حقق «بيزنس» ورش تعليم الفنون التشكيلية ذاته، مدعوما بقناعات التوسع فيه من جانب جهات رسمية وغير رسمية واستثمارات فى شكل تمويل ذاتى. وتعد ورش تعليم الفنون التشكيلية والتطبيقية التى انتشرت فى السنوات القليلة الماضية فى بعض أحياء القاهرة الراقية وبعض الدول العربية نموذجا لمشروعات القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة التى يقبل على إقامتها فنانون او فنانات ينتمون للطبقة الوسطى وتستهدف نوعية من الزبائن أو الأسر الميسورة الحال. تقر الفنانة التشكيلية هدى كمال صاحبة أقدم الورش الفنية التعليمية بالمعادى التى بدأت منذ 1999 بأن المشروع يدر ذهبا بشروط لابد من تحقيقها اولا فقبل مرحلة الارباح لابد من ضخ استثمارات لا تقل عن 100 ألف جنيه لتجهيز مكان ملائم وفسيح بالديكورات والإمكانات المطلوبة، عن شراء الألوان والخامات من خشب وقماش وأدوات للرسم والحفر ومعدات أخرى. وتؤكد هدى انه بجانب الاستثمارات لتجهيز المكان، هناك أيضا إيجار المكان الذى لا يقل عن 20 الف جنيه شهريا فى المناطق الراقية التى تتميز بالهدوء والأمان. غير تعاقدات العمال والموظفين الأساسيين الذين تختلف أعدادهم حسب عدد الدارسين بالإضافة إلى المدرسين حيث يعمل بعضهم بكليات الفنون الجميلة والتطبيقية. الأجر بالساعة تؤكد أنه لا بد لصاحب المشروع ان يكون موجودا بصورة مستمرة وأن يعمل مع فريقه بروح مرحة لا تهدف إلى الكسب فقط، فيما يتعلق بطاقم التدريس فيتم التعاقد معهم بحيث يحصلون على نسبة من ثمن الحصة أو الدورة التى قد تتراوح بين 60% و70٪ من القيمة فى بعض الأحوال حسب كفاءة المدرس ومؤهلاته، فهناك اكاديميون فى كليات الفنون الجميلة أو الفنون التطبيقية أو قد يوجد فنان حر وهناك فنانون يتقاضون اجورهم بالساعة، المهم ألا يزيد عدد الطلاب لكل مدرس على 6 أشخاص. تشير الى أن هناك ورشا متعددة فى مختلف محافظات مصر وهى ورش أقامتها الدولة مثل الورش الفنية للمرأة المصرية فى العريش وهى ورشة حلى وخرز وجلود وتعقد فى مركز شباب العريش، بيت ثقافة الاسكندرية الذى ينظم عددا من الورش ويتولى فيه عدد من المتخصصين من الفنانين التدريب. ورش بمكتبة مصر العامة بدمنهور وفرع ثقافة المحلة وفرع ثقافة الإسكندرية وورش كثيرة تقام فى القاهرة فى اماكن مثل ساقية الصاوى والأوبرا وغيرهما هذا بالإضافة إلى القطاع الخاص من ورش يقيمها كبار الفنانين أو بعض سيدات الأعمال الفنانات وهن فى أغلب الأحيان يمتلكن مكان إقامة المشروع والموهبة الفنية والرغبة فى التفرغ لها. والفرق بين الورش الخاصة والعامة هو عدد المتدربين ومكان إقامة الورشة والتجهيزات والخامات المستخدمة ومدى توافرها وجودتها، وتعلق أن ورش القطاع الخاص أغلى كثيرا ويقبل عليها عدد محدود . عن الأنشطة التى تقدمها فى ورشتها تقول إنها تقدم برامج ودورات للأطفال، كما تقدم دورات تعليمية لجميع الأعمار وتقدم جميع ألوان وأنواع الفنون التشكيلية والتطبيقية من رسم ونحت وديكوباج وحلى وتصوير فوتوغرافى وتصميم للأزياء والتفصيل والأشغال اليدوية والتريكو والكروشيه، باستخدام جميع الوسائط وجميع أنواع الألوان والأدوات من زيت وأكليريك وأكواريل ورصاص وفحم وألوان مائية أو باستيل، كما أنها تدرس جميع المدارس الفنية بدءا من المدرسة الكلاسيكية حتى السريالية والتكعيبية. والهدف من الورش كما تؤكد هو تعليم الأطفال هذه الفنون بغرض إطلاق ملكاتهم ومساعدتهم على اكتشاف مواهبهم، وهناك دورات للكبار وأخرى لموظفى الشركات التى تتعاقد مع الورشة لتأهيل موظفيها للعمل بروح الفريق ولتنمية مهارات التواصل بين الموظف وزملائه وأيضا مع العملاء وكذلك لقضاء وقت ممتع للتخفيف من ضغوط العمل من الشركات التى تعاقدت معها: شنايدر، كادبرى، جهينة، موبينيل. ورش القطاع الخاص تشير إلى انتشار ورش القطاع الخاص فى القاهرة فى أحياء: الزمالك، مصر الجديدة، المعادى، المهندسين وهى ورش تعليمية أيضا وذات مستوى جيد وتلاحظ أن الدارسين يقبلون على الورش القريبة من أماكن إقامتهم او من اعمالهم. وعن تجربتها تقول إن مشروعها قد بدأته خطوة خطوة حيث بدأت فى تعليم ابنتها وصديقات ابنتها بنفسها الرسم والتلوين وتؤكد انها قد قدمت الكثير من الدروس كمجاملة ولم يكن هدفها