الشركات العائدة من الخصخصة شركات تم بيعها ثم أكدت أحكام القضاء الاداري فساد عقود بيع هذه الشركات وقضت بعودتها مرة أخري لتبعية الدولة منها شركة عمر أفندي والمراجل البخارية وطنطا للكتان والزيوت لكن الدولة بدورها طعنت علي عودة هذه الشركات وبعض المستثمرين لجأوا للتحكيم الدولي للفصل في تلك النزاعات ومن ثم فإن هذه الشركات لاهي تابعة للدولة ولا مملوكة للمستثمرين. ويري بعض الخبراء أن أحكام القضاء الاداري كاشفة لعصور فساد سابقة في حين يري البعض الآخر أنها أضرت بمناخ الاستثمار وأدت الي عزوف المستثمرين عن ضخ تمويل ومشاركات جديدة في الاقتصاد المصري, التحقيق التالي يرصد الآراء التالية: وكان القضاء الاداري بعد ثورة25 يناير قضي بفسخ عقود بيع عدد من الشركات وعودتها للدولة مرة أخري وهي عمر أفندي وطنطا للكتان والزيوت وشبين الكوم للغزل والمراجل البخارية واسمنت اسيوط. إلا ان الدولة من خلال الشركات القابضة قامت بالطعن علي أحكام القضاء الاداري مفسرة السعي الي طمأنة المستثمرين وحماية الاستثمار, فتعد شركة المراجل البخارية من الشركات التي صدر بشأنها حكم قضائي بعودتها مرة أخري لتبعية الدولة ومايترتب علي ذلك من آثار تتعلق بعودة العمال الذين تركوا الشركة وفقا لنظام المعاش المبكر الي العمل مرة أخري إلا أن الشركة القابضة الكيماوية لاتنفذ ذلك الحكم نظرا لعدم توفر الاموال اللازمة لاستمرار النشاط بتلك الشركة وقد دخل عمال الشركة في اعتصام أكثر من مرة لمطالبتهم بعودتهم للعمل وكذلك الوضع بالنسبة لشركة طنطا للكتان, حيث أجلت محكمة جنح الدقي دعوي عمالها ضد رئيس الوزراء لامتناعه عن تنفيذ الحكم القضائي بفسخ عقد بيع الشركة للمستثمر السعودي الي جلسة22 فبراير لسماع المرافعة, وكان قد حصل عمال شركة طنطا علي حكم بفسخ عقد بيع الشركة وتسليمها للدولة وأقام المستثمر السعودي والدولة طعنا علي الحكم واقام المستثمر السعودي دعوي بأن الحكومة باعته الشركة في عقد صحيح لايشوبه البطلان وآخر الاحكام التي صدرت كانت بشأن شركة اسمنت اسيوط, حيث صدر من القضاء الاداري حكم بفسخ عقد البيع ودعوتها للدولة وكذلك قامت الشركة المشترية المكسيكية بالطعن علي الحكم موضحة ان الحكومة باعت الشركة وفق عقد صحيح. ويشير عبد المنعم الجمل رئيس النقابة العامة للعاملين بالبناء والأخشاب الي ان العمالة لديهم تخوف في حالة عودة الشركة مرة أخري وهل تستمر الدولة في اعطائهم نفس الاجور والمرتبات التي يحصلون عليها أم سيتغير الوضع. ويقول الجمل ان بعض العمالة التي خرجت للمعاش وحصلت علي كامل مستحقاتها سابقا قاموا برفع هذه القضايا سعيا للحصول علي المزيد من المكاسب بدعوي رغبتهم في العودة للعمل مرة أخري وهذا امر غير مقبول ويؤثر سلبا علي سمعة الاستثمار والمستثمرين. ويقول اسامة صالح وزير الاستثمار أن الشركات الحكومية العائدة الي عباءة الدولة بعد عمليات الخصخصة سيتم ضخ استثمارات جديدة فيها لاعادة دوران عجلة الانتاج بهذه المصانع مؤكدا علي حرص الحكومة علي استرداد جميع الشركات التي تم خصخصتها في النظام السابق وانه سيتم استصدار تشريع جديد يتم إقراره من مجلس الوزراء, يسمح بضخ استثمارات جديدة في رؤوس اموال هذه الشركات حتي يسمح لها بتطوير النشاط في هذه الشركات. ويستنكر د. محمود سالم المدير الفني السابق لوزارة قطاع الاعمال العام أحكام القضاء الاداري التي صدرت بشأن تلك الشركات ويقول ان الشركات القابضة والشركات التابعة لها تخضع إما لقانون203 وقانون159 وليس للقضاء الاداري أي اختصاص بالمرة بالحكم بعودة هذه الشركات للدولة مرة أخري أو بفسخ عقود بيعها فالقضاء الاداري