"التنظيم والإدارة" يتيح الاستعلام عن موعد الامتحان الشفوي بمسابقة وظائف "شئون البيئة"    جامعة بورسعيد ضمن الأفضل عربيًا في تصنيف QS البريطاني 2025    رئيس أركان حرب القوات المسلحة يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -13" باليونان    وزير الإسكان يستقبل محافظ الأقصر لمتابعة مشروعات "حياة كريمة" لتطوير الريف    اتحاد منتجي الدواجن: المزارع تعمل بكفاءة 60% وتراجع أسعار الكتاكيت 40%.. فيديو    جهود مصر لتعزيز الاستثمارات الأجنبية.. خطوات تنسيقية مع البنك الدولي والهيئات الوطنية    زيادة مرتقبة في الأجور| رئيس "العمال" يزف بشرى سارة.. وأنباء عن 15% في المعاشات    انتعاشة في حركة تداول السفن والحاويات في ميناء دمياط    المجلس التصديري للطباعة والتغليف يطلق بعثة تجارية إلى تركيا    برلماني: مشاركة الرئيس بقمة تجمع البريكس تعزز التوسع في شراكات اقتصادية واستراتيجية    استشهاد 8 فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي مخيم جباليا شمال غزة    وزير الخارجية الإيراني: الوضع في غزة ولبنان كارثي ولا بد من وضع حد للعدوان الإسرائيلي    المهمة ال11 منذ اندلاع حرب غزة.. بلينكن يصل إلى إسرائيل ضمن جولة للمنطقة    الأهلي يستعد لمواجهة الزمالك.. كولر يوجه جهازه الفني لدراسة نقاط القوة والضعف    نشاط للرياح واضطراب في حركة الملاحة البحرية بالإسكندرية    إصابة 8 عمال في انقلاب سيارة ربع نقل بالشرقية    بسبب الميراث.. شخص يعتدى على شقيقة بكفر الشيخ    في الاسكندرية والسويس.. الداخلية تضبط مخدرات ب5 ملايين جنيه    خبير أثري: ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني ليست الوحيدة    وسط حشود سياحية.. الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثاني بأبو سمبل (فيديو)    الصحة: 1250 طبيبًا من ملتحقي برنامج الزمالة المصرية يشاركون بجلسات مؤتمر السكان    طعوم منتهية الصلاحية لتلاميذ المدراس .. الصحة تكذب الممرضة المدعية: التطعيمات آمنة    أول رد من الصحة على فيديو متداول يدعي فساد تطعيمات طلاب المدارس    الرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية بحضور 300 مشارك    جامعة القناة تواصل دورها المجتمعي بإطلاق قافلة شاملة إلى السويس لخدمة حي الجناين    من أكرم إلى ياسر في مسلسل برغم القانون.. لماذا ينجذب الممثلون لأدوار الشر؟    أميرة أديب توجه رسالة ل شريف سلامة بسبب مسلسل «كامل العدد +1»    معلومات الوزراء: كبار السن سيمثلون 16% من إجمالي سكان العالم 2050    الجنايات تحسم اليوم مصير أحمد فتوح بتهمة القتل الخطأ تحت تأثير المخدرات    تحرير 619 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    طلاب التربية الخاصة ب«تعليم البحيرة» يصعدون لنهائيات الكرة الخماسية    محظورات فى قانون مزاولة مهنة الصيدلة، تعرف عليها    النجمات لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم في ضيافة «الليلة العمانية» بالأوبرا    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالشرقية    الكرة النسائية.. المدير الفني لفريق سيدات "مسار" يطالب الاتحاد بحلول لظاهرة الهروب من المباريات    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 والقنوات الناقلة    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    «التموين»: طرح بيض المائدة في المجمعات الاستهلاكية بسعر 150 جنيهًا في هذا الموعد    «الأزهرى» يشارك فى حفل تنصيب الرئيس الإندونيسى نائبًا عن «السيسى»    للمسافرين.. تعرف على مواعيد القطارات اليوم على خطوط السكك الحديد    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    الأمم المتحدة تدين القصف الإسرائيلي العنيف للمناطق الحضرية والسكنية في لبنان    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    مستشفى كمال عدوان بغزة يطالب بفتح ممر إنساني عاجل    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    إبراهيم فايق واقعة ثلاثي الزمالك: كانت خناقة شوارع وغلطنا غلط كبير    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    عبدالرحيم علي: ضرب المفاعلات النووية الإيرانية أول ما ستفعله إسرائيل في "الرد"    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    عضو رابطة الأندية: قرعة الدوري ليست موجهة.. والمقارنة مع عامر حسين «صعبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدم إرشادهم ومساعدتهم خيانة:
المكفوفون كرمهم الإسلام وتجاهلهم المجتمع

رعاية الإسلام للمكفوفين بلغت حدا كبيرا من السمو والرفعة‏,‏ فمنذ أن عاتب الله سبحانه وتعالي نبيه محمدا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لتجاهله الصحابي الجليل ابن أم مكتوم بقوله‏(‏ عبس وتولي‏,‏ أن جاءه الأعمي‏,‏ وما يدريك لعله يزكي‏,......)‏ أصبح احترام الكفيف توجها إسلاميا, وقيمة دينية كبري, حظي المكفوف في ظلالها بكل مساندة ودعم وتقدير, حتي وصل بعضهم إلي درجات كبيرة من العلم والمجد والنبوغ, وكما حرم الإسلام كل ما يخل بتكريم الإنسان الذي جعله مكرما في آدميته, فجعل من المحرمات والكبائر السخرية والاستهزاء من ذوي الإعاقات.
