أثار هبوط الأسهم الامريكية في تعاملات الاثنين مخاوف المحللين من تكرار سيناريو الازمة المالية العالمية 2007-2008 مع تحذير البعض من أزمة مالية وشيكة. وتسجل اسواق المال في آسيا الثلاثاء تراجعا حادا متأثرة بانخفاض وول ستريت حيث سادت حالة من الهلع بين المستثمرين بعد اشهر من الارتفاع في بورصة نيويورك، وذلك في ظل موجة بيع قوية للأوراق المالية على خلفية المخاوف من أن يؤدي ارتفاع معدل التضخم في الولاياتالمتحدة إلى زيادة أسعار الفائدة. وشهدت البورصات الاوروبية التي كانت مضطربة الاثنين جلسة جديدة صعبة الثلاثاء عند الفتح، مع تراجع بورصات لندن وفرانكفورت بين 5% و7% حسبما افادت صحبفة فاينانشال تايمز علي موقعها الالكتروني صباح اليوم. كانت الاسهم الامريكية سجلت أسوأ هبوط في 6 سنوات أمس الاثنين والذي القي بظلاله علي أول يوم لجيروم باول كرئيس لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث تزامن انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية يوم الاثنين مع تنصيب الرئيس الجديد للبنك المركزي الامريكي. وقال باول بعد أداء القسم القانوني إن النظام المالي الامريكي "أقوى وأكثر مرونة" مما كان عليه قبل الازمة المالية التي وقعت قبل 10 سنوات. وفي بورصة طوكيو سجل مؤشر نيكاي للشركات الكبرى انخفاضا نسبته اكثر من 6 بالمائة بعد ظهر الثلاثاء، وهو امر غير مسبوق منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الذي ادت الى حالة هلع آنية. وفي دول اخرى في المنطقة، انخفضت بورصة سيدني 3 بالمائة وهونج كونج حوالى 5 بالمائة وشنغهاي اكثر من 2 بالمائة. وكان العام 2018 بدأ بشكل جيد اذ ان مؤشرات البورصات تسجل ارقاما قياسيا في نيويورك، لكن نشر التقرير الشهري حول الوظائف في الولاياتالمتحدة قلب الوضع. والنبأ السار للاقتصاد الامريكي الذي تمثل بزيادة كبيرة في الاجور في يناير، كان له اثر مدمر على الاسواق التي تخشى تضخما وبالتالي تشدد نقدي امريكي بوتيرة اسرع مما كان متوقعا. وفي الوقت نفسه ارتفعت معدلات عائدات سندات الخزينة مما ادى الى تعثر وول ستريت. وتزايدت الخسائر الاثنين وانخفض المؤشر داو جونز حوالى 1600 نقطة خلال الجلسة قبل ان يغلق على تراجع نسبته 4,60 بالمائة. وقال ستيفن اينيس مسئول الصفقات في منطقة آسيا المحيط الهادىء لدى مجموعة واندا،ان "المستثمرين مقتنعون بان التضخم يعود وان معدلات الفائدة سترتفع اكثر مما كان مقدرا". وقال توشيهيكو ماتسونو المحلل في "اس ام بي سي نيكو ستكيوريتيز" ان "هذا التراجع المفاجىء يشكل صدمة" لانه يأتي بعدما سلسلة ارتفاعات غير مسبوقة منذ 26 عاما سجلت منذ مطلع العام في كل من نيويوركوطوكيو. واضاف ان الاسواق تمر الآن ب"مرحلة تصحيحية" إذ ان مؤشر نيكاي خسر اكثر من 10% بالمقارنة مع اعلى مستوى له في 23 يناير، على غرار مؤشر داو جونز الذي تراجع الاثنين اكثر من 10 بالمائة خلال الجلسة عن المستوى القياسي الذي سجله في 26 يناير. وكان المحلل نفسه قال لوكالة بلومبرج المالية في وقت سابق ان "السوق يتفاعل مع مخاوف المستثمرين من التضخم واحتمال تراجع الاقتصاد الامريكي في الوقت الذي ارتفعت فيه معدلات الفائدة بسرعة كبيرة". وتمثل العملة اليابانية ملاذا للمستثمرين بالمقارنة مع العملة الخضراء في فترات التقلبات. وقد ارتفع سعر الين مقابل الدولار مسجلا 109,23 ينا للدولار بالمقارنة مع 109,91 ينا للدولار عند اغلاق الاثنين. والانخفاض طال ايضا العملة الافتراضية بيتكوين الذي يسجل تراجعا منذ اسابيع. وقد واصل انخفاضه الثلاثاء وبلغ سعره اقل من 6400 دولار بينما كان يبلغ عشرين الف دولار في ديسمبر. وعلى الرغم من كل هذه التراجعات يبدو المراقبون مطمئنين. وقال ستيفن اينيس ان "الوقت حان لاجراء تصحيح"، مؤكدا انه لا يرى اي مؤشرات تدل على "انهيار". وقال بيتر جارنري المحلل لدى مجموعة "ساكسو بنك" انه يعتقد انه "تصحيح سليم خلال فترة قصيرة". من جهته، قال شون فنتون المسئول المالي في مجموعة "تريبيكا اينفستمنت بارتنرز" في سيدني لوكالة بلومبرج ان "هناك امكانيات لعمليات شراء ايضا، ربما ليس اليوم لكن في وقت لاحق خلال الاسبوع، بعد عمليات البيع الكبيرة هذه".