سهير عبد الحميد كانت الطباعة والزنكوغراف أحد أهم المجالات التى أبدع فيها الأرمن وتفردوا ومازالت مطابع الأرمن فى مصر خير شاهد ودليل على تاريخ بدأوه فى المطابع الأميرية التى أسسها محمد على باشا وقطعوا فيه شوطا كبيرا، فى مصر الآن ثلاث مطابع أرمينية هى: فوسيجيدار والمطبعة الإفريقية ومطبعة نوبار التى تمت عامها الخامس والسبعين، حيث تأسست عام 1939 على يد بوغوص سيمونيان ويديرها الآن ولداه نوبار وهراتش والحفيد د. جورج نوبار الذى درس الطباعة فى كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان وتخصص فى الطباعة الرقمية. ولد بوغوص نوبار بمدينة الزقازيق عام 1914، لأسرة ترجع أصولها إلى مدينة بورصة، وانتقلت الأسرة بعد ذلك إلى شارع شبرا بالقاهرة، ولأن بوغوص كان مولعا بالطباعة افتتح دار نوبار والتى كانت أول دار للطباعة تستخدم الحروف البارزة بالجمع اليدوى. يقول د. جورج نوبار: بدأت أسرة سيمونيان نشاطها فى شارع غيط النوبى وانتقلنا إلى شارع الترعة البولاقية، حيث توجد بها الطباعة الرقمية، وهناك مطبعة ثالثة فى العبور بالمنطقة الصناعية الأولى، يقوم والدى وعمى بإدارتها بينما تقوم أختى وأخى بإدارة مطبعة شبرا. ماذا عن حياتك كمصرى من أصل أرمينى.. من حيث العادات والطقوس؟ الحقيقة أهم حاجة أحب أوضحها تماما أن مصر والحكومات المصرية عبر التاريخ وشعبها الطيب المضياف، هم السبب الأول بعد ربنا سبحانه وتعالى، فى كل ما وصلنا إليه. ولذا أحب أن أقدم نفسى بأننى مصرى 100٪ من أصل أرمينى، فلم أشعر مطلقا بأية اختلافات، وتم تعيينى فى الكلية بعد تفوقى، وسافرت فى بعثات خارجية مرتين بفضل الله، إلى إنجلترا، مرة فى الماجستير 1992 ومرة فى الدكتوراه 1998/1999، لقد حصلت على كل حقوقى تماماً، حتى وأنا فى الجيش كنت فى البحرية، ولم تحدث لى أية مضايقات، صادفتنى حاجات طريفة وبحب، فمثلا الصول فى أول يوم معرفش يكمل اسمى للآخر، فقال: جورج ماشى، نوبار برضه ماشى لأن نوبار باشا أول رئيس وزراء معروف، لكن لحد سيمونيان ووقف، وبعدها قال: العسكرى الأجنبى ييجى هنا كانت حاجة طريفة وعفوية. ثم أصبحت أستاذا فى الكلية ووكيل للدراسات العليا والبحوث وحاليا قائما بعمل العميد، كما تشرفت بوجودى فى لجان مهمة فى مصر مثل لجان خاصة فى مطابع البنك المركزى وبطاقة الرقم القومى، ففعلا لا توجد أى تفرقة وقد قمت بالتدريس فى الكلية الفنية العسكرية وشاركت مع زملائى فى إنشاء قسم للطباعة فيها فى بداية الألفنات. وكان بابا فى الجيش بفترة الستينيات قبل وخلال حرب 67، فى المساحة العسكرية بالعباسية وهى المطابع الخاصة بالقوات المسلحة التى تقوم بطباعة الخرائط وبعض المطبوعات الأخرى للجيش، وعندما أشاهد الأفلام والصور الخاصة بالمذابح الأرمينية منذ 100 عام، أقول إن مصر وسوريا ولبنان كانتا من أولى الدول التى استقبلت الأرمن النازحين والأيتام، وهذا شيء لا يمكن نسيانه أبدا. فهناك دول كبيرة اسما ومعروفة جدا لم تقم بأى شيء تجاه الأرمن فى محنتهم، بينما أعطت مصر للأرمن الأمان والسماح بإنشاء المدارس والأندية والكنائس، وساعدتهم فى الحفاظ على اللغة كما عاش الأرمن فى مصر من قبل المذابح من أيام الفاطميين، وعاشوا أزهى فتراتهم أيضا أيام محمد على باشا أنا بالنسبة لى والد جدتى أى جد والدى قتل خلال المذابح. بمناسبة الزمالك الذى تضع شعاره صورة لبروفايلك إلى من ينتمى معظم الأرمن، الأهلى أم الزمالك؟ إلى الاثنين، والغريبة أن كل من هاجروا يتابعون أخبار مصر والكرة فيها بشكل شبه يومى، وقد سئلت ذات مرة: ستشجع من إذا لعبت مصر مع أرمينيا مباراة كرة قدم. فقلت مصر بمنتهى الصراحة فقد عشت فيها كل أيام حياتى وأكن لها كل الفضل والعرفان، وأعرف كل اللعيبة المصريين وتاريخهم، هناك لعيبة فى أرمينيا لا أعرفهم نهائيا. ما مدى تفاعلك كشاب مصرى أرمينى مع الأحداث السياسية فى مصر؟ أكيد السياسة أثرت فينا كلنا، لا سيما بعد الثورة، تقريبا الشعب المصرى كله بقى سياسى، أنا أحب أن مصر تفضل دايما فى أمن وأمان وتبقى لكل المصريين، فهى بلد من أحلى بلاد العالم ولازم شعبها يحبها أكثر وأكثر بالعمل الجاد وبالحفاظ عليها. فيه ناس كثير بره بتحسدنا على أننا لنا بلد زى مصر. فيها حاجات كثيرة مش موجودة فى دول أخرى، لكن لازم نعرف قيمتها ونحافظ عليها، أنا فعلا بحب جدا أشعار أحمد شوقى عن مصر ودموعى تخوننى وأنا أردد بيت الشعر الأسطورى له: وطنى لو شغلت بالخلد عنه لنازعتنى إليه فى الخلد نفسي وماذا عن أغانى القديمة للست وعبد الحليم والأفلام الأبيض والأسود؟ الأرمن بيحبوها زى المصريين بالضبط، فمنهم من يعشق العندليب مثلى ومنهم من يعشق الست، أما الأفلام الأبيض الأسود فبيتجننوا عليها وخصوصا جيل والدتى وحماتى، فعلا كما قيل من قبل إن الأرمن مش جالية بل هم جزء لا يتجزأ من مصر.