منح المجلس الوطني التأسيسي التونسي مساء أمس ثقته للحكومة الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء الجديد حمادي الجبالي ، أمين عام حركة النهضة الإسلامية. وأعلن رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر أن 154 من أعضاء المجلس البالغ عددهم 217 عضوا صوتوا لمنح الثقة لحكومة الجبالي ، مقابل 38 عضوا صوتوا ضد منحها الثقة ، فيما امتنع 11 عضوا عن التصويت وتغيب الأعضاء الأربعة عشر الباقون عن التصويت لأسباب غير معلومة. وبعد حصول الحكومة على الثقة ، قدم الجبالي استقالته من عضوية المجلس التأسيسي مثلما ينص عليه "القانون المؤقت لتنظيم السلطات العمومية" ، الذي صادق عليه المجلس التأسيسي خلال الشهر الجاري. وكان الجبالي قدم يوم الخميس إلى المجلس التأسيسي تشكيلة حكومته وبرنامج عملها خلال الفترة القادمة. تتكون الحكومة الجديدة من 30 وزيرا و11 كاتب دولة ، بينهم 3 نساء (وزيرة البيئة ووزيرة المرأة وكاتبة دولة للتجهيز). وتضم حكومة الجبالي 7 مستقلين ، وينتمي بقية أعضائها إلى 3 أحزاب سياسية هي النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (يساري قومي عربي) والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (يساري وسطي). شكلت الأحزاب الثلاثة ائتلافا في المجلس الوطني التأسيسي المنبثق عن انتخابات 23 أكتوبر الماضي بعد فوزها بغالبية مقاعد المجلس. وحصلت حركة النهضة على أغلب وأهم الحقائب الوزارية في الحكومة. واستأثرت الحركة بأربع وزارات سيادية هي رئاسة الوزراء (حمادي الجبالي) والداخلية (علي العريض) والعدل (نور الدين البحيري) والخارجية (رفيق عبد السلام). وبقي وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي /61 عاما/ في منصبه الذي عينه فيه رئيس الوزراء التونسي الأسبق محمد الغنوشي يوم 27 يناير 2011 . يذكر أن الجبالي /62 عاما/ مهندس في الطاقات المتجددة. وقضى الجبالي 16 عاما في السجن ، بينها 10 سنوات في زنزانة انفرادية ، من أجل انتمائه إلى حركة النهضة التي كانت محظورة في عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. واتهم بن علي حركة النهضة بمحاولة "قلب نظام الحكم بالقوة" مطلع التسعينيات وبالتخطيط لاغتياله. وأصدر بن علي عفوا رئاسيا عن الجبالي في عام 2006 . يعمل وزير الداخلية الجديد علي العريض /56 عاما/ مهندسا في النقل البحري وهو عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة. وأمضى العريض 14 عاما في السجن ، منها 13 في زنزانة انفرادية ، من أجل الانتماء إلى حركة النهضة ، وأفرجت عنه السلطات في عام 2004 . ويعمل وزير العدل الجديد نور الدين البحيري /53 عاما/ محاميا ، وهو عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة والناطق الرسمي باسمها. أما وزير الخارجية رفيق عبد السلام فهو صهر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (زوج ابنته). حصل عبد السلام على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، وهو رئيس قسم الدراسات في قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية. وكان عبد السلام هرب من تونس بسبب الملاحقات الأمنية لنظام بن علي. عين الجبالي نجم منتخب الكرة التونسي السابق طارق ذياب /57 عاما/ ، الملقب في تونس ب"أسطورة كرة القدم التونسية" ، وزيرا للشباب والرياضة. وأمضى ذياب مسيرته الرياضية في الترجي الرياضي ، الغريم التقليدي للإفريقي التونسي ، وهما الفريقان الأكثر شعبية في تونس. واعتبرت جماهير من النادي الإفريقي هذا التعيين أنه "مغازلة انتخابية" من الجبالي لجماهير الترجي. ومن المقرر أن تخلف حكومة الجبالي حكومة الباجي قايد السبسي /85 عاما/ التي تسير شؤون البلاد بشكل مؤقت منذ 27 فبراير الماضي. وبحسب القانون المؤقت المنظم للسلطات العمومية في تونس ، ستتولى الحكومة الجديدة تسيير شؤون البلاد إلى حين انتهاء المجلس التأسيسي من صياغة دستور جديد تجرى على أساسه في وقت لاحق انتخابات رئاسية وتشريعية. ولم يحدد القانون المدة التي سيستغرقها المجلس في صياغة الدستور الجديد ، غير أن أحزابا سياسية تونسية تتوقع ألا تتجاوز المدة عاما ونصف العام.