ولكن نري المكفوفين أو ذوي الاحتياجات البصرية كما يفضلون أن يطلق عليهم هذه الأيام يشكون مر الشكوي من تجاهل المجتمع لهم, وسلبهم حقوقهم, وإحساسهم بأنهم عالة, مما أصابهم بالإحباط والفشل, لذلك حاولت صفحة الفكر الديني هذا الأسبوع الاقتراب من نماذج مشرفة في المجتمع, حاربوا الظلام بالإيمان, وقتلوا اليأس بالعمل, ووصلوا إلي أعلي الدرجات العلمية, لمعرفة طلباتهم المشروعة من المجتمع, والتي تمثل الحد الأدني من حقوق الإنسان.
في البداية يجب تذكير القراء بأن كثيرا من الصحابة رضي الله عنهم- كفت أبصارهم في أواخر حياتهم ومنهم عبد الله بن عباس, وكعب بن مالك, وعبد الله بن عمرو, وسعد بن أبي وقاص, وغيرهم, وقد قيل لسعد بن أبي وقاص: لم لا تسأل ربك أن يعيد إليك بصرك وأنت مستجاب الدعاء؟ قال: بلغني أن الله تعالي قال في الحديث القدسي من أفقدته حبيبتيه( عينيه) وصبر فله الجنة.
صعاب وعقبات
يقول مصطفي أمين مدرس لغة عربية في مدرسة النور والأمل بمصر الجديدة إنني لم أولد كفيفا, حيث التحقت بالتعليم الابتدائي في عام1979 وأنا مبصر, وتخطيت مراحله حتي وصلت للصف السادس, وفي صيف عام1984 بدأ نظري يضعف شيئا فشيئا, حتي وصلت لمرحلة فقد البصر نهائيا, واضطر والدي لالحاقي بمدرسة طه حسين للمكفوفين بمنطقة الزيتون في القاهرة.
وكان في ذلك الوقت نظاما متبعا في التعليم ينص علي خصم عامين من عمر الطالب التعليمي المنقول من مدرسة للمبصرين إلي مدرسة للمكفوفين, وهذا النظام جعلني التحق بمدرسة طه حسين بالصف الرابع الابتدائي بالرغم من انني انهيت الصف السادس في التعليم العادي, وبدأت بعد ذلك رحلتي في تعلم لغة برايل التي تعتبر أهم أعمدة التعليم بالنسبة لذوي الإعاقة البصرية.
