هاآرتس: نتانياهو رفع الراية البيضاء للحريديم حفاظًا على حكومته الحالية ومساره السياسى - يديعوت أحرونوت: نتانياهو خضع للحريديم مجددًا
على خلفية السماح بالعمل أثناء عطلة السبت اليهودية، وتعنت أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية الحالية، دبَّت خلافات قوية بين العلمانيين والمتدينين ( الحريديم ) في الكيان الصهيوني، لرفض اليهود المتشددين مواصلة أعمال الصيانة على أحد خطوط القطارات في يوم العطلة، لتندلع الأزمة المشتعلة بين الطرفين في الداخل الإسرائيلي، مجددًا، وتبرز حالة من الجدل الواسع في التجمع الصهيوني جراء نشوب أزمة ربما لم تشهدها إسرائيل من قبل (أزمة أو فوضى المواصلات)! البداية، كانت مع وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس (عضو كنيست عن حزب الليكود الحاكم)، الذي أصرَّ على العمل يوم السبت (العطلة الأسبوعية لليهود)، بدعوى أن ما يقوم به من صيانة لخط القطارات من تل أبيب إلى حيفا وهو خط القطارات الرئيسي في إسرائيل يهدف إلى الحفاظ على حياة اليهود ككل، وهي فتوى تبيح لليهود العمل يوم إجازتهم الأسبوعية المقدسة، السبت من كل أسبوع؛ بيد أن اليهود المتشددين (الحريديم) ومعهم كل الأحزاب اليهودية المشاركة في الائتلاف الحكومي الحالي رفضوا القيام بأي عمل أثناء تلك العطلة، ما حدا بهم إلى التهديد بالخروج من التشكيلة الحكومية، كونهم يمثلون نسبة كبيرة في تلك الحكومة تهدد بدورها بالإطاحة بنتانياهو وحكومته ككل، حيث يمثلون 13 مقعدًا من أصل 67 مقعدًا (الكنيست الإسرائيلي 120 مقعدًا)، وهما حزبا شاس ويهوديت هتوراه، ضمن الائتلاف الإسرائيلي الحالي! يشار إلى أن حركة القطارات في إسرائيل تتوقف، تمامًا، أثناء عطلة السبت، من مساء الجمعة وحتى مساء السبت، لكن الأسبوع الماضي امتدت لمساء الأحد، لتتسبب في فوضى عارمة في طرق المواصلات، نتيجة لتعطل مصالح مئات الآلاف من الإسرائيليين الذين لم يعلموا بمد فترة توقف القطارات لمساء الأحد، ليتظاهر المئات من المواطنين مساء السبت ضد توقف الحركة العامة في البلاد وضد سياسات نتانياهو نفسه، في وقت تعد تلك المشكلة نموذجًا حيًا للخلافات الدائمة بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل، وغالبًا ما ينتصر الطرف الحريدي لما يمثله من تكتل حكومي ولما بيديه من أوراق ضغط متعددة، ما حدا بنتانياهو إلى الرضوخ لمطالب اليهود المتشددين. ويبدو أن بعض وزراء حكومة نتانياهو تعمد إشعال الفتنة بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل، بهدف زعزعة حكومته، وتصويرها بالضعف والوهن أمام مطالب الحريديم المتعددة، والتي لم تنته بعد، حيث وجه رئيس الوزراء الاتهامات لوزير مواصلاته، يسرائيل كاتس، بالتسبب في افتعال تلك الأزمة بالفعل، وبدا من سطور الموقع الإلكتروني العبري “واللا “ أنه كانت هناك خيارات متعددة أمام نتانياهو، منها إقالة كاتس على خلفية تلك الأزمة! وهي المشكلة التي رأت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن نتانياهو خضع للحريديم في بلاده، وقرر إيقاف العمل في محطات القطار خلال عطلة السبت، التي تسببت في فوضى عارمة في حركة المواصلات داخل الكيان الصهيوني، وعرقلة وصول عمال ومدنيين وجنود إلى مقار أعمالهم ودراستهم وثكناتهم العسكرية، ما حدا بالجيش الإسرائيلي إلى نقل ضباطه وجنوده عبر حافلات “ أتوبيسات “، دون الانتظار لانتظام حركة القطارات، وهو ما أكدته القناة السابعة العبرية على موقعها الإلكتروني، في الوقت الذي رسمت صحيفة “يديعوت أحرونوت” خطوط المواصلات البديلة، وبيَّنت بوضوح مسار الخلافات التي جرت بين الحريديم ونتانياهو خلال الساعات التي سبقت خضوع رئيس الوزراء لليهود المتشددين! وسمحت فوضى المواصلات في إسرائيل بظهور تباينات جمة بين المواطنين، ما بين مؤيد ومعارض لسياسات نتانياهو من جانب، ومدى تعاطيه مع الجانب الحريدي من جانب آخر، خصوصا مع تناقل وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية صورا مختلفة لمدى تعطل المواطنين عن مصالحهم، وزحامهم أثناء صعودهم للحافلات التي سيَّرتها شركات خاصة لمواجهة تلك الفوضى! ناهيك عن نشر بعض تلك الوسائل أخبار موافقة رئيس الوزراء، في البدء، الأسبوع الماضي، على الاستمرار في العمل كالمعتاد أيام السبت، في حين كتبت الوسائل الإعلامية الأخرى أن كاتس لم يخبر نتانياهو بالعمل يوم العطلة الأسبوعية، ما سببَّ له الحرج أمام اليهود المتشددين، ليعود ويخضع لهم بعد تهديدهم بالانسحاب من حكومته! من جانبها، رأت صحيفة “هاآرتس” العبرية أن سبب الفوضى العارمة في حركة المواصلات ليس الخلافات بين العلمانيين والمتدينين في الداخل الإسرائيلي فحسب، وإنما مشكلة داخلية لحزب الليكود، حيث ينتمي كل من نتانياهو وكاتس، والأخير أراد استدراج رئيس الوزراء لافتعال أزمة سياسية تشل الحياة العامة في إسرائيل، بغرض ضرب شعبية نتانياهو، سبقتها محاولة إقالة المستشار القضائي لسكرتارية الحزب، بحكم قربه من “ بيبي “، لكنه سارع بالتراجع بعد تهديد نتانياهو له، مجددًا؛ في وقت كتب المحلل السياسي للصحيفة، يوسي فيرتر، أن مئات الآلاف من المواطنين عانوا حالة الفوضى التي سادت تلك الحياة، ليدفعوا ثمن خضوع رئيس الوزراء للحريديم في بلاده، ويظهر نتانياهو في شكل الخاضع لأوامر اليهود المتشددين دينيًا، فضلاً عن وصفه بالمحافظ على حكومته على حساب المصالح العامة للمواطنين العاديين! لذلك كان من البديهي خروج المعارضة الإسرائيلية بتصريحات نارية ضد نتانياهو وحكومته الحالية، حيث نقلت صحيفة “هاآرتس” عن رئيس كتلة حزب ميرتس اليساري هكذا يصف الحزب نفسه أن رفع نتانياهو للراية البيضاء أمام الحريديم إثر أزمة حركة القطارات هي فضيحة بمعنى الكلمة، ويجب الاعتراف بها، في وقت قال ميراف ميخالي عضو كنيست عن حزب المعسكر الصهيوني إن نتانياهو استخف بمئات الآلاف من المواطنين والجنود الإسرائيليين جراء خضوعه لليهود المتشددين ليحافظ على ائتلافه الحاكم، فيما قالت شيلي يحيموفيتش عن الحزب نفسه، إنه لا يمكن أن تكون الصراعات الداخلية للحزب الحاكم على حساب المواطنين العاديين، وقال عوفر شيلح عضو الكنيست عن حزب “يش عتيد” إنه من المستحيل تجاهل استسلام بيبي للحريديم، ولا يمكن أن يمر مرور الكرام! ويبدو أن المشكلة الداخلية لحزب الليكود قد عادت بآثارها السلبية على الكيان الصهيوني ككل، خصوصًا أن فوضى المواصلات العامة قد أبرزت خلافات الحزب السرية إلى العلن، وهو ما يعني ضعف هيكلة الحزب الداخلية والمهترئة، كما أن خلافات أي حزب خاصة لو كان حزبًا رئيسيًا مثل الليكود تكون مثار حديث المواطنين العاديين، ما يمهد لضعف الحكومة ككل، كون حزب الليكود هو الحزب الحاكم، فالواضح أن كاتس قد عمد إلى إجراء تغييرات جوهرية في هيكلة الحزب الداخلية، وسمح له ذلك انشغال نتانياهو بسدَّة الحكم في تل أبيب، ما اعتبره “بيبي” مساسًا به بشكل شخصي، وتقليصًا لصلاحياته، في وقت أبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية، المنشورة باللغة العبرية، جلسة الحكومة الأسبوعية الأحد الماضي، ونشرت ما خرج عنها، خصوصا توبيخ نتانياهو لوزير مواصلاته كاتس، وقوله إنه لن يسمح لأي أحد بعمل انقلاب عليه في الحكومة، كما أن تعيين الوزراء يأتي لحل الأزمات وليس لافتعالها، وهو ما أفردته صحيفة “ يسرائيل هايوم “ العبرية، من كون كاتس في محل شك من نتانياهو، وعليه تصحيح الأوضاع، حيث أشارت إليهما بصورة جمعتهما معًا أثناء الجلسة الأسبوعية للحكومة، في حالة من تصفية الحسابات، على ما يبدو من سطور الصحيفة الإسرائيلية. ومن الواضح أن تصفية الحسابات الداخلية لحزب الليكود عادت بالسلب على المواطن الإسرائيلي العادي الذي عاني ليومين فوضى المواصلات العامة، ليثير الحفيظة على حكومة نتانياهو، التي ستشهد حالة من الارتباك على المدى القريب، ومن الممكن أن تؤثر تلك الأزمة على مستقبل نتانياهو وحكومته!