مختص بالفصل في القرارات الادارية للجهاز الاداري والحكومي في حين ان عقود بيع هذه الشركات هي عقود خاصة لاتخضع لولاية القضاء الاداري كما ان حيثيات الاحكام رديئة للغاية مما جعل بعض المستثمرين والذين تم بيع الشركات لهم اللجوء الي التحكيم الدولي مما يعرض الدولة لغرامات ضخمة في حالة خسارة الدولة لقضايا التحكيم الدولي. ويؤكد د. سالم ان عقد بيع أي شركة يتضمن فيه الآلية التي تتم بشأن فض النزاع بين الطرفين والتي عادة مايكون التحكيم الدولي في معظم الحالات ولم يحدد القضاء الاداري إطلاقا كطرف لفض النزاع بين طرفي البائع والمشتري وبالتالي فإن أحكام القضاء الاداري أحكام غريبة في حد ذاتها فضلا عن ان الحكم برد الشركة نتيجة بيعها بثمن بخس او لانخفاض التقييم فهو أمر ايضا مستنكر فإن جميع تقييمات الشركات التي تم بيعها منذ بداية تنفيذ برنامج الخصخصة خضعت للجنة برئاسة مستشار نائب لمجلس الدولة وايضا الجهاز المركزي للمحاسبات والرقابة الادارية إذن فإن الدولة والقضاء شريك في تقييم هذه الشركات وفي إقرار صفقاتها فكيف تعود مرة أخري بالطعن علي هذه القرارات والتقييمات. ويؤكد د. سالم ان هذه الأحكام القضائية أدت الي انهيار سمعة الاستثمار في مصر وأعطت انطباعا سيئا لدي المستثمرين عن الاستثمار والقضاء واستقرار القوانين. ويري انه في حالة عدم التزام المستثمر بأي بند من بنود التعاقد فلابد من إلزام المستثمر بتنفيذه أو توقيع غرامات او عقوبات نتيجة عدم التنفيذ ولكن ليس رد الشركة منه الي الدولة مرة أخري فالدولة بالفعل مكبلة بقدر من الأعباء ولايمكنها في كثير من الأحيان ادارة الأنشطة الاقتصادية الصغيرة علي نحو كفء. ويقترح د. سالم أن وضع الشركات بعد صدور الاحكام هو وضع غريب فلا هي تابعة للدولة ولا مازالت في ملكية المستثمر والضرر الأكبر يلقي علي الشركة والعاملين فيها وعلي الاقتصاد المصري لذا فلابد من تشكيل لجان قانونية واقتصادية لتسوية النزاعات التي نشأت بين الدولة والمستثمرين والتي كان العمال طرفا فيها وذلك حفاظا علي سمعة الاستثمار في مصر وحفاظا علي الاقتصاد المصري من الانهيار وحماية لحقوق العمال الذين حصلوا علي أحكام ولكن دون تنفيذ. أما المهندس يحيي عبد الهادي مدير مركز إعداد القادة لقطاع الاعمال ومفجر قضية الفساد في بيع شركة عمرأفندي فيري ان القضاء الاداري هو طرف أصيل في فض نزاعات بين الدولة والمستثمرين الذين تم بيع الشركات لهم لأن قرارات البيع تمت وفقا لقرارات الجمعية العمومية للشركات القابضة وهي بذلك قرارات ادارية والمحكمة الادارية قضت ببطلان قرار عقد بيع الشركات, كما أنه في حيثيات فسخ عقد بيع إحدي الشركات( عمرأفندي) تضمنت فسخ العقد نتيجة وجود تواطؤ جنائي علي المستوي الوزاري فلابد من استكمال الاجراءات القانونية ببلاغ للنيابة العامة لاستكمال الشق الجنائي وتعد شركة عمر أفندي هي الشركة الوحيدة التي لم تطعن الحكومة علي حكم القضاء الإداري فيها في حين طعنت علي أحكام باقي الشركات الاخري نتيجه ما ترتب عليه الوضع في شركة عمر أفندي فالشركة كانت قبل البيع متعادلة أو تحقق أرباحا ضعيفة وعلي الرغم من تحذيرات بيع الشركة إلا أنه تم بيعها لهذ المستثمر الذي لا يتمتع بأي خبرة في إدارة هذه النوعية من النشاط والنتيجة كانت متوقفة بطبيعة الحال فانهارت الشركة وخسرت ما يقرب من مليار جنيه وأغلقت معظم الفروع. ويقول المهندس يحيي هل هذا المستثمر من النوعية التي يتم التفاوض معه لعودة الشركة مرة أخري؟! بل كان لابد من محاسبة كل من شارك في صفقه بيع الشركة وإهدار أصولها وتشريد عمالها وتجني الدولة حاليا حصاد هذا الخراب الذي تسبب