ويرجع الفضل لوالدتي بعد الله سبحانه وتعالي في تعلمي لغة برايل وتخطي كل الصعاب والعقبات التي كانت تواجهني في حياتي, وعلي الرغم من عدم حصول والدتي علي قسط وافر من التعليم حيث إنها خرجت من المدرسة في الصف الرابع الابتدائي إلا أنها تحدت الصعاب وتعلمت لغة برايل حتي تستطيع مساعدتي, وبفضل هذه المساعدة حصلت علي المركز الأول في المدرسة في الصف السادس الابتدائي عام1987, والتحقت بالمرحلة الإعدادية بنفس المدرسة, ثم المرحلة الثانوية التي انهيتها بتفوق عام.1993
وفي عام1994 بدأت مرحلة جديدة في حياتي بعد التحاقي بكلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة عين شمس, وكان الجديد في هذه المرحلة هو طريقة التعلم, فبعد التعود علي المذاكرة بطريقة برايل الخاصة بالمكفوفين, اكتشفت أن الجامعة لا يوجد بها كتب خاصة بالطلبة المكفوفين, فكنت مضطرا إلي أن يقوم أحد الزملاء بتسجيل الكتب بصوته علي شريط كاسيت حتي استطيع سماعها بعد ذلك وتحصيلها, كما كنت أقوم بكتابة المحاضرات بطريقة برايل حتي استطيع الرجوع اليها وقت الحاجة.
وفي أثناء الدراسة الجامعية حصلت علي دورات في اللغة الألمانية من معهد جوتا وكان الهدف من ذلك هو محاولة السفر إلي ألمانيا لتدريس اللغة العربية هناك, مثلما يأتي الألمان الينا لتدريس اللغة الألمانية, ولكن فشلت هذه المحاولة بسبب عدم إيجاد مساعدة من الآخرين.
وكانت أصعب لحظات مررت بها في حياتي التي اعقبت التخرج, فبعد كل هذا المجهود والتعب والسهر لم أجد فرصة عمل في تخصصي, وكنت أقابل بشيء من السخرية عند التقدم لوظيفة, وكانوا يقولون لي أنت تجلس في البيت واحنا نجبلك مرتبك عندك مما كان يشعرني بأنني أصبحت عالة علي المجتمع,وكثيرا ما أصابني الإحباط الشديد, ولكن ايماني بالله سبحانه وتعالي جعلني اكرر المحاولة للحصول علي حقي في المجتمع الذي أعيش فيه, حتي استطعت بفضل الله الحصول علي وظيفة مدرس لمادة اللغة العربية في مدرسة النور والأمل بمصر الجديدة عام1998, وبعد الحصول علي وظيفة شعرت بأن لي دورا في المجتمع الذي أعيش فيه, وخاصة عندما أجد تلامذتي يقومون بزيارتي وهم في المرحلة الجامعية حاليا. وانصح كل أم وأب لديهما ابن من ذوي احتياجات بصرية بعدم النظر إليه علي أن به عيبا أو نقصا, ولكن هي نعمة كبيرة انعم بها الله عليه وعليهما, لان الرسول عليه الصلاة والسلام قال من فقد حبيبتيه وصبر فله الجنة, وانصحهما بتأهيله وتعليمه طريقة برايل, ولا يتم عزله عن المجتمع, وأن يتركاه يمارس حياته بصورة طبيعية, والآن يوجد مجالات كبيرة لتعليم الكمبيوتر لذوي الاحتياجات البصرية والاستفادة منه في التواصل الاجتماعي وكسب خبرات اكبر في حياتهم.
ويقع الدور الأكبر للطفل الكفيف علي الوالدين والأصدقاء, وبالنسبة لي شخصيا لم يشعرني والداي باني كفيف في يوم من الأيام, وكان كل منهما وسيلة لي لتحقيق طلباتي ورغباتي.
احترام عصا الكفيف
أما سامح سالم موظف في مستشفي مغربي للعيون فيقول: إنني تخرجت في قسم اللغة الانجليزية في كلية الآداب جامعة حلوان عام2006, وذقت الأمرين في البحث عن وظيفة كريمة- مدرس لغة انجليزية حتي أستطيع الاعتماد علي نفسي وفتح بيت مثل كل الشباب ولا هو الكفيف حرام أن يتزوج ويفتح بيتا؟ ولكن لم يوفقني الله سبحانه وتعالي في الحصول علي هذه الوظيفة الحكومية, مع أن القانون يكفل لي العمل ضمن نسبة ال5%, ولكن يبدو أن هذا القانون حبر علي ورق, ولم أيأس وقررت العمل في القطاع الخاص, وبحثت كثيرا حتي وجدت فرصة عمل في مركز النور التابع لمستشفي مغربي للعيون.
