ريم عزمى أسدل الستار عن الدورة الحادية عشرة من المهرجان الدولى للفيلم الشرقى بجنيف، واختصاره «فيفوج FIFOG» فى الفترة من من 11 إلى 17 إبريل الجارى برئاسة دليلة شكرى ومديره الفنى الطاهر حوشى، وتم توزيع جوائز فيفوج الذهبية والفضية على الأعمال الفائزة، ويسعى المهرجان لعرض فنون من الدول العربية التى تعانى العنف منذ سنوات لتبرز وجهها الحقيقى بعيدا عن الدماء، وكذلك يحاول التركيز على التواصل الإنسانى بين الثقافتين الشرقية والغربية.
المهرجان يحتفل بالحرية بجميع أشكالها، واختار الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمى كرئيس شرف وهو جزء من الأمور الطبيعية، لأنها واحدة صاحبة قلم من أكثر الأقلام حرية فى العالم الإسلامى.كما أن إبداعها وحرية التعبير لديها يدعمان روح المهرجان، الذى يريد أن يُظهر الشرق الغنى والمتنوع.
إشراقات فنية وشارك فى المهرجان 126 فيلما من 3 نوعيات وهى الروائية الطويلة والقصيرة والوثائقية من 30 دولة منها الدول العربية مثل مصر والسعودية ولبنان، ودول آسيوية وأوروبية.ومن أبرز الأفلام فيلم «فاطمة نسومر Fadhma N'Soumer» وهو فيلم تاريخى يتصدر أفيش المهرجان للمخرج الجزائرى بلقاسم حجاج والمخصص لرمز المقاومة الشعبية بمنطقة القبائل الأمازيغية خلال العقود الأولى من الاستعمار الفرنسى، ويروى المسيرة الاستثنائية ل»لالا فاطمة نسومر» فى المقاومة التى جسدتها الممثلة الفرنسية اللبنانية ليتيسيا ايدو، وفى حفل الختام عرض الفيلم الروائى التونسى «ربيع تونسى الذى لا يزال يحاول أن يعرض تطلعات العرب فى الحياة الكريمة والعدالة والحرية من إخراج رجاء عمارى. ومن أشهر الأفلام الطويلة المشاركة الفيلم المصرى «بتوقيت القاهرةCairo Time » للمخرج أمير رمسيس بطولة الفنان الراحل نور الشريف والفنانة ميرفت أمين حول ثلاث حكايات تحدث جميعها على مدار يوم واحد فى مدينة القاهرة، والفيلم الفلسطينى «عمر «Omar الذى يعرض المعاناة تحت الاحتلال من إخراج هانى أبو أسعد، وترشح لجائزة أوسكار فى 2014، ولمواكبة الأحداث السياسية الحالية يوجد الفيلم الفرنسى الوثائقى «سلفيون Salafistes» الذى يركز على أحداث تيمبوكتو ويظهر فى أحد مشاهده عمر ولد حماه أحد القادة الجهاديين المشهورين فى مالى ويتطرق لموريتانيا وتونس وتنظيم الدولة فى سوريا والعراق.وتعرض الفيلم للمنع فى التليفزيون الفرنسى بسبب بعض مشاهد العنف ويدافع مخرج العمل فرانسوا مارجولان عن مشاهده قائلا إنها لا تستغرق ثوانى، يوضح أن فيلمه لا يعبر عن الإسلام ولا عن السلفيين، لذا جعل اسم الفكرة نكرة وليس معرفة، لأنه يتناول مجموعة معينة تعبر عن مفاهيمها، وكما قال فى مناسبة سابقة «عندما نظهر أعمالهم وأقوالهم فنحن نرد عليهم من جنس أعمالهم ولا نتبناها أو نروّج لها..ونحن نعلم أن جمهورنا ذكى.. ولا تريد السلطات أن يعرف المواطن الفرنسى الحقيقة»! يوجد فيلمان من النوعية الوثائقية من إنتاج فرنسى عن تنظيم الدولة، الأول بعنوان «فى قلب داعش»، والثانى «ليبيا: داعش على أبواب أوروبا».
