تميزت المرحلة الثانية لافتتاح قناة السويس عقب قرار الرئيس جمال عبدالناصر بتأميمها بالتنوع والثراء والوطنية وردود الأفعال الدولية الحادة.. ولذلك فقد صاحبها أعداد تاريخية مهمة لجريدة الأهرام عكست أفراح المصريين وجنون المجتمع الدولى من قرار التأميم.. ففى الوقت الذى انهالت فيه برقيات التأييد من كافة طوائف الشعب للقرار وحفلت الأهرام بمئات الإعلانات من الفنانين والشركات والبنوك التى تهنئ عبد الناصر بالخطوة التى أقدم عليها.. جاءت عناوين الأهرام تعكس ردود دولية حادة وعنيفة من بينها تجميد بريطانيا للأرصدة المصرية فى 29/7/1956 وتحذير الرئيس عبد الناصر لبريطانيا وفرنسا وتحميلهما مسئولية تعطل الملاحة فى القناة.. وكذلك تحذيرالرئيس الروسى للغرب من القيام بأى عدوان على قناة السويس فى أول أغسطس 1956 ثم رفض مصر دعوة مؤتمر لندن فى نفس الشهر.
خطاب ناصر ففى 27/7/1956 صدر عدد تاريخى للأهرام.. خصصت فيه معظم المساحة فى الصفحة الأولى للحديث عن خطاب الرئيس جمال عبدالناصر حول تأميم قناة السويس.. وجاء مانشيت الأهرام الرئيسى فوق الترويسة يقول «تأميم شركة قناة السويس» وتحت ترويسة الأهرام جاءت صورة الرئيس، جمال عبدالناصر، أثناء الخطاب تتوسط موضوعين رئيسين الأول بعنوان: الرئيس يعلن باسم الأمة: أموالنا وحقوقنا ردت إلينا سنبنى السد العالى معتمدين على سواعدنا واتحادنا ودمائنا والثانى بعنوان: قرار رئيس الجمهورية بتأميم شركة القناة ينقل للدولة مالها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات. تعويض المساهمين وحملته حصص التأسيس عما يملكون بقيمتها كأخر إقفال. تجميد أموال الشركة وحقوقها فى جمهورية مصر وفى الخارج. وتحته خبر فى برواز «هيئة إدارة القنال.. قرار رئيس الجمهورية بتأليفها». وخبر فى برواز آخر يقول «الزعر فى لندن.. إيدن يعقد الوزارة اليوم». أفراح مصرية .. جنون دولى وقد تناولت الأهرام فى صفحاتها الداخلية فى هذا نص خطاب الرئيس جمال عبد الناصر الشهير بتأميم قناة السويس تحت عناوين «أموالنا وحقوقنا رددت إلينا» «لا ندخل إلا الحلف الذى يضم الدول العربية فقط» بالإضافة إلى صور للرئيس وهو يلقى الخطاب وصور لزملاء الرئيس «زكريا محيى الدين، عبدالحكيم عامر، جمال سالم وآخرين..». كما نشرت صورة للرئيس وهو يحيى الجماهير من سيارته المكشوفة التى اصطفت على جانبى الطريق وهو متجه إلى ميدان التحرير لإلقاء خطابه التاريخى. كما نشرت الأهرام فى صفحتها الأولى خبر تحت عنوان: «الإستيلاء على شركة القناة يتم فى ربع ساعة مساء أمس» جاء فيه فى الساعة العاشرة تماما وفى اللحظة التى أعلن فيها الرئيس نبأ تأميم شركة القناة توجه عشرون جنديا من قوات البوليس فى بورسعيد بقيادة الملازم الأول على عثمان وتولوا حراسة الباب الخارجى للشركة وخزانتها كما قامت اللانشات بمراقبة مبنى الشركة للإحالة دون تسرب المستندات الخاصة بها وبعد ربع ساعة كانت الحراسة قد تمت على جميع فروع الشركة فى بورسعيد والإسماعلية والسويس ولم تتأثر الملاحة أو أى عمل من أعمال الشركة من إجراءات الحراسة.. وتناولت الأهرام فى هذا العدد أيضا بعض ردود الأفعال حول التأميم مثال ماذكر بعنوان: «فرحة الإسماعلية بالإستيلاء على مرافق الشركة»، «مظاهرات فى الأردن ابتهاجا بتأميم شركة القنال». وفى اليوم التالى بتاريخ 28/7/1956 تصدرت مانشيتات الأهرام رفض مصر احتجاج بريطانيا على التأميم من خلال نشر عنوان «مصر ترفض احتجاج بريطانيا على تأميم شركة قناة السويس». وقد شملت الصفحات