كان قد مر 4 سنوات على ثورة يوليو عندما وقف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر يخطب بكل عزة وقوة وسط جموع شعبه، موجها كلماته النارية بصوت هز كل العالم من حوله حين قال: "قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية". ففي مساء 26 يوليو عام 1956م بميدان المنشية بمحافظة الإسكندرية، ألقى الزعيم جمال عبد الناصر خطبته الشهيرة بمناسبة مرور 4 سنوات علي نجاح ثورة 23 يوليو، ورحيل الملك فاروق عن مصر، التي أعلن من خلالها تأميم قناة السويس. ضم الخطاب حديث ناصر عن العديد من القضايا والأمور وشمل شرحًا وافيًا لقصة مصر مع القناة منذ أن جاء ديليسبس إلي مصر وعرض فكرة حفر القناة على الخديوي سعيد، مرورًا بحفرها بسواعد المصريين الفقراء، مكررًا في حديثه عن ال120 ألف مصرى الذين ماتوا أثناء حفر القناة. كما تضمن تفاصيل لكيفية سيطرة فرنساوبريطانيا عليها، وإن كانت احتوت خطبته قبل إعلان التأميم التأكيد علي بناء السد العالي قائلًا: "التاريخ لن يعيد نفسه، بل بالعكس هنبنى السد العالى، وسنحصل على حقوقنا المغتصبة.. هنبنى السد العالى زى ما إحنا عايزين، هنصمم على هذا.. 35 مليون جنيه كل سنة بتاخدها شركة القنال.. ناخدها إحنا، 100 مليون دولار كل سنة بتحصلها شركة القنال لمنفعة مصر.. نحقق هذا الكلام، يبقى ال100 مليون دولار نحصلهم إحنا لمنفعة مصر برضه". وقد لاقى خطاب الزعيم قبولًا كبيرًا من قبل الشعب المصري وتصفيقًا وهتافًا، حيث كان في استقبال إعلان تأميم القناة تأييد واسع من قبل الجمهور في مصر، وفي جميع أنحاء الوطن العربي، ونزل الآلاف إلى الشوارع مرددين هتافات داعمة لهذا القرار وما تضمنته من المواد الست، والتي نصت علي الآتي: مادة 1: تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وينتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات. مادة 2: يتولى إدارة مرفق المرور بقناة السويس هيئة مستقلة تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتلحق بوزارة التجارة، ويكون للهيئة ميزانية مستقلة، يمثل الهيئة رئيسها أمام الهيئات القضائية والحكومية وغيرها، وينوب عنها فى معاملتها مع الغير.
مادة 3: تجمد أموال الشركة المؤممة وحقوقها فى جمهورية مصر وفى الخارج، ويحظر على البنوك والهيئات والأفراد التصرف فى تلك الأموال بأى وجه من الوجوه. مادة 4: تحتفظ الهيئة بجميع موظفى الشركة المؤممة ومستخدميها وعمالها الحاليين ولا يجوز لأى منهم ترك عمله أو التخلى عنه بأى وجه من الوجوه، أو لأى سبب من الأسباب. مادة 5: كل مخالفة لأحكام المادة الثالثة يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة، وكل مخالفة لأحكام المادة الرابعة يعاقب مرتكبها بالسجن. مادة 6: ينشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية، ويكون له قوة القانون، ويعمل به من تاريخ نشره، ولوزير التجارة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه. ربما كانت الكلمات الأخيرة في خطاب الزعيم الراحل هي الكلمات الأهم التي تضمنها خطابه وهي الإعلان عن تأميم قناة السويس، ولكن لم يرد هو أن تكون تلك نهاية خطابه بل أكد أن مصر بدون أي معونة من أمريكا أو بريطانيا تستطيع أن تقوم وتبني بالعمل والإنتاج. فاختتم قائلًا "اليوم.. أيها المواطنون.. ودخل قناة السويس 35 مليون جنيه 100 مليون دولار فى السنة، 500 مليون دولار فى الخمس سنين، لن ننظر إلى ال70 مليون دولار بتوع المعونة الأمريكية ولا بتوع المعونة الإنجليزية، بعرقنا ودموعنا وأرواح شهدائنا وجماجمهم، اللى ماتوا سنة 56 من 100 سنة وهم فى السخرة، نستطيع أن ننمى هذه البلد، وسنعمل وننتج ونزيد فى الإنتاج، برغم كل هذه المؤامرات وكل هذا الكلام، وكل ما يطلع كلام من واشنطن حاقول لهم موتوا بغيظكم". "نفس الكلام، هنبنى؛ نبنى الصناعة فى مصر، وننافسهم، هم لا يريدوا أن نكون دولة صناعية، علشان منتجاتهم تمشى عندنا ويكون لها سوق هنا، ماشفتش أبدًا معونة أمريكية متجهة إلى التصنيع، لأن المتجهة إلى التصنيع طبعًا حتكون منافسة، ولكن المعونة الأمريكية دائمًا متجهة إلى الاستهلاك". خبر تأميم قناة السويس في الصفحة الأولى بجريدة الأهرام بخطاب ناري وصوت هز العالم في 1956.. ناصر يؤمم القناة ويرفض معونة أمريكاوبريطانيا | فيديو