د ب ا في كل صباح يوم جديد تذهب شاه بيبي سعيدي ، المسؤولة في الحكومة الأفغانية ، إلى مكتبها والرعب يملأ قلبها. ففي بعض الأحيان ترتدي شاه برقعا وتسير لمدة ساعة كي تصل إلى مكتبها أو تستقل أحدى سيارات الأجرة المحلية وهي ترتدي شالا ولا يظهر منها سوى عينيها فقط. وهناك سبب وجيه يدعو شاه للخوف على حياتها، فقد قتلت امرأتان عملتا في نفس منصبها في تموز/يوليو وكانون أول/ديسمبر من العام الماضي. وتصف شاه ، التي ترأس حاليا القسم النسائي في مكتب المقاطعة التابع لوزارة شؤون المرأة في إقليم لغمان شرقي البلاد، مشاعرها قائلة "أشعر بالقلق الشديد حيال كل هذا . استشهدت كل من حنيفة صافي ونادية صديقي على يد الجماعات المناهضة للحكومة ولحقوق المرأة ". وقالت شاه "منذ آذار/مارس الماضي ، تم تهديدي عدة مرات. وكان أحدث تهديد منذ يومين فقط ". وتابعت المسؤولة الحكومية حديثها قائلة " لكن شخصا ما يجب أن يقوم بالمهمة وفي الوقت الراهن أنا هذا الشخص . إن لم نقم بالدفاع عن حقوق المرأة ، فإن كل إنجازاتنا التي قمنا بها حتى الآن ستذهب سدى في يوم ما قربيا". وتتعامل إدارتها عادة مع الحالات التي تتضمن العنف المنزلي والزواج القسري و الزواج دون السن القانونية وتوفير السبل للمرأة لتسوية ديونها وبيع وشراء النساء وخطفهن وهروبهن. وتقول شاه إن عناصر حركة طالبان يخيمون علي بعد ثلاثة كيلومترات خارج المدينة . وتضيف "انهم يتجولون في أنحاء المدينة و يختلطون مع السكان المحليين. وبعد الساعة السادية مساء عندما يغلق السوق أبوابه وتذهب قوات الأمن إلى قواعدها. في هذا الوقت تخرج عناصر طالبان". وخوفا على سلامتهم ، تعيش عائلة شاه في كابول ، في الوقت الذي توفر لها الحكومة ثلاثة عناصر شرطية فقط لتأمين مكتب الإدارة بالكامل. وتعلق شاه على هذا الأمر قائلة "انه ليس بالعدد الكافي . إن أخذتهم معي ، ستكون إدارتنا غير آمنة. وإذا تركتهم هنا في المكتب سأكون أنا عرضة للخطر". ويتردد صدى قلق شاه مع تصاعد أعمال العنف الموجهة ضد النساء فى ظل الصراع الدائر في البلاد . حتى سيما سمر ، رئيسة المفوصية الوطنية لحقوق الإنسان ، تقول إن الإنجاز الأكبر هو أن تظل على قيد الحياة . فخلال الشهر الماضي، اختطفت النائبة البرلمانية فريبا كاكار من إقليم غازني بشرق البلاد لمدة أربعة أسابيع وأفرج عنها لاحقا خلال عملية تبادل للأسرى مع طالبان . وقبيل عملية الخطف بأيام قليلة ، أصيبت نائبة أخرى في كمين نصبه مسلحون في نفس المنطقة التي اختطفت فيها كاكار. وقتلت ابنتها علاوة على أحد حراسها . وخلال الشهر الجاري قتلت مؤلفة هندية متزوجة من رجل أفغاني في شرقي البلاد. ويأتي هذا الحادث بعد أن قامت بنشر مذكراتها عن الحياة تحت حكم طالبان في تسعينيات القرن الماضي. وفي مقاطعة هلمند الجنوبية التي تشهد العديد من حوادث العنف ، قتل مسلحون مجهولون ثلاثة عناصر من الشرطة النسائية منذ تموز/يوليو الماضي. فقد قتلت اللفتينانت إسلام بيبي، بطلق ناري أودى بحياتها في تموز/يوليو الماضي، في حين أن بيبي نيجار التي حلت محلها