياسي العمالي البريطاني المخضرم، الذي سعى بقوة نحو إطلاق سراح المقراحي، إنه يعتقد أن تفجير لوكيربي قد تم بتحريض إيراني "كعمل انتقامي" بسبب إسقاط طائرة إيرانية بشكل عارض من قبل البارجة الأمريكية "يو إس إس فينسينس" وهو ما أسفر عن مقتل 290 شخصا. وبعدما تم إطلاق سراح المقراحي لأسباب صحية وقراره الذي صدر بإنهاء معركته القانونية، قال دالييل: "سيكون (تفجير) لوكيربي أحد الألغاز مثل اغتيال الرئيس كنيدي ، التي ربما لا يتم الكشف عنها أبدا".