إخوان الأردن يتحالفون مع الشيطان للسيطرة على البرلمان
إلغاء نظام الصوت الواحد سمح للجماعة باختراق جميع القوائم
لم تكن مقولة "ربحنا مصر وسنربح الأردن" التى قالها القيادى الإخوانى بالأردن حمزة منصور، عضو التنظيم الدولي، عقب وصول الجماعة إلى الحكم فى مصر، سوى تعبير عن حلم يسعى إخوان الأردن إلى تحقيقه، من خلال صناديق الانتخابات النيابية التى جرت الثلاثاء الماضي، عبر قائمة كتلة الإصلاح الوطني، التى واصلت من خلالها الجماعة رحلتها فى التحالف مع الشيطان للوصول إلى الغاية السياسية المنشودة. وتعد هذه الانتخابات مفصلية فى حياة الجماعة، واختبارًا حقيقيًا لشعبيتها فى الشارع الأردني، وربما منحتها قبلة الحياة فى الشارع السياسي، بعد مقاطعتها للحياة السياسية النيابية لمدة 9 سنوات، على مدار 3 دورات نيابية متتالية، بسبب نظام الصوت الواحد فى القانون القديم، قبل التعديلات التى أدخلت عليه الآن، بالإضافة إلى ما وصفته الجماعة بالتزوير المتعمد للانتخابات، الذى اعترف به مسئولون حكوميون، وأدى بالتبعية إلى خلق أزمة ثقة بين النظام والشعب فيما يخص العملية الانتخابية برمتها، الأمر الذى دعا الحكومة الأردنية إلى فتح صفحة جديدة فيما يخص نزاهة الانتخابات، وجعل الانتخابات بنظام القائمة، التى يسمح للناخب باختيار مرشح أو أكثر داخل القائمة النسبية المفتوحة. كما ترجع أهمية هذه الانتخابات بالنسبة لجماعة الإخوان فى الأردن إلى أنها ستحدد مصير ومستقبل العلاقة مع الدولة، لا سيما بعد غلق عدد من مقرات حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وعدد من مقرات الجماعة، وتشميعها بالشمع الأحمر، لمخالفتها القانون الأردنى الذى يمنع قيام أحزاب على أساس ديني، وبسبب تبعيتها للجماعة الأم فى مصر، التى تصنف على أنها جماعة إرهابية، مع رفض الجماعة فى الأردن التقدم بأوراق جديدة للحصول على ترخيص وفق قانون الأحزاب والجمعيات الذى تم إقراره عام 2014م.
بناء شرعية جديدة وبسبب عدم قانونية الأوضاع الخاصة بالحزب والجماعة، سعى الإخوان للمشاركة بقوة فى هذه الانتخابات، لإعادة بناء شرعية جديدة عبر البرلمان، وساعدهم على ذلك نظام القوائم الانتخابية، الذى لا يمكن تطبيقه إلا فى ظل وجود حياة حزبية وتنافسية حقيقية، وهو ما لا يوجد فى الأردن، مما شجع الإخوان لقيادة دفة هذه الانتخابات، متوقعين حصد العديد من المقاعد، مما يمكنهم من استعادة مقراتهم التى تم تشميعها. العوامل التى دفعت الإخوان للمشاركة كثيرة وجميعها تصب فى مصلحتها، فغياب البديل السياسى للجماعة سواء الحزبى أم المستقل، مهد لها الطريق لتكون اللاعب الرئيسي، وعدم ملء الفراغ الذى خلفته باعتزال الحياة البرلمانية على مدى 9 سنوات، جعل الشارع يفقد الأمل فى البرلمانيين السابقين خلال السنوات الماضية.
