رحل عن عالمنا عالم الآثار المصرية الأمريكي الأشهر وعاشق مصر الفرعونية الأكبر، الأستاذ الدكتور وليام كيلي سمسون، عن عمر يناهز التاسعة والثمانين عاما. كان سمبسون عاشقا وصديقا لمصر بحق، وأمضى حياته الحافلة وسجله الوظيفي المشرف في خدمة مصر وآثارها، خصوصا آثارها القديمة، ولد الدكتور وليام كيلي سمسون في مدينة نيويورك في عام 1928، وكان الدكتور سمسون أستاذا متمرسا في جامعة ييل الأميركية المعروفة. وحصل الدكتور سمسون على درجة الليسانس في العام 1947 والماجستير في العام 1948 والدكتوراة في العام 1954 من جامعة ييل، وقد كان من أشهر وأهم الوجوه العامة والثقافية المؤثرة في جامعة ييل. وفي البداية عمل الدكتور سمسون في قسم الآثار المصرية القديمة في متحف المتروبوليتان للفن العريق في مدينة نيويورك، ثم حصل على منحة فولبرايت في مصر، ومنحة بحثية أخرى من مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هافارد، وفي عام 1958، تم ترقية الدكتور سمسون إلى درجة الأستاذية في الآثار المصرية القديمة في قسم لغات وآداب الشرق الأدنى بجامعة ييل، وقد عمل أمينا لفنون مصر القديمة والشرق الأدنى القديم في متحف الفنون الجميلة في مدينة بوسطنالأمريكية لمدة تقرب من العشرين عاما. وخلال تلك الفترة من تاريخ تلك المجموعة الأثرية المهمة، زاد من أعداد القطع الأثرية الموجودة بها، وأعاد تنظيم القاعات الخاصة بتلك الفنون القديمة، وأعاد الحفائر وتوثيق القطع الأثرية في مواقع أثرية في الأرض المصرية، وتحديدا منطقة أهرام الجيزة، وفي السودان الشقيق، وفضلا عن التدريس في جامعة ييل، قام العالم الجليل بالتدريس في جامعة عدة مثل قسم لغات وحضارات الشرق الأدنى في جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا، ودعى الدكتور سمسون كي يحاضر في معهد الدراسات المتقدمة في جامعة برنستون، والكوليج دي فرنسا في العاصمة الفرنسية باريس، ومؤسسة كالوست جولبكاين في لشبونة. وعلى صعيد العمل الميداني، كان الدكتور سمسون مديرا لبعثة جامعة ييل وبنسلفانيا في مصر، وشارك أيضا في حملة اليونسكو الدولية لإنقاذ النوبة في مصر والسودان، وكان المدير المشارك للحفائر المهمة في مدينة أبيدوس الأثرية القديمة في محافظة سوهاج في صعيد مصر، وكذلك بعثة تسجيل وتوثيق الآثار في منطقة أهرام الجيزة. وفي مجال التأليف، قام الدكتور سمسون بتأليف العديد من الكتب والمقالات العلمية عن آثار مصر القديمة وفنونها وآدابها، وألف كتابا مرجعيا مهما، بالمشاركة من أحد زملائه العلماء من جامعة ييل، عن تاريخ الشرق الأدنى القديم، وألف كتابا موسوعيا عن الأدب المصري القديم بالمشاركة مع ثلاثة علماء آخرين، وتم اختياره رئيسا للجمعية الدولية لعلماء المصريات ثلاث مرات. وكان رئيسا ثم رئيسا لمجلس إدارة المدرسة الأمريكية للدراسات الكلاسية في العاصمة اليونانية أثينا، وكان نائبا لرئيس مجلس أمناء الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وكان عضوا بمجلس الأمناء بمعهد آثار أمريكا، ومركز البحوث الأمريكي في مصر، وفي عام 1965، حصل على منحة جونجهايم للإنسانيات في دراسات الشرق الأدنى القديم، وحصل على الإنجاز المتميز من مركز البحوث الأمريكى في مصر في القاهرة، في مناسبة العيد الخمسيني لتأسيسه عام 1998. وحصل على جائزة الخدمة المتميزة من الجامعة الأمريكية في القاهرة، وميدالية الشرف للخدمة المميزة لعلم المصريات من وزير الثقافة المصري واللجنة التنظيمية للمؤتمر الدولي الثامن لعلماء المصريات في القاهرة في عام 2000، وفي عام 2001، حصل على الدكتوراة الفخرية في الإنسانيات من الجامعة الأمريكية في القاهرة، وفي عام 2003، على ميدالية أوجسطوس جراهام من متحف بروكلين في نيويورك؛ نظرا لخدمته الجليلة لعلم المصريات والمتحف، وتم اختياره عضوا بالجمعية الشرقيةالأمريكية، والجمعية الفلسفية الأمريكية، والمعاهد الأثرية الألمانية والنمساوية، وغيرها الكثير. وعلى المستوى الشخصي، فقد التقيت كثيرا بالدكتور سمسون في منطقة أهرام الجيزة وفي المؤتمر الثامن لعلماء المصريات في القاهرة عام 2000. وكان الراحل الكبير مثقفا فريدا، ويتمتع بالتواضع ومساعدة الآخرين واللطف، وساعد الكثير من المصريين لدراسة الآثار المصرية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وكان العالم الجليل موسوعة بجدارة في الآثار المصرية القديمة والفن المصري القديم والأدب المصري القديم. وكان خير حلقة وصل بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية في مجال الثقافة والآثار. ومن المقرر أن تكرم جامعة ييل ذكرى العالم الجليل الدكتور وليام كيلي سمسون في فصل الخريف الأكاديمي القادم. لقد الدكتور وليام كيلي سمسون عالما موسوعيا ليس له مثيل، وسوف تبقى ذكرى الدكتور وليام كيلي سمسون عطرة بين المصريين والأمريكيين والجميع، وسوف يظل تراثه وأعماله الخالدة معينا لا ينضب للجميع عبر الأجيال. ----- د.الحسين عبد البصير (كاتب وباحث أثري)