فيه هذه المستثمر لمساعدة مسئولين سابقين في الدولة فكيف لايتم محاسبتهم حتي الآن. وهناك بعض الاحكام لشركات صدرت ولكن بعد فوات الاوان مثل شركة المراجل التجارية فالحكم صدر بعودة الشركة بعد17 عاما من البيع ولكن الشركة لم تعد موجودة بعد إنهاء نشاطها وتقييمها وتخريد معداتها فالشركة لم يعد لها كيان. ويري المهندس يحيي أن الشركات العائدة بحكم القضاء الإداري تتحول من سيئ إلي أسوأ فللأسف نظرة الدولة لقطاع الاعمال العام لاتزال لم تتغير بأن هذا القطاع يمثل عبئا علي الدولة ولابد من التخلص منه وأداؤه يتراجع بصورة مستمرة فلابد من وجود صورة واضحة لدي الدولة حول أداء هذا القطاع ورؤيتها المستقبلية له حتي لاتزداد خسارته وأعباؤه علي الدولة. كما يؤكد المهندس يحيي إذا قامت النيابة العامة باستكمال التحقيقات الجنائية في فساد عقود البيع للشركات وإذا انتهت إلي شبهة تدليس في البيع فإن ذلك يعطي سندا قويا للدولة في حالة اللجوء للتحكيم الدولي من قبل المستثمر, فالمعروف أن التحكيم الدولي لاينظر في القضايا التي صدر بشأنها شبهة جنائية وبالتالي تكون فرصة الدولة كبيرة في ربح هذه القضايا. وتقول آية سعيد نائب مدير مركز التحكيم الدولي أنه ليس صحيحا أن مصر تخسر دائما القضايا التي يلجأ فيها المستثمر للتحكيم الدولي في حالة نشوب نزاع مع الدولة أومع إحدي الجهات التابعة لها فالمركز لديه101 قضيه فالكثير من هذه القضايا بت فيها لصالح الجانب المصري ولكن القضية التي تناولها الاعلام وخسرتها الدولة ودفعت فيها تعويضات باهظة هي التي أعطت هذا الانطباع السيئ ولكن هذا المفهوم بدأ يتغير حاليا. وتضيف قائلة أن قضية عمر أفندي من القضايا التي يتناولها المركز ولم يحصل فيها الخصم الاجنبي حاليا علي أي أحكام لصالحه وإن كان النزاع السابق قبل الثورة أثبت سوء إدارة للمستثمر. وتقول أن نجاح قضايا التحكيم الدولي ترتبط بالخبرة الكافية في التقديم بدفوع ومستندات تثبت أحقية الطرف في فسخ العقد ولم تكن لدي عدد كبير من المحامين الخبرة الكافية في السياق في التعامل مع القضايا المثارة لدي التحكيم الدولي ومراكز التحكيم تقوم بعمل دورات في الفترة الاخيرة لنشر هذه الثقافة وإعطاء درجات عملية كماجستير أو دبلومة في هذا المجال. وعن جانب المستثمرين يقول د. بهاء رأفت رئيس إحدي شركات الغزل والنسيج إن أحكام القضاء الاداري بمثابة أحكام تأميم ولكن بطريقه مؤدبة فالمستثمر ماذبنه في صفقة تم إسنادها إليه بسعر رخيص لاسيما أن كل جهات الدولة تصدق علي هذا البيع فكيف يأمن هذا المستثمر أن يقوم بشراء أي شئ من الحكومة مرة أخري وكيف يضمن ألا تعود الدولة مرة أخري تحت أي مسمي وتطالبه بعودة الشركة مرة أخري ومن يعوضه عن ما قام بضخه من أموال أو ما تحمله من أعباء فهذه الاحكام أضرت بالاستثمار أكبر ضرر ولايمكن لمستثمر حاليا أن يقوم بشراء أي أصول من الدولة ثم يلاحقه القضاء بعد ذلك. أما في حالة ما لم يلتزم المستثمر بشروط التعاقد فإن ذلك حق حقيقي للدولة ممثلا إذا كان التعاقد بين المستثمر والدولة حول زراعة مساحات من الاراضي ثم قام المستثمر ببيعها كعقارات, في هذه الحالة فإنه يحق للدولة استرداد تلك الاراضي منه فالعقد شريعة المتعاقدين ولكن بخلاف ذلك لايحق للدولة استرداد شركة تم بيعها لمستثمر لرخص ثمن البيع ولها أن تلزمه بتنفيذ شروط التعاقد أو التفاوض معه لتنفيذها ولكن رد الشركات للدولة مرة أخري يعطي إنطباعا سيئا لدي المستثمرين ويشل حركة الاقتصاد ويقضي علي ما تبقي من استثمارات في الدولة والتي عادة ما تكون الخاسر الوحيد وتقضي علي الصناعة وعلي مستقبل العمال في هذه الشركات*