على الرغم من أن السعودية قوة إقليمية لها من الثقل ما يمكنها من التأثير على الاتجاه السياسي في اليمن فإنها غير قادرة فيما يبدو على اتخاذ قرار بالضغط على الرئيس علي عبد الله صالح ليتنحى وهي الخطوة التي قد تجنب بلاده شبح الحرب الأهلية. يقول محللون في تقرير لموقع "ميدل إيست أونلاين" إن أسرة آل سعود الحاكمة منقسمة حول كيفية فرض نفوذها على جارها اليمني الذي يتمركز فى بعض أراضيه تنظيم القاعدة بجزيرة العرب، وقد تنقسم البلاد على أسس إقليمية وطائفية مما يهدد بانتشار الفوضى في ممرات ملاحية مهمة لشحن النفط في البحر الأحمر وخليج عدن. وصالح الذي أصيب بحروق خطيرة في هجوم بقنبلة موجود في العاصمة السعودية الرياض منذ يونيو ووضعه السياسي محير لأنه لا يعتبر في المنفى رسميا وفي نفس الوقت لا يقود بلاده قيادة كاملة. وفي حين يبدو هناك اتفاق واسع النطاق بين أسرة آل سعود على أن حليفهم القديم ضد تنظيم القاعدة يجب أن يرحل فإن أعضاءها مختلفون على من هو الأصلح للسيطرة على البلاد التي تدخل انتفاضتها ضد حكم صالح الشمولي شهرها التاسع. ويحكم صالح اليمن منذ 33 عاما. ويقول غانم نسيبة وهو شريك في شركة كورنرستون غلوبال للاستشارات "هناك خلاف واضح في الرأي (داخل الأسرة الحاكمة) حول رؤيتهم لليمن بعد صالح". وأضاف "هناك من هم في النظام ممن يشعرون بارتياح أكبر إزاء مزيد من الديمقراطية في اليمن. وهناك آخرون لا يريدون أن يحدث هذا". وقتل نحو 75 شخصا في اليمن منذ الأحد إثر تصاعد أعمال العنف بدءا بإطلاق الرصاص على المحتجين وانتهاء بالقتال بين الفصائل المسلحة المؤيدة والمناوئة لصلاح مما يزيد المخاوف من قرب اندلاع حرب أهلية. وتستضيف السعودية صالح في قصر حكومي فخم مكسو بالرخام في الرياض تصاحبه حاشية كبيرة من رجال الأمن والمساعدين السياسيين. وهو يرفض حتى الآن المناشدات الأمريكية والأوروبية والخليجية لتنحيه. ويعتقد محللون أن كبار أعضاء الأسرة السعودية الحاكمة جميعا متحدون الآن حول فكرة إزاحة صالح من السلطة، لكنهم لم يتفقوا بعد من الذي يجب أن تدعمه الرياض في ظل القبائل والفصائل العسكرية والسياسية اليمنية المتعددة. ويقول روبرت جوردن، وهو سفير سابق للولايات المتحدة في الرياض، "من الصعب في مجتمع قبلي كثير الأجزاء معرفة النظام واللاعبين التاليين الذين تريد أن تدعمهم". واستطرد قائلا "لكنني أعتقد أن السعوديين لعبوا دورا بناء بتقديم الرعاية الطبية لصالح في الرياض والحرص على بقائه هناك (بدلا من عودته إلى اليمن)". أكد أسعد الشملان، أستاذ العلوم السياسية بالرياض لموقع "ميدل إيست أونلاين"، إن السعودية تريد استقرار اليمن وأن تكون له حكومة قوية قادرة على السيطرة على أراضيه ولا تتيح مجالا لتنظيمات "إرهابية" مثل القاعدة. وقد أعلن وقف لإطلاق النار في صنعاء الأربعاء، وقالت مصادر بالمعارضة والحكومة إن المفاوضات مستمرة بشأن خطة خليجية يترك صالح بموجبها الحكم وهي المبادرة التي تراجع عن توقيعها ثلاث مرات. والتقى صالح مع العاهل السعودي الملك عبد الله الإثنين إلى جانب عدد من كبار المسئولين لكن لا توجد بوادر على التوصل إلى أي اتفاق. قال الشملان إن مسألة اليمن بالنسبة للسعودية هي في الأساس ليست مسألة سياسة خارجية، إنها مسألة أمن قومي لها بُعد في السياسة الخارجية ولهذا يهتم بها الكثير من الأجهزة في الحكومة السعودية. والملك عبد الله هو صاحب القرار الأخير، لكنه في أواخر الثمانينيات من عمره وكان يعاني من مشكلة في ظهره أواخر العام الماضي. وفوّض العاهل السعودي رئيس المخابرات السعودية الأمير مقرن في بعض المسائل المتعلقة بالسياسة اليمنية. كما أن وزير الداخلية الأمير نايف وابنه نائب وزير الداخلية الأمير محمد الذي يقود جهود المملكة لاجتثاث تنظيم القاعدة لهما مشاركة وثيقة في القضية اليمنية. وينحي مساعدون لصالح (69 عاما) جانبا الإشارات إلى أن سلطاته تقلصت بسبب اقامته في الرياض ويؤكدون أنه لا يزال مسيطرا على الحكومة اليمنية من خلال المحادثات الهاتفية المستمرة مع المسؤولين وأفراد عائلته. وتعهد صالح بالعودة إلى الوطن في العديد من اللقطات التليفزيونية التي أعدت بعناية لإظهار تحسن حالته الصحية منذ ظهر للمرة الاولى بعد محاولة اغتياله الفاشلة وبه آثار حروق شديدة وقد لف رأسه بالضمادات. وقال عبده الجندي نائب وزير الإعلام اليمني ان من المؤكد أن الرئيس سيعود إلى الوطن حين ينهي فترة النقاهة. ويقول المحتجون اليمنيون إنهم يقاتلون من أجل الديمقراطية للتخلص من نخبة حاكمة تتسم بالفساد والمحسوبية تحت قيادة صالح أعاقت تنمية البلاد. ويتجاوز معدل البطالة 35% ويعيش 40% من اليمنيين على دولارين في اليوم أو أقل في حين يعاني الثلث من سوء التغذية.