ما يجرى فى وزارة الثقافة معركة ضد العقل المصرى، كانت هذه الجملة افتتاحية تصريحات د. أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب المقال نافيا منذ البداية أن معركته شخصية مع الوزير علاء عبد العزيز مدرس المونتاج فى أكاديمية الفنون، والذى جلس على كرسى الوزارة بعد صابر عرب.. والمدهش أكثر حسب ما جاء فى حوار د. مجاهد أن وزير الثقافة السابق د. صابر عرب كان يعلم بموضوع السيديهات الجنسية الخاصة بالوزير الجديد، ورفض صابر إحالتها إلى النيابة فى حينه ربما ليقضى الأيام الباقية على الكرسى فى هدوء. وأن فساد مكتبة الأسرة التى ذهب بسببها د. مجاهد إلى نيابة الأموال العامة توقفت لسبب لا يعرفه ولأن شركاء الفساد فيها دور نشر كبرى معروفة. الأمر الآخر الخطير الذى كشفه د. مجاهد هو أن الوزير الجديد قام بحل لجان المجلس الأعلى للثقافة المنتخبة، ويعيد الآن تشكيلها على هواة وهوى من عينه وتفاصيل أخرى كثيرة فى هذا الحوار. ما جرى معك سبقته إشارات من الوزير، كيف لم تتوقف أمامها؟ لم تكن هناك إشارات للتغييرات العاصفة التى جرت وتجرى وستجرى فى وزارة الثقافة على يد علاء عبدالعزيز، لكن عرفنا فيما بعد أنه كان يقصد من تصريحاته أن تكون بمثابة إشارات، مثل أول تصريح أدلى به بعد حلف اليمين، الخاص بتطهير أكاديمية الفنون، وتطهير قيادات وزارة الثقافة، وظننا أنه يقصد بعض الفاسدين، لكنه عاد وتراجع عن هذا التصريح كالعادة، برغم أن تصريحه منشور فى بعض الصحف، الإشارة الثانية عندما أصدر مكتبه الإعلامى، قراراً من الوزير بتغيير اسم «مكتبة الأسرة» إلى «مكتبة الثورة» وهو ما اعترضت عليه حيث لا يجوز لرئيس الهيئة أن يعرف بقرارات تخص صميم عمله، من الصحف والفضائيات، ثانياً مكتبة الأسرة لها لجنة عليا مكونة من أساتذة كبار جداً، ولابد من الرجوع إليهم فى كل ما يختص بقرارات تمس مكتبة الأسرة، وبرر الوزير ذلك فى قناة «الحياة» عندما سألته المذيعة هل المشكلة فى الاسم؟ قال: لا، بل لابد أن تكون الكتب ذات طبيعة ثورية، وهذا يعنى أنه لم يقرأ أى كتاب من كتب مكتبة الأسرة، لأنه لو قرأها لعرف طبيعتها الثورية، بل حتى لم يقرأ مقدمة أى كتاب منها، وهى المقدمات التى كتبها الراحل إبراهيم أصلان. لماذا إذن اعتكفت فى منزلك حتى إشعار آخر؟ لم أعتكف فى منزلى، بل كنت فى مكتبى، ولم أمتنع عن العمل، كما أشاع الوزير، لأنه لم يصلنى إخطار رسمى بأى شىء، وعندما نشر على لسانى، حسب تسريبات الوزير، أننى فى منزلى حتى إشعار آخر، رددت فى المكان نفسه على «الفيس بوك»: إننى فى مكتبى حتى إشعار آخر، ثم إننى لم أقدم له مذكرة بامتناعى عن العمل، فمن أين أتى بهذا الكلام؟ يبدو أنه كان يريدنى فى منزلى دون أن يدفع الفاتورة، وهو ما تحقق له الآن، ولو أننا نأخذ بكلام الفيس بوك، لكان هو الآن فى السجن. لماذا، ماذا عليه فى «الفيس بوك»؟ السيديهات المصورة له فى أوضاع مخلة. هل موضوع السيديهات حقيقى أم من قبيل الحرب النفسية؟ لو لم يكن حقيقياً، لما انتشر هكذا، وهو موضوع قديم ولم يظهر فور توليه الوزارة، فلو ظهرت السيديهات فقط بعد توليه الوزارة، لشككنا أنه مفتعل، لكنه موضوع قديم مفتوح منذ ثلاثة أشهر، ومحال إلى التحقيق فى الأكاديمية وبورق رسمى، والدكتور سامح مهران رئيس الأكاديمية ذهب به إلى الوزير السابق د. صابر عرب، وطلب منه تحويله إلى النيابة، لكنه مع الأسف لم يحوله. هذا الكلام يمكن الرد عليه بأن الوزير كان على خصومة مع سامح مهران، وأن هذا فى إطار الحرب بينهما؟ ليس د. سامح مهران، هو من أحضر السيديهات، بل بدأ الأمر من شكوى من داخل الأكاديمية بالأدلة. نعود إلى عملك، لم تعتصم فى المنزل كما أشاع الوزير، ماذا فعلت؟ ذهبت إلى عملى، وفى اليوم الخميس الذى انتشر فيه خبر اعتصامى فى المنزل، كنت فى مكتبى منذ العاشرة صباحاً حتى السابعة مساءً وحضرت اجتماع هيئة مكتبة الأسرة من 5 7 مساءً. ومتى وصلك قرار إنهاء الندب؟ يوم الأحد 12 مايو، وكنت فى مكتبى، وعندما وصلنى الإخطار أخذت أوراقى وذهبت إلى منزلى؟ ماذا تتوقع لحركة المثقفين المتضامنين معك ضد قرارات الوزير؟ لا يمكننى التوقع، والموقف ليس شخصياً بالمرة، ولا هو موضوع الرغبة فى العودة إلى الوظيفة، لأننى فى غنى عنها، برغم أننى أبليت فيها بلاءً حسناً بشهادة الجميع، إنما ما يعنينى هو المشروع الثقافى المصرى الذى هو المحك الحقيقى للمثقفين، وأنا على المستوى الشخصى كفرد سأعود إلى الجامعة، الأمر هو معركة حقيقية على الأرض مع المثقفين وضدهم، إن خسروها، فقد خسروا الكثير جداً. هل تتوقع أن يخسر المثقفون المعركة؟ “معنديش توقعات" إنها معركة لا يمكن توقع من سيكسب أو يخسر فيها، لكن ما أراه كمثقف أنها تحولت إلى معركة صريحة ضد العقل المصرى. قرار إنهاء ندبك كرئيس للهيئة المصرية العامة للكتاب، هل ستتبعه قرارات أخرى ضد قيادات الوزارة؟ توقعاتى أنه خلال فترة قصيرة جداً، لن تتجاوز الأسبوع، سيتم تغيير كل قيادات وزارة الثقافة. مثل من؟ لا داعى لذكر الأسماء، لكن عددهم كبير، وبعد تغييرهم ستتم الإطاحة بالوزير، فقد أتى من أجل هذه المهمة فقط، وهى مهمة رفضها أغلب من عرضت عليهم وزارة الثقافة، وعلاء عبدالعزيز هو الوحيد الذى قبل لعب هذا الدور، ومن أجل هذا شددت الحركة الثقافية، ليس على إقالة الوزير، بل وإلغاء كل القرارات التى أصدرها، لأنه لو غادر الوزارة دون إلغاء هذه القرارات، سيترك وزارة خربة، يسهل السيطرة عليها من أى أحد، وحتى لو جاء وزير من المثقفين لن يستطيع تشغيل الوزارة مع وجود هذه القرارات، ولك أن تعرف أنه أوقف لجان المجلس الأعلى للثقافة كلها عن العمل، وهى لجان منتخبة بعد الثورة، ومدتها لم تنته، ويحاول الآن إعادة تشكيلها من بين أعضاء الحزب الذى أتى به، ورؤساء هذه اللجان تم انتخابهم فى انتخابات حرة، وعزلهم لا يجوز إنه يعيد الآن تشكيل اللجان على هواه الشخصى. يتوقع البعض أن تتوقف حركة المثقفين عند البيانات والتوقيع عليها، هل تخشى أن ينتهى الأمر هكذا؟ لا، أنا أعلم أن حركة المثقفين ستتجاوز ذلك (الحوار أجرى يو م الاثنين 13 مايو، قبل يوم واحد من الوقفة المزمع إقامتها الثلاثاء فى دار الأوبرا، ثم الاعتصام بعدها فى مكتب الوزير) وستتطور إلى المظاهرات والمسيرات وربما الاعتصامات التى ستبدأ غداً. المثقفون قبلوا حكومة معيبة، وقبلها انتخابات رئاسية معيبة، وصمتوا، لكنهم تظاهروا عندما تعلق الأمر بوزارة تخصهم بشكل مباشر ألا يعنى ذلك سلبية منهم؟ المثقفون لم يقبلوا بما تقول، وإنما فعلوا أقصى ما يستطيعون للاعتراض والتنبيه والتحذير، ومادمت قبلت بمبدأ الانتخابات منذ البداية فلابد أن تحترم نتيجتها، حتى لو كانت مشكوكاً فى صحتها، المشكلة أننا قبلنا منذ البداية بانتخابات كنا نعرف ما ستصل إليه، كما أن المثقفين كانوا يرتكنون إلى أن ملفهم مؤجل الآن من المواجهة، لكن الآن أصبحت المعركة مباشرة وجاء دورهم، وشعروا بأنهم شخصياً مستهدفون، وهناك استهانة بهم وبوزارتهم، فالوزارة دورها تشغيل وتدوير العمل، إنما وقودها الحقيقى هم المثقفون، وما يجرى يمثل اعتداء شخصياً عليهم. هذا يحول الأمر إلى مظاهرات فئوية قصد متخذ القرار أن تبدو هكذا؟ لا، المثقفون ليسوا موظفين فى الوزارة، بل هى المتنفس الذى ينشر إبداعهم وفكرهم ويرعى فعالياتهم، ولعلنا نذكر أن مواقف المثقفين كانت تتحكم بشكل ما فى توجهات الوزارة حتى أيام الرئيس السابق مبارك، فمصر مثلاً أغلب مؤسساتها كانت تطبع، ولكن وزارة الثقافة بأمر المثقفين رفضت التطبيع ولم تحد عن هذا الموقف أبداً. كيف نخرج بهذه المعركة من إطار الوزارة إلى معركة للمستقبل مع حركة الشارع؟ الأمر ليس معركة على الوزارة، فليس هناك مثقف من المعترضين لديه طموح أن يصبح وزيراً، كما أنها ليست معركة من أجل شخص وهذا واضح جداً، إنها معركة على توجه ثقافى للدولة وهم أدركوا ذلك، وهذا ما دفعهم لمثل هذه المواقف من أجل تغيير هذا التوجه بما يناسب هواهم، أعنى من فى الحكم. كيف ستنتهى هذه المعركة فى رأيك؟ لا أعرف، ولكنها ستكون حاسمة فى مستقبل مصر فى الفترات المقبلة، لأنها وزارة تتحكم فى تلوين ثقافة المجتمع بصبغة قد تكون جديدة ومختلفة إذا خسرنا المعركة، وقد تكون هى الصبغة المصرية الحقيقية إذا كسب المثقفون المعركة. هل ستكسبون المعركة؟ كل معركة تتساوى فيها نسبة المكسب والخسارة. نسبة النجاح كم فى رأيك؟ على قدر أهل العزم تأتى العزائم، بقدر قوتك يكون حجم مكسبك، قوتك تجبر الآخر على القبول بما تطلب هذه هى السياسة، فإذا ناضل المثقفون وصمدوا سيكسبون تماماً. وما مدى المكسب الشخصى لك من هذه المعركة؟ كسبت كثيراً جداً، أكثر مما أتخيل، لأننى متعود على العمل وعلى الخدمة الثقافية بضمير وطنى حى، ومصر كلها تعرف أنني ذهبت إلى نيابة أمن الدولة مرتين فى العهد السابق مرة بسبب ألف ليلة وليلة، ومرة بسبب المعلم يعقوب، كما أننى كسبت احترام الناس وحبهم وهذا هو الأبقى، وأنت تعمل لا يصح أن يبدى الآخرون رأيهم فيك، لكن نتيجة عملك هى التى تتحدث عنك، والحمد لله سررت جداً برأى الجميع فى الإنجازات التى حققتها فى هيئة الكتاب. بمناسبة القضايا والتحقيقات، إلى أين انتهت تحقيقات الفساد فى مكتبة الأسرة فى العهد السابق؟ لا أعرف، كل ما أعرفه أنه تم استدعائى بعد تسلمى العمل فى الهيئة بيوم واحد، من نيابة الأموال العامة، يطلبون ملفات مكتبة الأسرة، وذهبت بهذه الملفات، وللأمانة كانت هناك سنوات بلا ملفات. أى سنوات بالتحديد؟ كثير، ليس هناك ملفات إلا للسنوات الثلاث الأخيرة قبل تولى مسئولية هيئة الكتاب، عموماً أنا لست طرفاً فى التحققات. هذه الملفات هل تمس شخصيات محددة؟ لا داعى، لكن بعضهم مكتبات كبيرة الآن. هناك مشروعات كثيرة بدأتها فى الهيئة وهى معلقة الآن، فما مستقبل هذه المشروعات؟ يسأل فى هذا رئيس الهيئة الجديد، وقد علمت الآن أن هناك بعض كبار الكتاب قرروا سحب أعمالهم التى قدموها للنشر وطالبوا بإلغاء عقودها. يطالب المثقفون الآن بمشروع ثقافى أهلى مواز لعمل الوزارة، ما رأيك فى هذه الفكرة وهل ستكون جزءاً منها؟ هذا هو الحل الوحيد فى الحقيقة، فالثقافة هى نتاج عمل المثقفين وكل المثقفين الآن يبتعدون عن الوزارة، ومن أجل هذا اكتسبت المعركة زخماً ومن أتوا بعلاء عبدالعزيز لا يعرفون ذلك، حتى فى ظل وزارة على هوى المثقفين، فكل إمكاناتها لا تكفى للمشروعات الكبيرة واحتياجات المصريين، لأن لدينا فى مصر أكبر حركة ثقافية، وأكبر الأسماء على كل الأصعدة، ولهذا تحتاج مؤسسات العمل الأهلى العاملة فى مجال الثقافة إلى الدعم الكبير سواء كانت الوزارة “بصحتها" أم كانت عكس ذلك، وطبعاً ستنفجر الآن المبادرات والمشروعات الثقافية خارج الوزارة الرسمية وبالتأكيد أننا جزء من أى مشروع ثقافى أهلى مدنى ومستعد للتطوع فيه تحت أى ظرف وأى مسمى والأيام المقبلة تحمل الكثير من المفاجآت، وأسمح لى أن أتكتم على التفاصيل الآن. أدرك المثقفون الآن أن النظام الحاكم لا يريدهم، فهل يعودون إلى العمل ضمن صفوف الجماهير مرة أخرى؟ رب ضارة نافعة، والمثقفون يعملون بين الجماهير طوال الوقت، والأيام المقبلة ستشهد تكثيفاً لهذا العمل، وسيغيرون طبيعة الصراع السياسى فى الشارع، وهذا أهم من معركة الوزارة نفسها. هل تضامن معكم أحد من الحركات الشبابية فى الشارع الآن مثل “البلاك بلوك" و"تمرد"؟ أولاً: هناك فرق كبير بين “البلاك بلوك" و"تمرد" الأولى بالنسبة لى لا تزال مجهولة الهوية، ولديها مشكلة حقيقية هى أن أى أحديلبس قناعاً، حتى لو كان مخرباً، سينسب نفسه إلى حركة البلاك بلوك، وخصوصاً أنها جماعة ليست واضحة المعالم والأهداف ولا واضحة الأسس، إنما حركة تمرد موضوعها مختلف، فهى حركة حقيقية تضرب الأساس الذى يستند إليه النظام، وهو صندوق الانتخابات وهى مجدية جداً وتثبت للداخل والخارج أن أغلبية الشعب ضد ما يحدث فى مصر. لماذا غاب دور الأحزاب المدنية فى أزمة وزارة الثقافة الحالية؟ برامج الأحزاب تخلو من الثقافة، مع أن السياسة فى العالم كله تعنى الثقافة، وأن مصر ملكت العالم العربى بثقافتها، وعندما تراجعت ثقافتها، تراجعت سياسياً، ومع الأسف كل الأحزاب لم تبد أى تضامن مع ما يجرى فى وزارة الثقافة ومحاولات هدمها. إذن هناك استسلام لأخونة وزارة الثقافة؟ بالتأكيد، حتى لو لم يكن الوزير إخوانياً، فسيأتى على رأس الوزارة من يؤمن بمبدأ السمع والطاعة. وجبهة الإنقاذ ما موقفها مما جرى فى الوزارة؟ لا شىء، مع أنها كيان مهم، ويحتاج إلى تفعيل، هل يصدق أحد أنه لم يتضامن معنا أى حزب مدنى أو كيان حتى الآن باستثناء مواقف المثقفين الفردية وجبهة الإبداع، وكأننا أقل من القضاء والإعلام.