وبالرغم من سلبي حقا من حقوقي وهو العمل في هذا المجتمع الذي أعيش فيه, لكني لم أحزن كثيرا, وكيف أحزن وأغلب الأمور غير مستقيمة في هذا البلد الذي نحبه ونعشقه, فكل الطرق سيئة ولا تصلح لسير الكفيف عليها, نظرا لعدم انتظام ركن السيارات في أماكن محددة, ناهيك عن عدم احترام الرصيف الذي من المفروض أنه مخصص للسير في جميع دول العالم, ولكنه في مصر مخصص للباعة الجائلين, بالإضافة إلي عدم احترام إشارات المرور التي تجعل من الاستحالة عبور الشارع بمفردي, ولا بد من الاستعانة بصديق لفعل ذلك, ونجد مثلا في جميع الدول أن عصا الكفيف لها احترامها, فإذا رفع الكفيف عصاه تقف السيارات حتي يعبر الطريق, ولكن في بلدنا لا يوجد احترام لا للعصا ولا لمن يحملها, وأنني عندما أسير في الشارع وأجد أنه نظيف ومستقيم ينتابني شعور بالخوف, فربما يكون به حفرة أو بلاعة مجار ولكني عندما أجد الشارع كله مطبات وزحمة أسير عليه مثل الصاروخ.
أطالب من خلال جريدتكم المحترمة بضرورة قيام الدولة بتفعيل نسبة عمل ال5% الخاصة بذوي الاحتياجات البصرية, لأن تطبيق القانون سيجعل الكفيف مطمئنا علي مستقبله وان تعبه في المذاكرة وتحصيل العلم لن يذهب أدراج الرياح كما حدث معي, وسيعطي أملا لكل كفيف يبحث عن فرصة عمل, كما أطالب باحترام عصا الكفيف, لأن تلك العصا التي نسير بها ليس من قبيل التسلية ولكن لتعطي معني لكل من يشاهدها بأن يحترمها سواء في عبور الشارع أو في صعود المواصلات.
الكفيف هنا وهناك
ويوضح أحمد فاروق أمين استشاري التكنولوجيا المساعدة والتربية الخاصة والحاصل علي ماجستير التربية من جامعة بيتسبرج بأمريكا وزميل مؤسسة فورد الفرق بين معاملة الكفيف في أمريكا ومصر, حيث يقول إنني قضيت بأمريكا سنتين في ولاية بنسلفانيا عندما كنت أدرس في جامعة بيتسبرج عام2005, ولاحظت خلالهما أن المحور الرئيسي لقضية ذوي الاحتياجات البصرية هي نظرة المجتمع لهم, حيث يكون صاحب الاحتياج البصري في المجتمعات الغربية لديه مشكلة, وأما في مصر والشرق الأوسط فيعتبرونه مشكلة, والكل يحاول أن يتخلص من المشكلة, ومن هنا يأتي الفارق في التعامل, ففي أمريكا مثلا يتخلصون من المشكلة عن طريق إزالتها, فيحاولون أن يوفروا الإمكانات لكي ينجح ذو الاحتياج البصري, ويقدمون له التكنولوجيا المساعدة اللازمة, سواء في الدراسة أو العمل, كما أنهم يحاولون رفع كفاءتهم الوظيفية في الحياة العادية, وعلي سبيل المثال تجد المصعد الاسانسير تكتب عليه أرقام الأدوار بطريقة برايل, وأيضا أرقام الغرف في الفنادق والجامعات تكتب بنفس الطريقة لمساعدة ذوي الاحتياج البصري, وحتي يكون هناك تكافؤ في فرصة الحياة, كما أن الشوارع معدة لسير الأشخاص الذين لا يعانون من أي إعاقة, ولمن بهم إعاقة أيضا, مثل المنحدر للذين يسيرون علي كراس متحركة, وفي نهاية كل رصيف توجد إشارة توفر الأمن للعامة ومنهم ذوو الاحتياجات البصرية, ومن أهم الأمور التي توضح كيفية التعامل مع المشكلة المعاملات البنكية, فهناك كنت أمارس كل المعاملات البنكية بمفردي, ولا يشترطون أن يكون هناك مساعد, حتي يتم توفير الخصوصية الكاملة لكل العملاء ومنهم ذوو الاحتياجات البصرية, أما ماكينات صرف العملة, فكنت استخدمها بمفردي أيضا, لانهم حلوا المشكلة عن طريق الصوت, فكل ما هو مكتوب علي الشاشة مسموع, فقط اضع سماعة الأذن واسمع كل شيء وأدير حساباتي كما يديرها أي شخص سليم.