التحالف مع الشيطان اللعبة السياسية لدى جماعة الإخوان لا تتغير من دولة إلى أخرى، فما فعلته فى مصر على مر التاريخ تكرره فى الأردن وغيرها، فقد استعانت الجماعة بعناصر من خارجها، لتوافق القانون فى تكوين قوائم الترشح، فتحالفت مع ليبراليين وعلمانيين وعشائر، بل تحالفت الجماعة مع مرشحين من أيديولوجيات مضادة مثل الناصرى، لتتمكن من تحقيق النصاب القانونى للقائمة، ولتطبيق التكتيك الانتخابى الذى يتيح للجماعة الاستفادة من أصوات قواعد هذه الشخصيات غير الإخوانية. وضم تحالف كتلة الإصلاح الوطنى الذى شكله الإخوان ممثلة فى حزب جبهة العمل الإسلامى شخصيات عشائرية وسياسية ومرشحون مسيحيون وشركس لخوض الماراسون الانتخابى ب 20 قائمة و120 مرشحًا، على مستوى محافظاتالأردن، بالإضافة إلى شخصيات إخوانية أخرى دفعت بهم الجماعة عبر قوائم أخرى غير كتلة الإصلاح، شكلتها الجماعة فى محافظات مثل: الكرك والطفيلة ومعان. وكان من بين الشخصيات التى أثارت غضب الشارع الإخوانى النائب الأردنى السابق منصور سيف الدين مراد، المرشح عن مقعد "الشركسى والشيشاني" فى العاصمة "عمان"، بسبب تأييده لنظام بشار الأسد، وزيارته لدمشق وخطبته فى ساحاتها عدة مرات، تأييدًا لبشار، على الرغم من إظهاره تغيير موقفه تجاه النظام السوري، وهو ما لم تصدقه قواعد الإخوان، بعد تأييد استمر 5 سنوات. ونجحت جماعة الإخوان كذلك فى تكوين تكتلات عشائرية إلى جانب التكتلات القومية والليبرالية، لإيمانهم العميق بالدور العشائرى فى اللعبة السياسية وحسم نتائج الانتخابات، لكن يبدو أن الإخوان ليسوا الوحيدين الذين يدركون أهمية دور العشائر، وإنما نافسهم فى ذلك أحزاب قومية أخرى، نجحت أيضًا فى استقطاب العشائر التى ترفض التحالف مع جماعة الإخوان، مثل كتلة العدالة التى تضم مرشحين يمثلون أبناء عشائر منطقة السلط البلقاء، مما يجعل لقوائم هذه الأحزاب نصيب من المقاعد البرلمانية. أغلب أبناء العشائر يفضلون الانضمام لقائمة الإخوان، لكن حتى لا تخرج الإخوان من القوائم الأخرى بخفى حنين فقد استطاعت أن ترشح بداخلها أحد عناصرها، مثلما حدث فى قائمة كتلة العدالة التى رشحت ضمنها الجماعة عمر عياصرة ونقيب المعلمين السابق الدكتور حسام مشة، بحيث يحصل مرشحو الجماعة على أصوات عناصرها، الذين لن يصوتوا إلا لها، ويصوت لهم بعض أبناء العشائر عصبيًا لمرشحيهم، وليس لكونهم من جماعة الإخوان، مما يرفع أسهمهم. وذكرت تقارير إعلامية أن الجماعة تخلت عن حلفائها بعد إعلان القوائم النهائية للمرشحين، وذلك خلال جولاتها فى المحافظات المختلفة، حيث كانت تشرح لكوادرها وأنصارها كيفية اختيار المرشحين الإخوان فقط داخل القوائم، وعدم اختيار غيرهم من مرشحى التيارات القومية والليبرالية والنصرانية الأخرى الموجودين معهم فى القوائم ذاتها. وعلى الرغم من فرص الإخوان الكبيرة فى هذه الانتخابات، بسبب ضعف المنافسين والنظام الانتخابى الجديد، فإن مزاج الشارع الأردنى ليس مشجعًا لصعودهم، وهو ما ظهرت بوادره من خلال نتائج الانتخابات النقابية الأخيرة التى جرت فى انتخابات نقابة المعلمين التى سيطروا عليها لسنوات طويلة، لكنهم فشلوا فى حصد الأصوات فى هذه الانتخابات بخسارة فادحة. شارك فى هذا الماراثون الانتخابى 1252 مرشحًا من بينهم 253 سيدة، لانتخاب 130 نائبًا وفق القانون الجديد للدوائر الانتخابية الذى أقر عام 2016م وخفض عدد نواب البرلمان من 150 إلى 130، من بينهم 15 امرأة، كما قسم المملكة، التى تضم 12 محافظة، إلى 23 دائرة بالإضافة إلى ثلاث دوائر للبدو، وكان نصيب العاصمة عمان خمس دوائر خصص لها 28 مقعدًا، من بينهم اثنان للشركس والشيشان ومقعد للمسيحيين، وكان نصيب الإخوان من كوتة المرأة 10 مرشحات. أما مقاعد المسيحيين فقد رشحت الجماعة لأول مرة 4 شخصيات من بينهم الدكتور عودة قواس فى الدائرة الثالثة فى عمان والدكتور طارق عازر فى الزرقاء الأولى، بالإضافة إلى مرشحين آخرين من الطائفة المسيحية ينافسان على المقاعد المخصصة فى إربد شمالاً والبلقاء بالوسط، وهو ما يجعل حرارة المعركة الانتخابية أشد حرارة من صيف الأردن. وحسب المراقبين للانتخابات فى الأردن، فإن قائمة الإصلاح الوطنى التى شكلتها جماعة الإخوان ممثلة فى حزب جبهة العمل الإسلامي، قامت بتربيطات انتخابية فى كل قائمة من القوائم ال 19، بحيث تضمن مقعدًا على الأقل فى كل دائرة من هذه الدوائر، بحيث يصبح إجمالى عدد المقاعد التى يحصدها تحالف الجماعة 19 مقعدًا على الأقل.