ميرفت فهد "الذهب السائل" هو الاسم الذى يطلق على زيت النخيل في آسيا والذي يعتبر إقليم جنوب شرق القارة -وبالتحديد اندونيسيا وماليزيا - أكبر منتج لهذا لزيت المستخلص من ثمرة شجرة زيت النخيل في العالم، بما يعادل نحو 85 في المئة من الناتج العالمي. وفي المقابل، تعتبر الهند والصين أكبر مستهلكي زيت النخيل في الكوكب، في حين تبرز كل من باكستان وبنجلاديش كأسواق متنامية متهافتة علي إستهلاكه. وبالتحديد، تعتبر الصين ثاني أكبر مستورد لزيت النخيل في العالم، بعد الهند. ومن المتوقع أن تنمو ورادتها بنسبة 10 في المئة سنويا، مما سيجعلها أكبر سوق لزيت النخيل في عام 2015. أما الهند فقد مثلت نسبة 19 في المئة من الاستهلاك العالمي لزيت النخيل في الفترة 2011-2012، بما يتجاوز الصين (16 في المئة)، والاتحاد الأوروبي (14 في المئة). وبالطبع، يؤثر المشترون الرئيسيون لهذا "الذهب السائل" لا علي الأسعار والإنتاج فحسب، وإنما أيضا علي وسائل إنتاجه المثيرة للجدل القوي في الوقت الراهن بسبب تأثيراته الضارة على البيئة. في هذا الشأن، يوضح الدكتور رضا عزمي -المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة "وايلد آسيا" الاجتماعية في كوالالمبور والناشطة في مجال السياحة والزراعة المستدامتين- لماذا أصبح زيت النخيل "منتجا ساخنا" في آسيا. فيقول لوكالة إنتر بريس سيرفس أن زيت النخيل يوفر مصدرا أعلى من الدخل بالمقارنة مع المحاصيل النقدية الأخرى مثل الأرز أو المطاط. فيمكن للمزارعين حصاد عناقيد من زيت ثمار النخيل مرتين في الشهر في حين يمكن حصد الأرز مرتين في السنة. كما ينتج نخيل الزيت أعلى محصول في المنطقة مقارنة بالمحاصيل الأخرى. وعلاوة على ذلك، فزيت النخيل رخيص ويستخدم في مجموعة متنوعة مذهلة من المنتجات: الغذاء، والحلوى التقليدية والمقدمة في معظم الاحتفالات في جنوب آسيا؛ وباقة واسعة من مستحضرات التجميل، من أحمر الشفاه إلى ال "شامبو"، ناهيك عن وقود الديزل الحيوي. لكن هذا الزيت الأعجوبة يحمل ثمنا بيئيا باهظا.. فيقطع المزارعون الأشجار.. ويضرمون النار في الغطاء النباتي لإفساح مساحات أكبر لزراعة نخيل الزيت، ويدمرون الغابات، ويقضون علي الحياة البرية، فضلا عن سحب الدخان الملوث المتكررة أكثرا فأكثر. وعلي سبيل المثال، فى يونيو هذا العام، عانى جنوب شرق آسيا أسوأ تلوث للهواء علي مدي 16 عاما.. وخنق الضباب الدخاني من اندونيسيا كل من ماليزيا وسنغافورة.. وانخفضت الرؤية.. وأغلقت المدارس وألغيت المناسبات العامة.. وشهدت المستشفيات موجة اندفاع من المرضى الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي.. واندلع الخلاف الدبلوماسي بين سنغافورة وإندونيسيا بشأن من هو المذنب. وإنعقد إجتماع في كوالالمبور في يوليو، إتفق فيه وزراء البيئة من اندونيسيا وماليزيا وبروناي وتايلاند وسنغافورة على وضع نظام مشترك لرصد الضباب. ووافقت إندونيسيا على التصديق على معاهدة إقليمية لمكافحة الضباب الدخان.. وهنا يمكن أن تلعب الصين والهند دورا رئيسيا من خلال الإصرار على شراء زيت النخيل المنتج فقط دون تعريض الغابات للحريق. هذا ولقد كسبت "الحركة من أجل الإنتاج المستدام" زخما كبيرا في عام 2004 بتشكيل المائدة المستديرة لزيت النخيل المستدام، وهي مبادرة لإقناع المزارعين بالحفاظ على الغابات الأولية وتقليل البصمة الإنتاجية علي البيئة. في هذا الشأن، أفاد "داريل ويبر" -الأمين العام لحركة من أجل الإنتاج المستدام- وكالة إنتر بريس سيرفس أن هناك بلدان إلتزمت بشراء زيت النخيل المستدام ليس إلا وذلك بحلول عام 2015، ومن بينها هولندا وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا. ومع ذلك، فأكبر المستهلكين، أي الصين والهند، لا يتبعان بعد هذا التوجه. ويقدر الدكتور بي. في ميهتا -المدير التنفيذي لجمعية سفط المذيبات، 'في مومباي- أن الطلب الهندي علي زيت النحيل سوف يرتفع بنسبة 3-4 في المئة سنويا، لأنه سيستخدم أكثرا فأكثر في صناعات الأغذية وقطاع الفنادق في الهند. وصرح الخبير أن "الهند تدعم الاستدامة.. لكن المستهلكين الفقراء في البلاد يبحثون عن الزيت الرخيص.. علي غير حال الناس في دول الاتحاد الأوروبي وهم الذين يمكنهم دفع سعر أعلى للزيت المنتج بأساليب مستدامة.. الأمر ليس كذلك في الهند، حيث الآلاف يكافحون من أجل إطعام أنفسهم".