وإن من أحلامي في مصر أن تتغير فلسفة تعامل المجتمع مع ذوي الاحتياجات الخاصة, فبدلا من أن ينظروا إليهم علي انهم مشكلة, ينظرون لهم علي أن لديهم مشكلة, لان في مجتمعاتنا يتخلصون من ذوي الاحتياجات الخاصة المشكلة فيقولون لهم كيف تدرسون, ولا يحاولون البحث عن الكيفية المناسبة للدراسة, فنجد أن ذوي الاحتياجات البصرية جميعهم يدرسون شعبة الأدبي في الثانوية العامة, علي الرغم من ان هناك كثيرين منهم في أمريكا يدرسون الحاسب الآلي والعلوم, ومنهم مصريون, أما عن العمل فيقولون لذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام, كيف تعمل؟ وأين؟ وماذا تعمل؟, فيتخلصون من المشكلة ليس عن طريق اجلس في بيتك وخذ مرتبك( صدقة), والجدير بالذكر انها ليست صدقة من مالهم الخاص, لكن في مجتمعاتنا أضاعوا علي المجتمع قوة بشرية هائلة تستطيع تغيير وتحويل مسار هيئات وشركات بعينها, فهناك برغم هذه الظروف كفاءات تعمل بجد واجتهاد في مجال القطاع الخاص, فلي أصدقاء مثلا يعملون في قطاع الملابس الجاهزة والسيارات, والتدريب.
أما عن البنوك, فحدث ولا حرج, فذوو الاحتياجات الخاصة قام المشرع بضمهم إلي فئات القصر وفاقدي الأهلية, فلا يستطيعون إيداع أو القيام بأي معاملات بنكية إلا في وجود مساعد( معين) ناهيك عن ان ماكينات صرف العملة غير مؤهلة. الحلم يتلخص في أننا نريد أن تطل الثورة بنورها علي ذوي الاحتياجات الخاصة حتي تكون هناك ثورة في هذا المجال وليس تصحيح مجال, إننا إذا اردنا أن نعمل بجد واجتهاد في هذا المجال, فيجب أن نستعين بأهل الخبرة والعلم في وضع سياسات واضحة المعالم من اجل ترسيخ ان ذوي الاحتياجات الخاصة هم اناس عليهم واجبات ولهم حقوق مثلهم مثل غيرهم من نسيج المجتمع.
كفالة المجتمع للمكفوفين
وحول كفالة المجتمع لسد حاجات المكفوفين يقول الدكتور محمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية, إن المكفوفين هم أفراد ابتلاهم الله بعاهة, وعلي المجتمع أن يقدر ما ابتلي به هؤلاء العباد ويعينهم علي مواجهتها لأنهم غير قادرين علي الاكتساب شأنهم شأن الأفراد الأصحاء العاديين, وهذا ظاهر من قوله تعالي في الآية61 من سورة النور( ليس علي الأعمي حرج ولا علي الأعرج حرج ولا علي المريض حرج ولا علي أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا علي أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون).
ويضيف الدكتور الجندي أن هذا يعني أن الله سبحانه وتعالي قد التمس لهم الأعذار, وهو دليل علي أن المجتمع مسئول عن سد حاجاتهم والقيام بضرورات حياتهم من مأكل وملبس ومسكن وعلاج وتعليم لمن هو أهل له, ولا يجوز أن يتقاعس ولي أمر الأعمي عن تقديم كل سبل المساعدة والمساندة له باعتباره من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين ينبغي سد حاجاتهم والرفق بهم بصور المساعدات المختلفة, لان هذا واجب شرعي يتعين علي المكلف وهو ولي الأمر أو قريب هذا المكفوف أن يمد له يد الرعاية, فإذا لم يتمكن ولي الأمر من الوفاء باحتياجات هذا الكفيف فعلي أقاربه أن يتكفلوا بالإنفاق عليه والوفاء باحتياجاته, وذلك علي أساس أن من يستفيد من شخص عليه أن يتحمل أعباءه أو التزاماته, وهذا ما أمر به الشرع أولياء الشخص وأقاربه, فإذا لم يتوافر لهؤلاء الأولياء أو الأقارب الوفاء بهذه الاحتياجات فان علي الأغنياء ممن يعرفون بحالة هذا الكفيف أن يوفوا بواجبهم تجاهه لأنه مسئولية شرعية من قبيل التكافل المعيشي الذي قررته الشريعة. ويكمل الدكتور الجندي أنه قد جاءنا عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه قال( ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع إلي جنبه وهو يعلم به), وإلي هذا ذهب الفقهاء حتي إن الفقيه الموصلي الحنفي قرر بأن من علم بأن شخصا يتضور جوعا ففرض عليه أن يسد حاجته فأن لم يكن قادرا علي ذلك ففرض عليه أن يعلم الآخرين بسد حاجة هذا الشخص, فأن أصابه ضرر أو مات اشتركوا جميعا في الإثم, وهذه هي المسئولية التضامنية التي يفرضها الشرع الإسلامي علي الأغنياء لصالح الفقراء وعلي المجتمع لصالح كل فرد فيه في حاجة إلي مقومات الحياة الضرورية. كما أن علي الدولة إذا لم يقم أي فرد من أفراد المجتمع بسد حاجة الكفيف أو المحتاج أن تنفق عليهم من بيت المال أو الخزانة العامة, فهذا تكليف قرآني لضمان حد الكفاية لكل فرد في قوله تعالي في سورة طه( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعري. وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحي).
