أجمع باحثون خلال مؤتمر "مصر وطاجيكستان في مواجهة التنظيمات الإرهابية.. دراسة حالة: الإخوان وحزب النهضة الطاجيكي"، على أن التدخلات الخارجية كانت السبب في زرع بذرة التنظيمات المتطرفة، ونموها وترعرعها لكي تكون في المستقبل سببًا لإحداث بلبلة وحالة من عدم الاستقرار على جميع المستويات، وذلك في كل من مصر وطاجيكستان، حيث نشأ تنظيم الإخوان في كنف الاحتلال الإنجليزي، واستمد حزب النهضة قوته من النظام الإيراني عقب ثورة الخميني. وقالت الدكتورة دلال محمود السيد مدرسة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن بُعد المسافة بين مصر وطاجيكستان، لا ينفي وجود مرجعية واحدة ومشتركات بين حزب النهضة الطاجيكي وجماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى وجود تشابه في نشأة التنظيمين، وأن الاثنين عرضا أنفسهما كبدائل. وأضافت دلال محمود أن التنظيمين استقيا الفكر الجهادي من المصادر نفسها، واتفقا في السير تحت مظلة الدولة خطوة بخطوة حتى نجحا في التغلغل، ومحاولة اغتصاب السلطة، وأنهما اعتمدا على 4 ركائز هي الحاكمية والجهاد والخلافة ورؤية العالم. فيما قال الدكتور أحمد سامي عنتر، مدرس اللغة والأدب الفارسي في كلية الآداب بجامعة عين شمس، إن حزب النهضة الطاجيكي مدعوم بشكل أساسي من النظام الإيراني، مستفيدًا من التقدم التكنولوجي، حيث استطاعت طهران التكيف مع الجماعات على اختلاف أيديولوجياتها، من خلال مراكز الأبحاث الحكومية والخاصة التي تتولى تحديد أفضل الطرق للوصول إلى الهدف، مثل مركز دراسات آسيا الوسطى والقوقاز، الذي يقسم الأقاليم الجغرافية إلى عدة أقسام ليمكن صانع القرار من التوصل لمشاكل كل إقليم، والدخول كشريك لمحاولة حلها، مستغلا تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاضطرابات التي تخلق مدخلا مناسبًا لتجنيد أهل البلد ضمن أجندات معينة. وأضاف عنتر أن ممارسات السوفييت ضد الطاجيك، وحصارهم دينيًا أضعف الهوية الوطنية، وجعل دخول إيران لملء ذلك الفراغ سهلا، في ظل ضعف معرفة الطاجيك وقتذاك بالإسلام، مشيرًا إلى أن الطاجيك والإيرانيين فرعان لشجرة واحدة هي اللغة الفارسية، ما أدى لتوحد التراث الثقافي منذ قرون عديدة، وشكل مدخلا آخر للاختراق الإيراني، مع تأكيد التقريب بين المذهبين السني والشيعي في البداية، وصولا إلى إقناع أعضاء الحزب بضرورة التشيع؛ لأنه المذهب الحق، وقد اقتنع معظم أعضاء الحزب بذلك، مستشهدا بمقولة محيي الدين كبيري زعيم الحزب، أن حزبه جزء من أنشطة الحركة الدولية للصحوة الإسلامية، التي يترأسها علي أكبر ولايتي، مستشار آية الله الخامنئي، المرشد الأعلى في إيران، وإنها استهدفت تحريض المسلمين ضد حكوماتهم في كل دول العالم. وقال محمود سعد دياب الباحث بالشئون الآسيوية، إن حزب النهضة الطاجيكي كان السبب الرئيسي في اشتعال الحرب الأهلية التي استمرت ما بين عامي 1992 ل 1997، والتي كلفت الدولة خسائر تصل إلى 7 مليارات دولار، و50 ألف قتيل، وهجرة مليون شخص للبلاد المجاورة، وهي أرقام ضخمة إذا علمنا أن ميزانية الدولة عام 2003، كانت 500 مليون دولار فقط. وأضاف أن حزب النهضة يعتنق أفكار سيد قطب، أول من وضع بذرة التكفير والجهاد المسلح، وأنهم تعرفوا إلى أفكاره من خلال الطلاب العرب والمسلمين القادمين للدراسة في جامعات الاتحاد السوفيتي مطلع السبعينيات، ومر بمراحل الانتشار حتى وصل إلى التمكين خلال الحرب الأهلية، واتفاق الكرملين الذي حصل بمقتضاه على حصة 30% من المشاركة في الحكم، مشيرًا إلى أنه تم تأسيس جناح عسكري تحت اسم "حركة أنصار الله"، يستمد دعمه المادي واللوجيستي من التنظيمات التكفيرية الأخرى مثل "داعش" و"طالبان". وقال إبراهيم الصياد رئيس قطاع الأخبار بالتليفزيون المصري سابقًا، إنه لابد من وجود تنسيق بين دول العالم لمواجهة الإرهاب؛ لأنه لا توجد آليات فعالة لمواجهته، مضيفًا أن الإرهاب ليس مسألة أمنية، لكنها فكرية في المقام الأول، وأن المعالجات الإعلامية للحوادث الإرهابية تتم من هذا المنطلق، وأن مواجهة الإرهاب جزء من الأمن القومي، مشيرًا إلى أن التعامل مع حروب الجيل الرابع تتطلب نوعًا من التخصص، لأن عدم التخصص يتسبب في حالة إرباك للإعلام مع كل حدث إرهابي، وأن ذلك الارتباك يحدث في كل مرة، مطالبًا بالاتفاق على رؤية محددة لتحديد مهام الإعلاميين في مواجهة الإرهاب.