نتائج وتوصيات هامة صدرت عن مؤتمر مصر. طريق المستقبل الذى عقدته مؤسسة أخبار اليوم خلال الأسبوع الماضى بمشاركة واسعة من الوزراء والمسئولين ورجال الاعمال واساتذة الجامعات والاعلاميين على مدار ثلاثة أيام متواصلة وخلصت الى ضرورة الانتهاء من السياسات الإصلاحية المطلوبة قبل نهاية العام الحالى بما يهيئ الأجواء لضمان نجاح قمة مصر الاقتصادية المرتقبة فى فبراير المقبل وانشاء لجنة لمتابعة تنفيذ التوصيات برئاسة وزيرى التخطيط والاستثمار. عكست مشاركة الحكومة فى هذا المؤتمر اختلافا جذريا فى طريقة عمل الوزراء حيث لم ينتهزوا المؤتمر فرصة لعرض انجازاتهم مثلما كان يحدث فى السابق رغم الوجود الاعلامى المكثف ولكنهم قدموا رؤية واضحة لخطط الوزرات خلال الفترة القادمة كما أنهم شاركوا فى الجلسات المختلفة للمؤتمر مستمعين للمشكلات والاقتراحات المطروحة بصدر رحب ولم ينصرفوا مسرعين بعد إلقاء كلماتهم أمام الحضور مثلما يفعل الوزراء فى كل المؤتمرات بمن فيهم رئيس الوزراء الذى ترك الكلمة الأولى فى افتتاح المؤتمر للعالم المصرى أحمد زويل ثم قدم كلمته بعده وانتظر حتى انتهاء الجلسة الافتتاحية كاملة ثم انصرف، مطالبا بعرض نتائج المؤتمر عليه مؤكدا جدية الحكومة على النهوض اقتصاديا واستغلال كل الامكانيات المتاحة للانطلاقة القادمة. وأرجع ياسر رزق رئيس مجلس ادارة مؤسسة الأخبار نجاح المؤتمر الى دعم الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أكد أنه سيتابع المؤتمر بنفسه وسترفع إليه نتائجه وتوصياته. ويبدو أن كلمة الاصلاح الاقتصادى وما لها من صدى سيئ السمعة ارتبط بتصريحات الوزراء خلال فترة حكم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك مما جعل المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء يؤكد فى بداية حديثه ان الاصلاح الاقتصادى الذى تستهدفه الحكومة الحالية يختلف عما سبق، موضحا اننا نستهدف تحقيق معدلات نمو 7 و 8% مثلما كنا قبل ثورة 25 يناير ولكن بتطبيق نظام تنموى تشعر به كل فئات المجتمع ويختلف عما سبق مؤكدا ان معدلات النمو قبل الثورة كانت تفتقد الى العدالة الاجتماعية مما اوجد تناقضا بين ارتفاع معدلات النمو وفى الوقت نفسه ارتفاع عدد الفقراء وتزايد البطالة وتراجع الخدمات وتدهور مستوى المعيشة. ومن جانبه استغل منير فخرى عبدالنور وزير التجارة والصناعة المؤتمر لزيادة شعبيته بين رجال الاعمال فقام بتسجيل كل مطالب المستثمرين لتحسين مناخ الاستثمار ومناقشتها مقدما اليهم العديد من الوعود والامال خلال الفترة القادمة وأهمها أن تكون هيئة التنمية الصناعية هى الجهة الوحيدة التى سيتعامل معها المستثمر لتكون مسئولة عن منح تراخيص الاراضى وتسعيرها، قائلا لن يعذب مستثمر بعد اليوم بسبب الاراضى او القرارات العشوائية وجاء ذلك الوعد بعد كثرة شكاوى رجال الاعمال خلال المؤتمر من صعوبة الحصول على الاراضى الصناعية وكان منهم رجل الاعمال محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات الذى أعلن صراحة فى كلمته خلال الجلسة العامة للمؤتمر ان نزاع الهيئات الحكومية على تقديم الخدمات الصناعية والتجارية هو سبب هروب المستثمرين، مطالبا بخروج الدولة تماما من هذا المجال وان يقتصر دورها فقط على التشريع ومنح القطاع الخاص الفرصة للعمل فى مجال خدمات المستثمرين وشاركه فى الشكوى ايضا محمد فريد خميس رئيس اتحاد جعيات المستثمرين الذى قال فى كلمته: ان صعوبات الاستثمار فى مصر هى التى دفعته لفتح 10 مصانع جديدة خارج مصر من امريكا الى الصين هروبا من الاجراءات الحكومية، هذا بالاضافة الى الشكاوى التى انهالت على الوزير أثناء ادارته لجلسة التنمية الصناعية فى مصر التى حضرها أكثر من 15 من كبار رجال الاعمال فى مصر. كما قدم منير فخرى عبدالنور وعودا أخرى باصدار قانون الضريبة المضافة قريبا وانشاء مجمع للصناعات الصغيرة