الربح فى البداية، وبدأ الأطفال فى سن ابنتها التوافد على البيت والاشتراك فى الأنشطة الفنية ولكن ما لبثت ان ذاعت شهرتها فى المنطقة حتى انها بدأت تستأجر »بدروم« وحديقة ملحقة. تؤكد ان هناك طالبتين قد استمرتا فى الدراسة معها لمدة تزيد على ست سنوات أظهرتا براعة وموهبة وقدرة على التواصل فخصصت لهما دورات بأسمائهما وهى بالفعل دورات ناجحة ولها مريدوها. تقول الفنانة التشكيلية نيفين الخولى إنها كانت تعمل فى أحد البنوك الاستثمارية الكبرى وبعد سنوات من العمل الشاق الذى لا يتفق أساسا مع ميولها أو مع موهبتها فى الرسم قررت الاستقالة وبدأت الاهتمام بتنمية مهارتها الفنية وبالفعل انتظمت فى الدروس سنوات عديدة حتى استطاعت عمل معرض فنى منفرد فى أحد النوادى العريقة بالقاهرة، ثم معرض آخر منفرد فى العام التالى، وما لبثت أن توالت المعارض المشتركة فى النوادى الكبرى كما اشتركت فى معرض لمجموعة من الفنانين فى إحدى الورش الفنية المعروفة وبعد هذه المعارض عرفها بعض عشاق الفن التشكيلى وهى الآن تقوم برسم البورتريه وبعض اللوحات حسب الطلب وتتقاضى أجرا. يقول أحد الأساتذة والفنانين بكلية الفنون التطبيقية إن الدارسين فى هذه الورش يتميزون عن طلبة الجامعات بأنهم يرسمون من أجل الفن والهدف ليس هو النجاح الدراسى أو الحصول على الدرجة وإنما إنتاج عمل فنى متميز، وعن دخله من هذه الورش يقول إنه دخل يغطى الانفاق على شراء الأدوات والألوان التى يحتاجها ليرسم لوحاته ويعرضها فى أحد المعارض المعروفة. ويشير إلى أن نشاط الورش يزدهر أثناء فترات الاستقرار الأمنى والانتعاش الاقتصادى ولذلك فهو يرصد خسائر جمة لبعض هذه الورش خاصة مع المشاكل الاقتصادية التى تعانيها مصر حاليا وانخفاض حركة السياحة. ويقول صلاح محمد فنان يدرس فى إحدى الورش بالزمالك التى يديرها أحد كبار الفنانين التشكيليين إنه يهوى التلوين ويرى أن اللوحات ذات المساحات اللونية المتباينة تستميله وتعبر عما بداخله. يرصد توافد العديد من السيدات على الورشة، فهناك موظفة على المعاش تبوأت مركزا رفيعا فى أحد البنوك الهامة تأتى لتدرب وهى بالفعل فنانة ويشير إلى توافد بعض الأشخاص من ذوى الاحتياجات الخاصة ويؤكد أن لهم لوحات جميلة ولها طابع مختلف وقد أقامت فنانة منهم معرضا لاقى نجاحا لتميز أعمالها مما يؤكد القدرة على الإبداع أو على الإنتاج. وتقول ندى الصدى - وهى أم وربة منزل وتقوم حاليا بالترجمة - إنها داومت على تلقى دروس الرسم منذ سنوات عديدة وترددت على الكثير من الورش الفنية ومنها كلية الفنون الجميلة بالقسم الحر واستفادت حتى انها قد قامت برسم جميع اللوحات التى تعلقها على جدران منزلها. تقول أمانى محمود وهى فنانة تشكيلية إنها تدرس الرسم وتحبه وتفرغت له بعد استقالتها من عملها ودخول أبنائها الجامعة وهدفها أن ترتقى بفنها وأن تكون معروفة كفنانة تشكيلية، وتؤكد أنها اشتركت فى معرضين من قبل ولكنها لم تستطع بيع لوحاتها فالذوق العام فى مصر يقبل على اللوحات المطبوعة أكثر من تلك التى يرسمها الفنان، فيما اتجهت د. نادية إلى الفن بعد غلق عيادتها، وبشهادة الجميع من مرتادى الورشة فإنها تمتلك الموهبة والمقدرة وغزارة الانتاج، وقد استطاعت إقامة العديد من المعارض ولوحاتها لاقت طلبا على شرائها. تقول د. علا نور الدين الأستاذة بأكاديمية السادات إن هذه المشاريع عادة تندرج تحت اسم المشروعات الصغيرة أو المتوسطة ويكون الفيصل فى هذه التعريفات عادة عدد العمال والموظفين العاملين بالمشروع، ترى أن الفكرة ناجحة ولكنها منفذة على نطاق ضيق اقتصر على الطبقات الميسورة بينما كان لا بد من تعميمها على الطبقات الفقيرة بحيث يصبح كل بيت به فرد لا يعمل ورشة منتجة لأعمال فنية ويدوية راقية. تلفت إلى عدم توافر معلومات كافية أو احصاءات عن مثل هذه المشروعات لتدرسها الدولة وتحتضن فكرتها فتنشئ فى كل حى وفى كل شارع فصلا او ورشة بهدف تعليم وتوجيه ذوى الموهبة، ويمكن للدولة أن تستفيد من الاتفاقات التجارية بينها وبين الدول الأخرى لتسويق هذه المنتجات كذلك يمكن فتح أسواق جديدة لم تصل إليها منتجاتها التقليدية، فهناك فى جميع الدول من يرغب فى شراء الأعمال الفنية او كما قد يطلق عليها البعض السلع الترفيهية.