عقب موافقة الحكومة على تعديلات قانون الكسب غير المشروع اصبح التصالح مع الجهاز حلما يراود الكثير من المتهمين فى قضايا المال العام والكسب غير المشروع قبل الإحالة للمحاكم وأثناء المحاكمة.. وتقضى التعديلات»، بأنه يحق للمتهم أو ورثته أو وكيل أى منهما الخاص فى مرحلة المحاكمة، طلب التصالح أمام المحكمة برد جميع ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع، وذلك فى أى صورة كان عليها، فضلا عن سداد مثل قيمته، وفى هذه الحالة تمنح المحكمة طالب التصالح آجلا مناسبا، لاتخاذ إجراءات التصالح، وتتخذ إدارة الكسب غير المشروع إجراءات التصالح، وتثبت ذلك فى محضر، يوقع من مديرها، ومقدم طلب التصالح، ويقدم المحضر للمحكمة، لإلحاقه بمحضر الجلسة، وتقضى المحكمة بإنقضاء الدعوى الجنائية، والتدابير التحفظية الناشئة عن أمر المنع. ومنحت التعديلات، للمتهم أو ورثته، أو وكيل أى منهما الخاص، بعد صدور حكم محكمة الجنايات المختصة، وقبل صيرورته باتا، أن يطلب التصالح أمام محكمة الطعن، أو إدارة الكسب غير المشروع فى حالة عدم الطعن عليه، وذلك برد ما تحصل عليه المتهم من كسب غير مشروع فى أى صورة كانت عليها، فضلا عن سداد مثلى قيمته، وفى جميع الأحوال يترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية، والتدابير التحفظية الناشئة عن أمر المنع. اما قانون ضمانات و حوافز الاستثمار فينص على انه اذا كان قد ارتكبت جريمة تدخل فى اطار جرائم العدوان على المال العام المنصوص عليها فى قانون العقوبات يجوز التصالح مع المستثمر فى تلك القضايا اذا كان وصف قيده فى القضية نص على قيامه بارتكاب جريمة العدوان على المال العام بصفته رجل اعمال و لا يمتد تطبيق التصالح على الموظفين العموميين .. كما ينص قانون السلطة القضائية بأن هناك تصالحا فى جرائم الجمارك وقوانين البنك المركزى المادة 133 فى قانون البنوك الصادر فى 2003 والضرائب على الدخل والضريبة العامة على المبيعات وضمانات وحوافز الاستثمار وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وحماية المستهلك، وتنقضى الدعوى الجنائية بالتصالح إذا تقدم المستثمر بمحضر صلح، وذلك إذا كانت الدعوى فى حوزة النيابة العامة، أما إذا كانت فى حوزة المحكمة فيتعين عليها قبل صدور الحكم ان تقضى بانقضاء الدعوى الجنائية للتصالح وإذا صدر حكم نهائى وغير بات وقدم للنيابة محضر صلح فيتعين قبول المحضر بشرط رد جميع الأموال والعقارات محل الجريمة بجانب الغرامات التى أقرتها المحكمة. وإذا كان الحكم باتا فلا يجوز التصالح ولكن يرجع تنفيذ الحكم إلى السلطة التقديرية للنائب العام بشرط تنفيذ الحكم بالكامل ويمكن للنائب العام وقف تنفيذ العقوبة بعد العرض على محكمة النقض. يقول د. شوقى السيد أستاذ القانون الدستورى أنه من ضمن المبادئ القانونية مبدأ التصالح فى الجرائم المالية والاقتصادية وفق التطور التشريعى الذى حدث فى القانون الجنائى الدولى للتوسعة فى دائرة التصالح من باب العدالة الجنائية لتوفير الجهد والمال والوقت وباعتبار أن العقاب والانتقام فكرة ولى عليها الزمن. يضيف: مبدأ التصالح فى حد ذاته مبدأ هام لكن يجب أن يبنى على قواعد موضوعية عادلة ولا تفصل على مقاس رموز نظام سابق أو حالى وذلك مقابل انقضاء الجرائم وان من يتصالح يجب أن يؤمن نفسه من أى شكوى كيدية أخرى قد تؤدى إلى فتح الملف مرة أخرى فلابد أن يكون التصالح على أسس وضمانات والتأكد من حسن النية من الدولة ولا تكون هناك مقايضات ومساومات ومصالح تحت أى غطاء. و يؤكد أنه يجب على المشرع المصرى توسيع دائرة التصالح فى الجرائم الاقتصادية، وقانون البنوك يتيح ذلك وفق مادته 131 والقانون الجنائى يتضمن جنحا وغرامات مالية فى هذا الشأن. ويجب التأكد بدلائل من وقوع جريمة الاستيلاء على المال العام بقصد لأنه يمكن أن يكون ذلك فى إطار خطأ ارتكبته الدولة فيما مضى والطرف الثانى المدان لا يعلم، وهل سيتم التصالح قبل التحقيقات أم بعدها أو عند الحكم والاستئناف، وهناك قضايا كثيرة متعلقة بالأراضى يمكن أن يتم دفع فارق الأسعار بالشكل المناسب. ترى د . جورجيت صبحى استاذ القانون التجارى أن من يتخوف من زيادة المماطلة فى السداد بعد التعديل سيكون مخطئا لأن البنك مثلا لن يقبل التصالح إلا وفق ظروفه وبالتالى لابد أن يثق البنك فى نفسه وانه فى علاقة شراكة مع المقترض وليس علاقة دائن ومدين . و هناك العديد من حالات التعثر ولديهم ضمانات ذهبوا للبنوك وطلبوا السداد لكن البنوك رفضت بعدما ارتعشت الايدى ورغم صدور قانون البنوك الذى يسمح بالتصالح لم تسدد المديونيات ووضح وجود تعسف فى استخدام السلطة فهل هناك معيار موضوعى للتصالح فى ظل خوف البنوك القلقة؟ ! ، الامر يتطلب مواجهة حازمة مع مكاتب التقييم التى تصدر تقييما غير حقيقى رغم أن البنك حر فى الأخذ بالتقييم أو رفضه لذلك لابد من أن يلحق بالبنك ادارة للتحرى وليس الاعتماد فقط على مكاتب التقييم . وكان المستشار إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب ومقرر اللجنة العليا للإصلاح التشريعى قد قال فى مؤتمر صحفى مؤخرا إن مشروع قانون الكسب غير المشروع الذى أعدته اللجنة ووافق عليه مجلس الوزراء يهدف إلى تحقيق استقلالية جهاز الكسب غير المشروع، واسترداد أموال الدولة وليس للتصالح مع الفاسدين، وهو الأمر الذى انتهجته وزارة العدل فى مشروع تعديل القانون الذى قدمته للجنة. جاءت تصريحات الهنيدى للتعقيب على ما تردد اعلاميا باعتراض جهاز الكسب غير المشروع على التعديلات التى أقرها مجلس الوزراء أخيراً على قانون الكسب غير المشروع، خاصة المادة 22 التى تمنح مجلس الوزراء سلطة التصالح مع المتهمين الخاضعين لقانون الكسب، وانقضاء الدعوى الجنائية بمجرد توقيع وثيقة التصالح واعتمادها من المجلس».