وهناك مجموعات مكونة من أفلام قصيرة عن سوريا، وعن الإسلام فى الغرب والإسلام فى فرنسا غاية فى التميز، من ضمنها الفيلم الفرنسى «نزهة فى الهواء الطلق Pique-Nique» ويتناول الاختلافات الثقافية بين الفرنسيين والمهاجرين فى إطار كوميدى، وهناك فيلمان يتناولان فكرة النقاب بكل ذكاء دون أحكام مسبقة ولا إهانة وهما الفرنسى المغربى «تغطية الوجه» واللبنانى الكندى»المرأة المهاجرة La Femme Migrante». ومن الأفلام القصيرة اللافتة للنظر «أم أميرة Om Amira» للمخرج ناجى إسماعيل عن سيدة كادحة تبيع البطاطس المقلية فى ميدان التحرير وقت ثورة 25 يناير. ومن أكثر الأفلام طرافة وجعل القاعة تضج بالضحك هو الفيلم الفرنسى الروائى الطويل «البقرة La Vache» الذى يتناول مشوار المزارع الجزائرى فتاح، الذى يسافر مع بقرته جاكلين رغبة بالاشتراك فى مسابقة لجمال الأبقار بفرنسا، وهو من الأفلام التى تُعرض بمصاحبة شرح للمشاهد من أجل المكفوفين.
وتكريما للفنان المصرى العالمى الراحل يعرض المهرجان لعمر الشريف مجموعة أفلام فى قسم الكلاسيكيات مثل «لورانس العرب Lawrence d'Arabie» و»الأراجوزLe Marionnettiste» و»السيد إبراهيم وزهور القرآن Monsieur Ibrahim et les Fleurs du Coran»، بالاضافة لأفلام أخرى عديدة تطرح أفكارا جديدة عن هموم الشرقيين وأحلامهم.
الفائزون فى المسابقات فاز الفيلم اللبنانى بجائزة فيفوج الفضية فى المسابقة الرسمية «كتير كبير Very Big Shot « وهو من بين أحدث الأفلام العربية الشابة، التى بدأت كإنتاج مستقل لمجموعة من الشباب الشغوفين بالسينما، ووصلت إلى شبابيك التذاكر فى عواصم عربية، وتدور أحداثه حول إخوة يتخذون فرن البيتزا غطاء لأعمالهم الإجرامية، فيرسلون المخدرات للزبائن من خلال توصيل طلبات البيتزا فى كيس الشوكة والسكين، وتتوالى أحداث الفيلم فى قالب كوميدى مشوق عندما يحصل الأخ الأكبر على شحنة كبيرة بطريقة ملتوية فيفكر فى إنتاج فيلم وتهريب كمية من المخدرات داخل العلب التى تحفظ فيها أشرطة أفلام السينما القديمة، ويسلط الفيلم الضوء على الوضع الطائفى والسياسى فى لبنان، وفاز قبل ذلك بالنجمة الذهبية فى مهرجان مراكش، ومخرجه مير جان بوشعيا، الذى وعد بلاده وقتها بأن يظل مؤمنا بها، لكنه لم يحضر حفل فيفوج وتسلم الجائزة زميل له. أما الفيلم التركى «سيفاس Sivas» للمخرج كان موجدج، فهو الفائز بجائزة فيفوج الذهبية فى المسابقة الرسمية. وحاز الفيلم الجزائرى الفرنسى «الآن يمكنهم أن يأتوا Maintenant Ils Peuvent Venir» للمخرج سالم الإبراهيمى على تنويه خاص. وفاز فيلم «حلم بوليوود Karyan Bollywood» من إنتاج مغربى بجائزة فيفوج الذهبية للجنة التحكيم الخاصة بالنقاد، وهو يركز على سكان العشوائيات ومعاناتهم وأحلامهم فى قالب كوميدى درامى. وفاز الفيلم الفرنسى «الأرض الأم Terremère» للمخرج أليو سو بجائزة