تصاعدت قضية احتكار الألبان فى مصر وأخذت أشكالا مغايرة للإجراءات السائدة ومخالفة لما هو متبع حيث قرر الدكتور محمود عيسى، وزير الصناعة والتجارة، إعادة ملف الألبان إلى جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لإعادة دراسة القضية من جديد. قرار وزير الصناعة جاء مخالفًا لقانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 وتعديلاته الذى نص فى مادته رقم 21 على "وللوزير المختص أو من يفوضه التصالح فى أى من تلك الأفعال قبل صدور حكم بات فيها، وذلك مقابل أداء مبلغ لا يقل عن مثلى الحد الأدنى للغرامة ولا يجاوز مثلى حدها الأقصى.. ويعتبر التصالح بمثابة تنازلًا عن طلب رفع الدعوى الجنائية ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة التى صدر بشأنها طلب رفع الدعوى". وطبقا لنص المادة فإنه كان يجب على وزير الصناعة اتخاذ قرار فى القضية سواء بالتصالح أو إحالة الشركات المحتكرة إلى النيابة العامة لإحالتهم إلى المحاكمة الجنائية. ومع اقتراب المهلة التى منحتها الجمعية المصرية لمنتجى الألبان لوزير الصناعة من نهايتها والتى تنتهى غدا، قرر الدكتور محمود عيسى إعادة ملف القضية من جديد إلى جهاز المنافسة، وهو إجراء يحدث لأول مرة ويفتح الباب على مصراعيه أمام الاجتهادات التى يذهب اليها البعض، ومن بينها مجاملة وزير الصناعة للشركات الثلاثة، ومماطلته فى اتخاذ قرار على الرغم من دراسة القضية من قبل جهاز المنافسة وأن القانون حدد له مسارين للسير فيهما وهما التصالح أو التحويل للنيابة العامة. كان جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قد انتهى من دراسة قضية سوق الألبان فى مصر بناء على الشكوى التى تقدمت بها الجمعية المصرية لمنتجى الألبان تتهم فيها شركات "جهينة وبيتى وإنجوى" بمخالفة القانون واحتكار سوق الألبان. وانتهى جهاز المنافسة فى دراسته إلى مخالفة الشركات الثلاثة للمادة 6 من قانون المنافسة، وقام بإرسال ملف القضية فى شهر مارس الماضى إلى وزير الصناعة والتجارة ولكن وزراء الصناعة بداية من الدكتورة سميحة فوزى والمهندس سمير الصياد والدكتور محمود عيسى لم يتخذوا قرارًا بشأن هذه القضية. وكان محمد الطاروطي، رئيس الجمعية المصرية لمنتجي الألبان، قد أرسل إنذارًا علي يد محضر لوزير الصناعة، يتهمه فيه بالتقاعس عن التصرف فى تقرير جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الذى تم إرساله إلى إليه منذ أكثر من 6 أشهر وحتى الآن لم يتم التصرف فيه سواء بالتصالح أو إحالة الشركات الثلاث إلي النيابة العامة للتحقيق معها في المخالفات. وقال الطاروطى فى تصريحات خاصة ل "بوابة الأهرام " إن قرار الدكتور محمود عيسى وزير الصناعة جاء مخالفًا لقانون المنافسة مؤكدًا أن إعادة ملف القضية من جديد إلى جهاز المنافسة يمثل صدمة لمنتجى الألبان. يذكر أن الطاروطي - بتاريخ 20 أبريل من العام الماضي - تقدم ببلاغ إلى جهاز حماية المنافسة ضد بعض الشركات العاملة في مجال إنتاج وتوزيع منتجات الألبان لمخالفتها أحكام المادة (6) من قانون وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، نظرًا لقيامها جميعًا بالاتفاق فيما بينها - وهم أشخاص متنافسون في سوق منتجات الألبان - علي خفض وتثبيت سعر شراء اللبن الخام النظيف عالي الجودة من المزارع، بسعر أقل من تكلفة إنتاجه لكي تقوم بتصنيعه وإنتاج منتجات الألبان. وأضاف إن هذه الشركات اتفقت على شراء كيلو اللبن بسعر 240 قرشا مما ألحق أضرارا بالغة بالمزارع التي تنتج هذا النوع من اللبن بسعر 280 قرشا للكيلو الواحد، وهو ما أدي إلى عدم استطاعة هذه المزارع الاستمرار في إنتاج اللبن لعدم قدرتها علي الاستمرار في البيع بالخسارة. وأكد أن جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية قام بفحص البلاغ وانتهي في جلسته المنعقدة يوم 7 مارس الماضي إلى ثبوت مخالفة كل من شركة جهينة للصناعات الغذائية والشركة الدولية لمشروعات التصنيع الزراعي (بيتي) وشركة النيل للصناعات الغذائية (إنجوي) لأحكام المادة (6) من القانون حماية المنافسة.