حوار هاني بدر الدين اللواء شريف إسماعيل، الوكيل السابق لجهاز المخابرات العامة المصرية، كان شاهدا على العصر، ولديه العديد من الأسرار والتفاصيل حول جرائم وحوادث وأزمات عديدة مرت بها مصر خلال الفترة السابقة، اللواء شريف الذي اختتم مسيرته كمستشار للأمن القومي في محافظة شمال سيناء في أواخر عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، يكشف ل "الأهرام العربي" العديد من الأسرار حول الفترة التي عاصرها، ويعلن تفاصيل مهمة من "الصندوق الأسود" حول فترة مرسي، والإرهاب الذي تتعرض له مصر قبيل ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، وفي الحلقة الأولى من الحوار مع اللواء شريف، يكشف فيه عن قصة تنظيم كتائب يبيت المقدس، والجرائم التي ارتكبتها، مرورا بدور قطروإيران والإخوان في مساندتها. ماذا تقول عن حوادث الإرهاب الأخيرة في سيناء؟ في البداية أقدم خالص التعازى للشعب المصرى من جراء الحوادث الإرهابية الخسيسة التى تشهدها محافظات مصر حاليا، وارتباطا بهذه الأحداث الإجرامية والتحديات السياسية والأمنية التى تشهدها مصر، وفى ظل بلطجة الجماعة والدعم المالى والسياسى الذى تحظى به. ظهر اسم "أنصار بيت المقدس" كتنظيم مسئول عن جرائم عديدة.. فمن هم؟ علينا تحليل أبعاد نشأة جماعة كتائب بيت المقدس وأهدافها ومع من تنسق ومن يقف خلفها، بشمولية كاملة وبصورة دقيقة، هذه الجماعة المزعومة هى فى الأصل كانت تعمل تحت اسم جماعة التوحيد والجهاد، والتى اختارت شمال سيناء عن عمد كمقر لها لأسباب تتعلق بالبعد الجغرافى أو البعد الديموغرافى، أو بسبب وعورة التضاريس والقرب من الحدود مع غزة، وهى من أطلقت على نفسها العديد من المسميات، بعد ذلك مثل «جماعة المرابطون» الموالية لتنظيم القاعدة بشمال إفريقيا، أو جماعة «الرايات السوداء»، أو جماعة «أكناف بيت المقدس» والذين من قبل أعلنوا عن أنفسهم باسم مجلس شورى المجاهدين. هل نفهم من ذلك أن نفس التنظيم كان موجودا سابقا وقام بتغيير الاسم؟ بالفعل، وتعدد الإعلان عن أسماء جماعات إرهابية من سيناء جاء بهدف أساسى هو تشتيت الجهود الأمنية، فضلا عن الحصول على التمويل اللازم من الدول الراعية. أين كان يتمركز أعضاء ذلك التنظيم؟ تلك المجموعات كانت تتمركز بشكل أساسى فى مناطق وقرى مدينتى رفح والشيخ زويد، وكان لها معسكر للتدريب بمنطقة "الجميعى" ومركز ومقر في قرية "المهدية"، واستغلته كمركز لتجمع من يصفون أنفسهم ب "المجاهدين" قبل دفعهم إلى سوريا عبر الحدود الأردنية، وهى من كانت تستخدم مسجد "أبومنير" بقرية "المقاطعة" لعقد الاجتماعات مع باقى الجماعات التكفيرية، والتى تمكنت من استقطاب العناصر الإجرامية من البدو للانضمام إليهم بسبب تلاقى المصالح والأهداف، وللقضاء على هيبة الدولة والسيطرة على شمال سيناء وإخلائها من كل مظاهر الدولة، بما فى ذلك المنظومة الأمنية والقضائية. ما أبرز الجرائم التي نفذها ذلك التنظيم سواء تحت اسم أنصار بيت المقدس أم التوحيد والجهاد؟ تلك المجموعة الإجرامية فى بداية الثورة استغلت حالة الهياج الشعبى والظرف الأمنى ونفذت جريمة اختطاف ثلاثة ضباط وأمين شرطة من نقطة الميدان بشمال سيناء وقامت بنقلهم بالتنسيق مع حماس عبر الأنفاق إلى قطاع غزة، حيث تم أسرهم والتحفظ عليهم لدى جماعة "جيش الإسلام"، التابع للفلسطينى ممتاز دغمش، والذى كان ينسق مع مجموعات إسلامية فلسطينية متطرفة تدعى جلجلات، وهى مجموعات عسكرية جهادية انبثقت من كتائب القسام الذراع العسكرية لحماس، وانشقت عنها. ومنذ اندلاع ثورة يناير تزايد نشاط تلك الجماعة بشكل ملحوظ، واستغلت الظروف وعملت بالتنسيق مع الإخوان على ضرب الاستقرار في مصر، فى محاولة لإنهاء دور الدولة بسيناء، فجماعة الإخوان كانت تخطط إلى خلق كيان عسكرى إسلامى على غرار الحرس الثورى في إيران، يكون ظهيرا لهم، وكذلك كانت تخطط إلى إخلاء المنطقة من أية منظومة أمنية، بما يسمح بوجود الفلسطينيين في سيناء، بدون أية قيود، فضلا عن تمكينهم ومشاركتهم فى تهريب السلاح وتصنيعه، وإقامة معسكرات للتدريب على الأراضى المصرية، وبالقرب من الحدود المصرية مع غزة. تلك كانت أهداف الإخوان.. فما أهداف جماعة بيت المقدس؟ بالنسبة للجماعات التكفيرية الإسلامية المتطرفة، بما فيهم كتائب بيت المقدس، فقد كان هدفها إقامة الإمارة الإسلامية، وتلاقت مصالحهم مع مصالح كل الجماعات الدينية المسلحة الفلسطينية، والذين اجتمعوا جميعا تحت هدف واحد هو إحلال الفوضى وإنهاء دور الدولة فى سيناء، كنواة لبدء مشروع الإمارة الإسلامية أو الوطن البديل.. فقد نجح نظام مرسى فى توطين الإرهاب بسيناء، ومن أجل تحقيق هذا الهدف نفذت تلك العناصر العديد من العمليات الإرهابية، فهم من قاموا بتفجير مبنى أمن الدولة بمدينة رفح، وهم من نسقوا مع قيادات الإخوان بسيناء من أجل الهجوم على أقسام الشرطة بالعريش وباقى المدن، وحرقوا المصالح الحكومية، فتلك العناصر هى من قامت بتشكيل مجموعات أمنية لنشر فكرهم وتطبيق شريعتهم بالقوة وأنشأوا محاكم شرعية، وحاولوا إلغاء دور الدولة، بل وقاموا بتفجير خطوط الغاز وخطف الأبرياء باسم الدين.. وهم من خطفوا الخبراء الصينيين من منطقة بير لحفن وفاوضوا الدولة للإفراج عن المحكوم عليهم فى قضايا الإرهاب وتفجيرات جنوبسيناء، بل وطلبوا بشكل مباشر الإفراج عن محمد الظواهرى شقيق أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، فتلك المجموعات هى من استباح حدود مصر، ووظفت الانفاق للعمل كمنفذ شرعى لهم بدلا من المنافذ الرسمية للدولة بالتنسيق مع حكومة حماس، بل وكانت تتقاضى رسوما على دخول أو خروج الأفراد من سيناء إلى غزة والعكس بواقع 50 دولارا للفرد.