فيفوج الذهبية فى المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، وفاز الفيلم الفرنسى «مهنة جيدة Un Métier Bien» للمخرج فريد بنتومى بجائزة فيفوج الفضية. وفاز الفيلم السويسرى الجزائرى «بابور كازانوفا Babor Casanova» للمخرج كريم صياد بجائزة فيفوج الذهبية فى مسابقة صنع فى سويسرا للأفلام القصيرة، وحاز الفيلم السويسرى «العرض L'Offre» للمخرجة مويرا بيتلود على تنويه خاص. وهناك ثلاث لجان تحكيم مدرسية للأفلام القصيرة، ففاز الفيلم الفرنسى القصير «تونس 2045Tunisie « بجائزة فيفوج الذهبية من مدرسة سيماز وهو يتخيل فى المستقبل هجرة عكسية ووجود لاجئين من فرنسا يسببون مشاكل لتونس، وحاز فيلم الألمانى «لا تطلق النار على يا سيد طالبان Don't Shoot me Mr Taliban» على تنويه خاص. وفاز الفيلم السورى «روزنامة Roznama» على جائزة فيفوج الذهبية من مدرسة مونبريان وهو يتناول الحرب فى سوريا، وحاز الفيلم العراقى البريطانى «أنا سامى I'm Sami» على تنويه خاص. وفاز الفيلم المصرى «الأبواب المغلقة Closed Doors» للمخرج عمرو فؤاد على جائزة فيفوج الذهبية من مدرسة كايلا.
وبجانب استضافتها كرئيس فخرى ، افتتحت الروائية أحلام مستغانمى معرضا لفن الخط العربى للفنان التونسى المقيم بجنيف تحت عنوان «ربيع وحب Spring & Love»، المستوحى من أعمالها الأدبية، وهو يعتبر مزيجا أيضا بين الثقافتين العربية والأمازيغية، ومن أشهر أعمالها الأدبية رواية «ذاكرة الجسد»، وذلك على هامش المهرجان فى بيت الفنون جروتلي. وتقول الأديبة الكبيرة أحلام مستغانمى ل(الأهرام العربى) إنها أحبت مشاركتها كرئيس شرفي للمهرجان لعدة أسباب فهى تمثل المرأة المسلمة العربية المثقفة، ولأنها منذ فترة مبتعدة عن المؤتمرات والمهرجانات الثقافية، لكنها أصرت هذه المرة على المشاركة لإعطاء صورة براقة للعرب فى مهرجان أوروبى، فهذه واجهة مهمة فى مثل هذه الظروف حيث تصدر «الشاشات عن بلادنا العربية البشاعة للعالم»، وهى تأمل فى أن تحظى المرأة بمكانتها التى تستحقها بعيدا أيضا عن العنف والدمار والأحزان، وهى ترغب فى أن تظهر كسيدة مسلمة ملتزمة لتكون نموذجا إيجابيا للمسلمين المعتدلين الذين يرفضون تشويه دينهم، وأنها تدافع حاليا عن الرموز النظيفة القليلة الباقية فى عالمنا العربى التى ما زالت متمسكة بالمبادىء وتتعرض للمضايقات، وتوضح أنها نفسها تعرضت لهجوم غير مبرر من البعض، واتهمها أحدهم باتهامات لا تليق بفكرها القومى، وتؤكد قائلة «نحن حاليا نفتقد القدوة السياسية والثقافية»، وفضلت أحلام مستغانمى ارتداء ثوب مستوحى من التراث الأمازيغى لتبرز التنوع الثقافى فى بلادها. أكدت أنها ليست لديها إلا صفحة واحدة فقط رسمية على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك بعنوان «احلام مستغانمى» بدون همزة وتضع فيها صورة شخصية لحمامة بيضاء.