والمتوسطة بكل مدينة صناعية. كما انضم عبدالنور الى الصناع المصريين فى الشكوى من المنافسة غير الشريفة وغير العادلة مع الصين دون تقديم حل يذكر فى هذه المشكلة رغم أنه أكد أن جميع فواتير المنتجات القادمة من الصين وشهادات الجودة الخاصة بها مضروبة. وأكد الدكتور نادر رياض رئيس اتحاد منظمات الاعمال المصرية الاوروبية ومدير جلسة التنمية الصناعية فى المؤتمر ضرورة استكمال عناصر القدرة التنافسية للصناعات المصرية فى الأسواق المحلية والعالمية فى أسرع وقت، لتستأنف مسيرتها الاقتصادية الواعدة التى اهتزت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، محذرًا من تراجع القدرة التنافسية للصناعات المصرية، لما لذلك من نتائج وخيمة من إحلال بضائع مستوردة بديلاً عن المنتجات المصرية، مما يفقدها القدرة التنافسية عالميا، بالإضافة إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية محليًا، وتراجع حصيلة الصادرات من العملة الصعبة، مما يعرض الجنيه المصرى لهزات لا طاقة له بها، وهو الأمر الذى يجب أن تضعه الدولة ضمن أولوياتها الإستراتيجية، ألا وهو توفير الأدوات اللازمة لاستكمال تلك القدرة التنافسية دون إبطاء أو تباطؤ. وأضاف أن القطاع الصناعى يضع ضمن أولوياته عدداً من الإجراءات الضرورية للانتقال من واقع الحال لتحقيق نهضة صناعية مأمولة، وطالب الحكومة بعدة إجراءات لخصها فى الإسراع بالإعلان عن خطة خمسية Master plan للتوجهات الاقتصادية تتضمن ترتيبًا للأولويات حسب أوزانها وأهميتها، وهو ما يعطى قوة دافعة للصناعات المصرية والقوى الاقتصادية المختلفة فى المشاركة فى الخطة الخمسية والحرص على استكمال عناصر القدرة التنافسية للصناعات المصرية والتشجيع على التوجه التصديرى الذى يعبر عن مقدار التنافسية الفعلى على المستوى الدولى والتوسع فى برنامج دعم الصادرات. وإعادة النظر فى فرض أى رسوم أو ضرائب جديدة لحين تعافى الاقتصاد المصرى وعودته لأداء ما قبل الأزمة مع إحكام الرقابة فى مواجهة السلع المهربة، لما فى ذلك من إهدار لرسوم سيادية تخص الخزانة العامة ومنافسة غير مشروعة للصناعة الوطنية، إذ يبلغ حجم التهريب فى قطاع المنسوجات فقط ما يزيد على 40% من حجم السوق، والاهتمام بالتدريب والتأهيل الفنى بمستوياته الأفقية والرأسية، بما يتيح للعامل القدرة على الترقى المستمر، وكذا إتاحة إمكانية إعادة التأهيل على تخصصات جديدة يحتاجها المجتمع الصناعى وإيجاد آلية تمويلية للصناعات ذات الميزة التفضيلية، مثال ذلك الصناعات الإستراتيجية والصناعات الكثيفة العمالة. وأخيرا توفير الأراضى الصناعية والطاقة اللازمة لها والتوسع فى إقامة المناطق والمدن الصناعية، لتستوعب الانطلاقة الصناعية المنشودة لاستيعاب الأيدى العاملة والمتاحة بكثرة فى سوقها. وطالب الفريق عبدالعزيز سيف الدين، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، بضرورة أن تدعم الحكومة قطاع الصناعات فى مصر محليًا وإقليميًا ودولياً، وأشار إلى ضرورة العمل على تكامل الصناعات بتنمية سياسة التصنيع لدى الغير بديلاً لاستيراد المكونات التى يمكن إنتاجها محليًا، وكذا العمل على زيادة المكون المحلى فى المنتج المصرى. وتناول الدكتور رءوف غبور، رئيس مجموعة شركات غبور للسيارات، الآثار السلبية لاتفاقيات التجارة الحرة على الصناعة المصرية، قائلا: إن آثارها غير متكافئة على الصناعة المصرية استيرادًا وتصديرًا إذ لم يعد من المقبول أن تكون الرسوم الجمركية على مكونات الإنتاج ومستلزماته أعلى من الرسوم الجمركية على المنتج الكامل، لأن فى ذلك تعويقاً للتوسع الصناعى الإنتاجى فى مصر، كما أن تطبيق ضريبة المبيعات على الأصول الرأسمالية من آلات ومعدات رغم السماح باسترداد قيمتها خصمًا من ضريبة المبيعات على المنتج الكامل - فيه إجحاف للصانع المصرى لما فى ذلك من تجميد لجانب رأسمال العامل الذى نفترض