لا تطوير دون مقاومة قوية من أصحاب المصالح؛ لأنها تضر بمصالحهم غير المشروعة، هم يدافعون عن نهب المال العام، لكن تحت لافتات براقة، هى فى حقيقة الأمر خادعة، ولكنها تستميل عطف جانب من الرأى العام، كم من عمليات نهب للمال العام -الذى هو فى حقيقة الأمر أموال المواطن- ارتكبت باسم الدفاع عن حقوق المواطن البسيط والحفاظ على الاستقرار الاجتماعى!. الاقتراب من منظومة دعم رغيف العيش ليس لعمليات النهب المنظم طوال سنوات للمال العام، الاقتراب منها كالدخول فى عش الدبابير. فاتورة دعم رغيف الخبز - تستحوذ على ثلثى إجمالى قيمة دعم السلع التموينية- قفزت خلال 7 سنوات من 10 مليارات جنيه فى عام 2010، انخفاضا من 15.2 مليار جنيها فى عام 2007/2008 بسبب انخفاض اسعار القمح عالميا، لتقفز إلى 45 مليار جنيه فى العام المالى الحالى، جانب من الزيادة يرجع إلى تحرير سعر الصرف، ولا سيما أن 60% من اجمالى الاستهلاك فى رغيف الخبز من القمح المستورد، إذ بلغ التوريد 3.4 مليون طن من القمح المحلى هذا العام من اجمالى الاستهلاك البالغ 9.7 مليون طن، وفقا لوزير التموين د. على مصيلحى دعم الخبز، ويستحوذ على ثلثى إجمالى قيمة الدعم الموجه للسلع التموينية، وفقا لبيانات مركز معلومات مجلس الوزراء. طوال السنوات الماضية لم ينتهِ الحديث عن الثغرات العديدة فى منظومة دعم الخبز، وتسرب نسبة لا يستهان بها من أموال الدعم فى جيوب مافيا بعض أصحاب المخابز أو المطاحن، أو حتى سوء استغلال المواطنين للخبز فى استخدامه علفاً للحيوان أو الدواجن، بسبب رخص سعره. ربط الحصول على الخبز المدعم من خلال الكروت، لم يقضِ على الفساد، هناك قضايا فساد عديدة تم ضبطها بسبب سوء استخدام كارت الخبز حيث يتركه المواطن لدى صاحب المخبز، وإذا أضفنا إلى ذلك الكارت الذهبى الذى يسمح لصاحب المخبز بصرف الخبز بما يصل إلى ألف رغيف للمواطنين الزائرين من محافظة أخرى! وكذلك الفساد من جانب مدخلى بيانات كروت الخبز وتدليسهم مع أصحاب المخابز؛ فهل كان التحول إلى الدعم النقدى هو الحل لمواجهة الفساد فى منظومة الدعم العينى؟. الرئيس عبدالفتاح السيسى رفض التحول إلى الدعم النقدى، وشدد على الاحتفاظ بسعر الرغيف عند 5 قروش، فالوقت غير مناسب فى ظل ارتفاع معدل التضخم للحديث عن التحول إلى الدعم النقدى لرغيف العيش، حيث سيؤدى إلى مزيد من ارتفاع الأسعار. من يعرف الدكتور على مصيلحى، وزير التموين والتجارة الداخلية، جيدا لا يعرف التسليم بالأمر الواقع، بل يسعى دائما إلى التطوير من أجل التحسين والجودة ومعالجة الثقوب والثغرات، وفى مقدمة الملفات التى يوليها جل اهتمامه تطوير منظومة الدعم وفى مقدمتها -بلا شك- دعم الخبز من أجل القضاء على الفساد والحفاظ على المال العام وحصول المواطن على حقوقه كاملة. من هنا جاءت المنظومة الجديدة التى ترتكز إلى دعم رغيف الخبز بدلا من توجيهه إلى المطاحن والمخابز، الرجل ظل فى مشاورات لمدة 3 أشهر متواصلة مع أصحاب المخابز والمطاحن من أجل مناقشة المنظومة الجديدة التى تتضمن إيداع تأمين 3 أشهر لكل مطحن بقيمة ما يحصل عليه من قمح لطحنه وتوريده للمخابز المتعاقدة معه، فى حساب هيئة السلع التموينية، وكذلك الحل بالنسبة للمخابز، وهو ما يعنى ان كل مطحن ومخبز سيحصل على ما يستخدمه من كميات القمح أو الدقيق وفقا لبيع رغيف الخبز، حيث يحصل صاحب المخبز على مستحقاته من الدعم بقيمة 180 جنيها عن كل شيكارة دقيق 100 كيلو، كما يحصل المطحن على مستحقاته فى ضوء الحجم الفعلى للدقيق المورد للمخابز المتعاقد معها وفقا لعدد أرغفة الخبز التى تم بيعها فعليا. المنظومة الجديدة ستحكم الأداء وتعالج أوجه الفساد وتهريب الدقيق وبيعه بالسوق السوداء من جانب بعض المخابز، كما ستقضى على تهريب القمح من جانب المطاحن، مع الحفاظ على أرباح كل منها، حيث يصل إجمالى إيرادات أصغر مطحن تصل طاقته 50 طنا يوميا على ما يقرب من 120 مليون جنيه سنويا، كما يحصل أصغر مخبز تصل طاقته الإنتاجية 10 شكاير دقيق على نحو 3500 جنيه يوميا، ولكن يظل الدور معقودا على وعى المواطن نفسه -فى مرحلة قادمة- فى الحفاظ على حقوقه وإغلاق ثغرات الفساد من خلال التأكد أن وزن الرغيف لا يقل عن100 جرام. 80 مليون مواطن يحصلون على الرغيف المدعم، متوسط نصيب الفرد 3 أرغفة يوميا، وهو السبب الذى اعتمد عليه وزير التموين بأن يكون هذا الرقم هو نصيب الفرد على كارت الخبز المدعوم بدلا من 4 مع زيادة قيمة نقاط الخبز من 10 جنيهات إلى 20 جنيها، ما يعنى عدم الاضرار بنصيب الفرد من الدعم، ولكن الحكمة وراء ذلك تحفيز المواطنين على التوفير وعدم إهدار وسوء استخدام الخبز المدعوم. بالتأكيد ان هذا الأمر لن يلقى قبولا أو يحظى برضاء أصحاب المصالح، وسيحاولون مقاومته بكل السبل، ولكن تحت بريق خادع، وهو القلق على مصالح المواطن البسيط وهو منهم برىء!.