نعمة من الله
ويضع الدكتور زكي عثمان- رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر- روشتة علاج لكل مشكلات المكفوفين, حيث يقول إن ذوي الاحتياجات الخاصة أو البصرية سواء كانوا أكفاء وهذه اللفظة أكفاء حينما يبتلي بها الإنسان لا تكون وصمة عار في حياته, أو لفظة تتصادم مع مشاعره, وعقله, وفكره, فالكفيف أو شبه الكفيف, تلك نعمة من الله عز وجل, أنعم بها علي الإنسان المصاب, وان كانت في ظاهرها غضبا وسبه في بعض من البشر, ولكن حينما ننظر إلي هذه النعمة وما وراءها من منافع إيمانية ربما يسعد الإنسان, ولا يضيق بها ذرعا, ومن المنظور الإسلامي نجد الكفيف ضعيفا بلا شك, ولكن ضعفه يتحول إلي قوة حينما يقول لنا الرسول صلي الله عليه وسلم الضعيف أمير الركب والوصية بالضعفاء موجودة في الأحاديث النبوية إنما ترزقون بضعفائكم والقرآن الكريم يقدم لنا أروع مثل واحسنه وأفضله حينما ينزل سورة معاتبة النبي بسبب أعمي, وهي سورة عبس ثم ينصب الحديث علي هذا الرجل في قوله وأما من جاءك يسعي وهو يخشي فأنت عنه تلهي إن هذه القصة تنسج من القيم الكثير والكثير لكي تبين لنا أن الأعمي أو الكفيف أو ذوي الاحتياجات البصرية لهم دور فعال في حياتنا بشكل خاص وفي الحياة العامة بشكل أعم, فلقد كان لعبدالله بن أم مكتوم مكان ومكانة في الإسلام واستخلفه الرسول علي المدينة أكثر من مرة.
وللكفيف قوتان حقيقيتان, قوة الإرادة وقوة الإدارة, وقوة الإرادة مدعومة بالإيمان بالله والصبر والشكر, وحين ننظر إلي هذا التوجيه الإسلامي من قبل ربنا إذا ابتليت عبدي بإحدي حبيبتيه فصبر كانت له الجنة ولذا فإننا نقول لهؤلاء كونوا ذوي إرادة قوية مرتبطة بالأمل, وأما قوة الإدارة فعلي الكفيف أو الأعمي أن ينزع فتيل اليأس, ويجعل للأمل طريقا وللثقة بالنفس شموعا تضيء له الحياة.
ويضيف الدكتور عثمان أن للكفيف حقوق الإنسان بأكملها, حق الحرية والعدالة والكرامة والمساواة والحفاظ علي نفسيته, ألا يعيره أحد, وألا ينتقص من حقوقه, وأن يأخذ حقوقه الإدارية, وألا يتم تنحيته من المشاركة الفعلية في بناء المجتمع, وأن يؤخذ برأيه, ولا يهمش في الحياة, فكم من أكفاء ولكن لم يأخذوا حظهم في الحياة, وأعتبر هذا بلطجة فكرية, وأعتقد أن بعد ثورة25 يناير هناك أبواب مغلقة ستفتح, وعقبات كأداء ستزال, وموانع ستحطم وقيود ستنكسر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.