الداخلية لهذا العدد وصف ابتهاج البلاد بتأميم شركة قناة السويس ونشر العديد من إعلانات التهنئة، وكانت من أهم الأخبار التى نشرت فى هذا العدد خبر نشر فى الصفحة السادسة تحت عنوان: مصر تضمن سير الملاحة فى القناة وبعد الدقائق القليلة التى أعقبت الإجراءات السريعة الحاسمة التى سجلت موقفا من أعظم المواقف فى تاريخ مصر القومى عقد السيد المهندس محمود يونس نائب رئيس هيئة إدارة القناة مؤتمرا صحفيا، أكد فيه ضمان مصر لسير الملاحة فى القناة على أحسن وجه، وقال أن السفن التى تمر بالقناة ستتدفع رسوما فى مصر لا فى الخارج، وأن شركة قناة السويس لم يعد لها وجود بعد الخطاب العظيم الذى ألقاه الرئيس واستطرد يقول.. سنحتفظ بجميع الموظفين والعمال، ماداموا قائمين بعملهم طبقا للقانون. وتضمنت الصفحة الأخيرة على عدد من الصور الخاصة بمكاتب هيئة إدارة القناة وسير السفن وكانت الصورة التى تصدرت هذه الصفحة صورة العلم المصرى وهو يرفرف على السارية الرئيسية لمبنى شركة قناة السويس ببورسعيد.. تحذير مصرى وفى يوم29/7/1956 كان خبر تجميد بريطانيا للأرصدة المصرية من أهم الأخبار التى نشرت فى الصفحة الأول تحت عنوان: بريطانيا تقرر تجميد: ما لمصر من أرصدة إسترلينية وحسابات جارية ما لشركة قناة السويس المؤممة من أموال وودائع وجاء فى متن الخبر: حجزت بريطانيا اليوم أرصدة مصر من الإسترلينى ردا على استيلائها على شركة قناة السويس. وقد اتخذت وزارة المالية البريطانية هذا الإجراء اليوم بعد الاجتماع الذى عقد بمقر رئاسة الوزارة واشترك فيه سيرأنطونى أيدن وهارولد ماكميلان وزير المالية. وقد جاء هذا الاجراء فى صورة أمرين إدارين يتناولان الأموال المصرية وأموال الشركة فى المملكة المتحدة لمنع وقوعها فى يد الحكومة المصرية. أما المانشيت الرئيسى للجريدة تحت عنوان: «الرئيس يحذير بريطانيا وفرنسا ويحمل الدولتين كل مسئولية عن تعطيل الملاحة فى القناة». كما ذكرت الصفحة الأولى مقالا لرئيس تحرير الأهرام «أحمد الصاوى محمد» عن فرحة الشعب وتحية لقائده وزعيمه واحتوت الصفحات الداخلية على مظاهر فرحة الشعب وترحيبه بالتأميم تمثلت فى بعض العناوين مثل: «الشعب يعلن فرحته الكبرى بتأميم القناة وسيل من البرقيات والتهنئة والتأييد من شتى أنحاء البلاد»، «ابتهاج الاسكندرية بالقرار التاريخى» «البنك التجارى المصرى يخرج لتحية الرئيس» «كلمات وطنية حازمة فى حشود المستقبلين بالمحطات» «القاهرة تخرج لاستقبال بطل التأميم». وكعادتها زينت الأهرام صفحتها الأخيرة بصور إستقبال الشعب وحفاوته بالرئيس جمال عبد الناصر. .. وتحذير روسى ولقد غطت جريدة الأهرام أصداء التأميم والأحداث المترتبه عليه حتى قيام العدوان الثلاثى على مصر. ففى يوم 1 أغسطس 1956 كان مانشيت الأهرام الرئيسى تحذير الرئيس الروسى القيام بأى عدوان على القناة وهو: خروشتشيف يحذر الغرب من القيام بأية عملية حربية «غير حكيمة» نتيجة لتأميم قناة السويس مصر لم تقم بعمل غير شرعى أو غير قانونى بتأميم القناة التى تقع فيها وتمر بأراضيها. أما مانشيت يوم 13 أغسطس 1956 فكان: مصر ترفض دعوة مؤتمر لندن دعوة دول العالم إلى مؤتمر يضمن حرية الملاحة التهديدات لا تخيفنا ومن يبدأ حربا لا يستطيع أن يتكهن كيف تنتهى تطورت الأخبار الخاصة بمشكلة القناة ما بين تمسك مصر بحقها بملكية القناة وبين رفض دول مؤتمر لندن حتى فاجأنا مانشيت يوم 30/10/1956 بخبر العدوان الثلاثى على مصر هو: إسرائيل تبدأ الهجوم على مصر القوات المصرية لم تشتبك بعد مع إسرائيل