أجرى الحوار فى مقديشو: محمد أمين المصرى – أسماء الحسينى - تعهد حسين عرب عيسى، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الصومالى، بمواصلة الحرب ضد مسلحي حركة شباب المجاهدين الذى قال إنهم يواصلون تعنتهم وعدوانهم، مهددا بطردهم من كامل التراب الصومالي. وطالب عرب الشعب الصومالي والدول العربية والمجتمع الدولى بمساعدة حكومة بلاده التي تسعى من أجل استعادة الأمن والاستقرار فى الصومال.. وكانت حركة الشباب الإسلامية المسلحة التي تخوض حربا مع الحكومة الصومالية قد انسحبت من مقديشو تحت ضغط من قوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال قبل بضعة أشهر، ثم عادت إلى شن هجمات انتحارية فى العاصمة، وامتد نشاطها أخيرا إلى كينيا، مما أدى إلى دخول الأخيرة على خط المواجهة، وشن هجمات عنيفة على الحركة داخل الأراضى الصومالية. وفيما يلي نص الحوار: هل تستمر القوات الحكومية فى التصدي لشباب المجاهدين؟ أم يعاود الشباب تقدمهم فى العاصمة مقديشو بعد انسحابهم منها أخيراً؟ من المؤكد أن القوات الحكومية ستواصل عمليات مطاردة شباب المجاهدين، ونحن فى الوقت الراهن نحكم سيطرتنا على المناطق التى استعدناها ونقوم بحمايتها والعمل على استقرار الأمن بها من أجل المواطن وحمايته. وأعتقد أن شباب المجاهدين لن يكرروا عملياتهم فى المناطق التى سيطرنا عليها، ولكن هذا لا يعنى أن عملياتهم ستنتهي تماما فهم لا يزالون أمرا واقعا ويشكلون قوة فعلا، ونحن مستعدون للتصدي لهم فى أي وقت. متى يصبح الجيش الصومالي جيشا قويا وتحت عقيدة قتالية موحدة وليس مجموعات متفرقة؟ نحن الآن بصدد القيام بعمليات تدريب للقوات المسلحة الصومالية حتى تكون قوات وطنية - قومية – لتتولى عملية تحرير الصومال.. وأستطيع القول إن لدينا قوات مدربة استطاعت إزاحة شباب المجاهدين من المناطق التى استولوا عليها في السابق. بيد أن الجيش سيصبح قويا عندما يتلقي تدريبات عسكرية عالية المستوى وكذلك بعد الحصول على معدات ومركبات عسكرية متطورة نحن فى حاجة إليها، وهو الأمر الذي سيسمح لنا بالانتشار فى جميع ربوع الوطن. هناك حديث كثير حول تسليح وتدريب الجيش وثمة مؤتمرات عديدة تعقد فى دول العالم بهذا الخصوص.. فهل استفدتم من هذه المؤتمرات التى تتحدث عن تأمين الأوضاع فى الصومال؟ نحن نواصل عمليات تدريب القوات الحكومية عسكريا، وقد عاد نحو ألف جندي صومالي من الخارج، فيما يتنظر عودة 600 آخرين يتلقون تدريبات بالخارج، خصوصاً أن عمليات التدريب لدينا تستهدف دعم الجندي الصومالي عسكريا بتلقيه تدريبات جيدة وتسليحه بما يكفي. وأتمنى فى هذا الصدد أن يعود شباب المجاهدين لرشدهم وينضموا إلينا فى عملية السلام الذي ننشده، وندعوهم للحوار والانضمام إلى القوات الصومالية، ونأمل أن يتحقق هذا قريبا. هل تعمل القوات الصومالية على حماية المساعدات الإنسانية للمتضررين من المجاعة من هجمات الشباب، كما أن هناك تقارير تفيد بفساد بعض الجهات الحكومية واستغلالها لهذه المساعدات؟ أعلم أن هناك حديثا عن الفساد يدور حاليا في الأروقة المختلفة.. ولكن الحكومة والقوات الصومالية وضعتا خطة لحماية جميع هيئات الإغاثة والإشراف علي عمليات توزيع المساعدات. ويتولي هذه العملية مكتب رئيس الوزراء، حيث تم تشكيل هيئة مستقلة تكون مهمتها الأشراف على عمليات الإغاثة في الوقت الذي تحمي فيه القوات الحكومية والشرطة المعسكرات عملية توزيع الأغذية حتى قبل أن تتلقي شكاوي بوجود أي مضايقات، وتقوم كذلك بمهام كبيرة لإنجاح هذه المهمة، ونحن نعتزم نشر القوات الحكومية فى مناطق مختلفة بالصومال لتأمين هذه المساعدات. القوات الحكومية هل ستظل محصورة ومحاصرة فى العاصمة ويقوم عملها على رد الفعل فقط.. أم تمتد مهمتها وتشن هجمات على حركة شباب المجاهدين فى مناطقهم؟ الهدف الرئيسي للقوات الصومالية هو تأمين مقديشو وحمايتها، وفي الوقت نفسه القيام بمهام أخرى في المناطق المختلفة، علما بأن مهمتنا صعبة خصوصاً أن الصراع مستمر ولم ينته بعد. وهل يعنى هذا أنهم لايزالون على قوتهم السابقة.. وكيف يمكنكم استثمار الخلافات التى دبت بين قادتهم؟ نعلم أن الخلافات نشبت في أوساط قادة الشباب ولم يعودوا أقوياء كما كانوا في السابق، ولكن هذا لا يعنى أنهم لا يشكلون قوة، فعلينا التعامل مع هذا الأمر، وعلينا أيضا الحديث معهم لحثهم على الانضمام إلى القوات الحكومية وتدشين عملية السلام إذا أرادوا الحوار معنا. فنحن منفتحون على الآخر، وأنا شخصيا أرحب بهذا الحوار إذا ما أرادوا التفاوض معنا، وعلينا فى النهاية تبادل الآراء معا كصوماليين والعمل على حل مشاكلنا بأنفسنا للتوصل إلى السلام المنشود من أجل الصومال الموحد والمسالم. ما تقييمكم لعمل القوة الإفريقية؟ وما مدى تعاونكم معها؟ لدينا علاقات ممتازة طوال فترة عمل القوة الإفريقية، وهم يعتمدون علينا فى بعض المناطق، ونتوقع استمرار التعاون نفسه مستقبلا، حيث ننتظر الآن إرسال المزيد من الجنود الأوغنديين، في حين تصل قريبا قوة من جيبوتي وأخرى من سيراليون وبعض الدول الأخرى. ولكن الهدف المهم الآن هو الاعتماد على القوات الصومالية، وهذا يتحقق فى الواقع عبر تلقي التدريبات القتالية والعسكرية ثم دعم القدرات التسليحية والسيطرة، فكل هذا سيساعدنا بلا شك فى إحكام سيطرتنا على مختلف المناطق. هل هناك حاجة لدخول قوات إفريقية عربية من الجزائر ومصر مثلا؟ نأمل هذا، وسنطلب انضمام قوات عربية لتكون ضمن القوة الإفريقية، فهذا يخدم مبدأنا وهدفنا هو تحقيق الأمن والاستقرار. ولدينا تعهدات، ولكن حتى الآن لم يتم إرسال قوات من دول عربية، ونتوقع أن ترسل مصر بعض القوات لمساعدتنا بقدر الإمكان. ولعلي وأنا أتحدث هنا إلى الرأي العام المصري والعربى أدعوه إلى مساعدتنا وإمدادنا بقوات وإمكانات قتالية لتحقيق وإنجاز مهمتنا في جعل الصومال حرا وبلدا كفؤا قادرا على إدارة أموره. وهذا يدفعنى أيضا إلى دعوة كل الدول الإسلامية لمساعدتنا، ليس فقط من أجلنا ولكن من أجل دعم دولة مسلمة. ومتى تصبح القوات الحكومية قادرة على الحل محل القوة الإفريقية؟ الخطة الآن هى العمل في إطار خطة طريق تسمى “استقرار الأمن الوطني" وهى خطة تعمل أيضا على إحلال قواتنا محل القوة الإفريقية، ونأمل إنجاز هذه العملية قريبا، خصوصاً وأننى على يقين بأن قواتنا الحكومية لديها القدرة على إنجاز المهمة. هل عرض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إرسال قوات تركية للعمل إلى جانب القوة الإفريقية؟ لا.. لم يعرض إرساله قوات، ولكنه عرض مساعدات غذائية وصحية ومشروعات مهمة لإعادة البناء والتعمير، وهذا أمر لم تفعله دول أخرى، ونتمنى من الدول العربية والإسلامية القيام بما قام به أردوغان الذي نتقدم له بالشكر لزيارته المهمة على رأس وفد كبير، وسنظل ممتنين له على تلك الزيارة الطيبة التى اصطحب فيها عائلته فى لفتة إنسانية نقدرها جميعا، فمبادرته فتحت الباب من أجل دعم الصومال. ما تقييمكم للموقف العربي؟ آه (خرجت بتنهيدة طويلة).. علاقاتنا مع العالم العربي تاريخية وأزلية، ولكن سؤالنا هو: “هل تودون المشاركة فعلا فى إحلال السلام فى الصومال؟".. نعلم أن هناك مساعدات غذائية وطبية وتوفير مياه صالحة للشرب، ولكننا نود أن يكون الدعم العربي الحقيقي فى مجالات التدريب والتعليم والصحة والجيش حتى نرى إنجازات على الأرض وليس مجرد كلام. هل يعنى انتهاء عهد القذافي تراجع عمليات تمويل ودعم حركة شباب المجاهدين، وهو الأمر الذى تؤكده أوساط صومالية كثيرة التقيناها؟ نحن نسمع كلاما كثيرا حول هذا الموضوع، بيد أننى لا أستطيع الحديث عن شائعات تتردد هنا أو هناك، رغم ما يقال عن قيام النظام الليبي السابق بدعم بعض الدول الإسلامية والإفريقية. ولكنى لا أستطيع أن أجزم هل قام بدعم شباب المجاهدين أم لا وليس لدي دليل على هذا. وما رأيكم فى ثورات الربيع العربي؟ أعتقد أنها ظاهرة صحية تماما وجيدة من أجل التغيير، وهي ظاهرة تعبر عن قدرة الشعوب فى إجراء هذا التغيير وتحقيق ما تريده، وهي ظاهرة صحية أيضا لأنها تؤكد قوة الشعوب على إنجاز أهدافها الحقيقية. وهذه الظاهرة هى في الواقع تعبر عن رسالة يجب أن يتعظ بها كل حاكم، ومفادها أن الشعب هو الذي يملك كلمته طالما اقتنع بالانخراط فى العمل السياسي والمشاركة فى رسم ملامح مستقبل بلده. نظر البعض للصومال على أنه دولة فاشلة وأنه لن يكون هناك صومال موحد أو استقرار.. فهل تعتقد أن الصومال سيعود موحداً أو مستقرا رغم ما يتردد عنه حاليا؟ أعتقد بنسبة ٪100 بأن الصومال سيعود بلدا موحدا ومستقرا، وأعتقد أيضا بأن الحكومة الصومالية تعمل على تغيير مثل هذه الكلام، وهى تواصل عمليات السيطرة على مجريات الأمور. والصومال سيصبح كما كان دولة موحدة وشعبا عظيما وعضوا فاعلا فى المجتمع المتحضر، وبلدا حاضرا فى العالم الإسلامي والقارة الإفريقية، وسيعود الصومال مجددا للمشاركة فى جميع الفاعليات الدولية فى المستقبل القريب.. ومن هنا، أقول لشباب المجاهدين: نحن نمد أيادينا إليكم لنعمل من أجل إحلال السلام، ولنتكاتف معاً ونترك الماضي بآلامه وننظر معا إلى المستقبل.