بعد 40 عاما من البحث المضني والعمل الدؤوب ، توصل علماء الفضاء المتخصصون في دراسة الشمس إلى دليل قاطع بأن سرعة دوران مركز الشمس أو ما يسمى "النواة" يزيد بمعدل أربعة أضعاف عن سرعة تحرك سطح الشمس. الدليل الذي كشف عنه مرصد وكالة "ناسا" الأميركية لدراسة الشمس في ولاية ميريلاند بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية هو نوع من الموجات الزلزالية في قلب الشمس والتي تم فحصها وتعقبها على مدار سنوات حتى أعطت بصمة مؤكدة في النهاية. ويصف "بيرنارد فليك" أحد علماء المشروع المشترك بين المرصد الأمريكي والوكالة الأوروبية ، هذا الاكتشاف بأنه أهم كشف للمرصد في السنوات العشر الأخيرة وأحد أهم الاكتشافات في علوم الفضاء بشكل عام. وكما يستخدم علماء الزلازل الطريقة التي تتحرك وتنتقل بها الزلازل داخل الأرض لدراسة تركيبة الأرض، فإن علماء الشمس يدرسون التركيب البنائي للشمس من الداخل عبر تعقب الطريقة التي تتحرك بها الموجات الزلزالية داخل نجم الشمس. وعلى عكس كوكب الأرض الذي تكون فيه الأحداث الزلزالية متمايزة عن بعضها ، فإن الشمس تصدح وبشكل مستمر بموجات صوتية بسبب الأحمال الحرارية المتواصلة التي تجري تحت سطح الشمس. وكان العلماء يعتقدون لفترة طويلة أن موجات الجاذبية هي الوسيلة الأنجح لدراسة دوران مركز الشمس وسرعته ، غير أن موجات الجاذبية وهي موجات سائلة، يصعب رصدها بينما الموجات الصوتية والتي تعرف أيضا بالموجات الضاغطة ، يسهل رصدها على سطح الشمس ، لكنها لا توفر أية معلومات عن كيفية دوران مركز نواة الشمس . وقد استخدم العلماء نماذج إحصائية وتحليلية لمعلومات مختلفة تم جمعها خلال الأعوام السبعة عشر الماضية والتي مكنتهم في النهاية من التوصل الى بصمة منتظمة تؤكد أن مركز نواة الشمس يدور حول نفسه مرة واحدة كل أسبوع وهو ما يجعله أسرع في دورانه عن سطح الشمس بأربعة أضعاف كما أنه أسرع من الطبقات المتوسطة داخل الشمس التي تدور مرة واحدة كل 25 يوما في خط استوائها و 35 مرة عند مناطق القطب الشمسي. ويثير هذا الاكتشاف أسئلة لدى علماء الشمس حول كيفية تفاعل طبقات الشمس خلال دورانها وحول تكوين مركز الشمس وهو ما يفتح الباب أمام علماء الشمس والفضاء لمزيد من البحث والدراسة مستقبلا.