قتلت في نفس الشهر. كما قتلت السرجنت شاه بيبي في تموز/يوليو الماضي. وتصف نسيمة نيازى ، النائبة في البرلمان عن هلمند ، موت نيجار بال"خسارة الكبيرة للمرأة". وأضافت نيازي "بعد وفاتهن ، لا أعتقد أن أي امرأة أخرى ستجرؤ على أن تتقدم لشغل هذه الوظيفة. وبسبب العقلية المحافظة للمجتمع وعدم وجود دعم كاف من الحكومة فإن أعداد عناصر الشرطة النسائية آخذه في التناقص". وتقل نسبة العناصر النسائية في الشرطة الأفغانية عن واحد في المئة. وتقول الكولونيل حكمت شاهي رسولي ، مديرة قسم حقوق المرأة والطفل في وزارة الداخلية ، " نحن قلقون على حالة النساء في جميع أنحاء أفغانستان". وتقول الأممالمتحدة إن العنف ضد المرأة أصبح "سائدا ويتزايد". بينما تقول فومزيلى ملامبو نكوكا ، رئيسة قسم المرأة في الأممالمتحدة "في الأسابيع والأشهر الأخيرة ، شهدت أفغانستان العديد من حالات الترويع والخطف والقتل المستهدف لنساء من المسؤولين الحكوميين والشخصيات العامة " وتابعت نكوكا "الحالات الأخيرة من عمليات القتل المستهدف تشير إلى الحاجة الملحة إلى ضمان حقوق السيدات والفتيات ". وفي الفترة بين 2010 و 2012 ، تم الإبلاغ عن أكثر من أربعة ألاف حالة عنف ضد السيدات والفتيات إلى وزارة شؤون المرأة. وأفاد تقرير صادر عن الأممالمتحدة في تموز/يوليو الماضي أن نسبة الهجمات التي استهدفت مسؤولين حكوميين مدنيين ، من الذكور والإناث ، ارتفعت بنسبة 76 في المئة خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام ، مقارنة بالعام الماضي. وليس من الواضح ما إذا كانت حركة طالبان وراء كل الهجمات الأخيرة ، لانها لم تعلن مطلقا من قبل عن مسؤوليتها عن استهداف النساء بسبب الحساسيات الثقافية، حيث ينظر إلى الهجوم على النساء بأنه جبن لا يغتفر وينظر للإناث عموما على إنهن خارج النزاع. وكان من النادر في السابق استهداف مسؤولين من النساء ، على الرغم من كون الاعتداء على المرأة ليس بالظاهرة الجديدة . ووفقا لنشطاء فإن النساء أكثر عرضة للهجوم من العناصر المغالية فى توجهها المخافظ في المجتمع المدني. وتقول شاه عن حادثة القتل في إقليم لغمان ، إن مقتل إسلام بيبي كان على يد أحد أقارب فتاة أفغانية هربت من المنزل وطلبت المساعدة من القسم النسائي. وتقول عضوة بارزة فى البرلمان إن غالبية التدابير الأمنية المتاحة من أجل الدفاع عن حقوق المرأة يقوم بها المجتمع الدولي. ويخشى الكثيرون من أن تضيع بعد رحيل القوات الأجنبية التي يقودها حلف شمال الأطلسي (ناتو) العام المقبل. وتقول فارخوندا ندري "خوفي الرئيسي من هشاشة كافة الإنجازات. فبعد 11 عاما من المفترض أن نكون قادرين على الشعور بمزيد من الثقة، بدلا من أن نكون في حالة من الذعر". وتعتبر شاه الأقل أملا وسط الآخرين وترغب في الرحيل. وتقول شاه "إذا كنت في خطر أو أذى حقيقي ، فإنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يوفر لي ممرا آمنا وتأشيرة حتى أتمكن من الذهاب إلى مكان آخر و طلب اللجوء السياسي ... إن هذا البلد أصبح خطيرا للغاية بالنسبة للنساء".