فيه تعددية الدوران فى العام الواحد، وقد تصل إلى خمس مرات فى حالة الصناعات الناهضة. أما حسام فريد رئيس جمعية شباب الأعمال فكان له نصيب أن تكون له الكلمة فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أمام رئيس الوزراء وهو ما استغله لزيادة شعبيته بين أعضاء الجمعية حيث طالب فى كلمته كل أعضاء الجمعية الموجودين بقاعة المؤتمر بالوقوف لتحية الجمهور وليتعرف عليهم الجميع. وعلى صعيد آخر لم يخجل المهندس هانى ضاحى وزير النقل من انتقاد نفسه وانتقاد وزارته باستعراض المشكلات الحالية والحلول التى سيتم تطبيقها مما أعطى بارقة أمل للحضور بأن هناك تغييرا قادما فى قطاع النقل واللوجستيات عملا بمبدأ ان التشخيص أهم من العلاج. وقال ضاحى إن قطاع النقل البحرى بمزاياه التنافسية يجب أن يكون أكبر ممول لموازنة الدولة، ولكنه يعانى من العشوائية وسوء التخطيط، وسوء الإدارة، والفساد، وانعدام الكفاءة الاقتصادية. وشدد ضاحى على أن حجم البضائع المتداولة لا يتناسب مطلقا مع الممكن تحقيقه، موضحاً أن الأسطول الوطنى شبه منعدم، ولا يوجد نقل متعدد الوسائط، والخدمات اللوجستية ضعيفة ولا توجد صناعات قيمة مضافة ولا يوجد ميناء محورى مزدوج والخدمات الملاحية عشوائية وضعيفة، ولا يوجد مخطط استراتيجى للنقل البحرى. وعن الطرق أوضح أن مصر أصبحت من أسوأ دول العالم فى سجل الأمان على الطرق، مضيفا أن الدولة عاجزة وبلا إستراتيجية للحد من حوادث الطرق، مشيرا إلى وضع وزارة النقل ممثلة فى الهيئة العامة للطرق والكبارى والنقل البرى استراتيجية للحد من حوادث الطرق تعتمد على تحقيق جميع وسائل الأمان والسلامة لمستخدمى شبكة الطرق والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة وعناصر الأمان الإيجابي. وأكد ضاحى على تدهور أوضاع مرفق السكة الحديد فى كل قطاعاته وانه يعيش على دعم الدولة والقروض التى تزيد من الديون المتراكمة وتزيد من قيمة الفوائد المحلية والخارجية وأعباء خدمة الدين مما أدى إلى تآكل حقوق الملكية وارتفاع تكلفة الإصلاح. وكان من ضمن الحضور الشيخ صالح كامل رجل الاعمال السعودى الذى لاقى ترحيبا كبيرا من الضيوف وكانت كلمته من اكثر الكلمات التى صفق فيها الحضور للمتحدث لما تكلم به من حب عن مصر، مشيرا الى انه قدم 15 مقترحا للحكومة للنهوض بالاقتصاد المصرى كما انه انتقد العالم العربى الذى لا يعرف الى اى مدرسة اقتصادية ينتمى حتى الان مطالبا بضرورة اتباع المنهج الالهى فى الاقتصاد الذى يقوم على اعمار الارض والعمل. وقد شهدت بعض الجلسات العامة تفاعلات بين الجميع لتحتوى على مناقشات ومشادات وانتقادات وغيرها بدأت بين الدكتور حسن فهمى رئيس هيئة الاستثمار والدكتور هانى سرى الدين الخبير المالى والقانونى حيث شرط سرى الدين على الدكتور حسن فهمى وهو يدعوه للادلاء بكلمته على المنصة بألا تزيد كلمته على 10 دقائق فقط فرد حسن فهمى عليه فى الميكروفون طبعا لو كنت وزيرا او رجل اعمال لن يطبق هذا الشرط. وبعد انتهاء كلمات الحضور فتح الدكتور هانى سرى الدين الباب للاجابة عن أسئلة الجمهور إلا أنه فوجئ ببعض الانتقادات من الجمهور بدأت بأن أحد الأشخاص قال فى الميكروفون انه لواء متقاعد وانه منذ 50 سنة حضر مؤتمرا اقتصاديا يحمل نفس الاسم واستمع الى نفس الكلام الذى يقال الآن ولكنه لم ينفذ. كما قال شخص آخر فى الميكروفون ان اكبر دليل على المشكلات التى نواجهها بسبب عدم الانضباط هو بدء الجلسة متأخرين عن الميعاد المفروض. بينما وجه أحد اساتذة الجامعات من الجمهور انتقادا بالغا لرجال الاعمال الحاضرين فى الجلسة وكان منهم محمد فريد خميس ومحمد أبوالعينين والسويدى وحسام فريد ومنى ذو الفقار واحمد هيكل وقال لهم المفروض ان يناقش هذا المؤتمر سياسات مصر الاقتصادية فلا تحولوه الى فرصة لعرض مشكلاتكم امام الحكومة ويكفى ما صنعتموه من ثروات على حساب المصريين.